الفكرة وحدها لا تكفي

أحمد السلامي

لايزال بعض النقاد يروجون لمصطلح الأدب النسوي، ويتلقون ما تخطه الأنامل الرقيقة بترحاب كبير، من دون أن تتم مراجعة ما تكتبه حواء وإخضاعه لشروط الكتابة الإبداعية ومقاييس الأدب.

ويحدث أن تكتب إحداهن تحت عنوان الرواية مجموعة من الخواطر التي تحكي بانفعال ولغة مباشرة قصص نساء يواجهن طغيان المجتمع الذكوري الشرقي. ولكن، هل الفكرة بمفردها تكفي لإقناع القارئ بالتحمس لنص يخلو من القيمة الأدبية؟

المشكلة ان بعض الكاتبات لم يعد لديهن استعداد لتقبل النقد، ويجدن صعوبة في الفصل بين المجاملات والمديح الفارغ الذي يخلط بين جسد الأنثى وإبداعها.

غير ان ثمة أصواتاً بدأت أخيراً تطالب بالانحياز للإبداع والكف عن تسويق الوهم تحت مسمى أدب المرأة، على اعتبار أن الإبداع النسائي أوالرجالي لابد أن يتحقق بمعزل عن التصنيف البيولوجي للمبدع.

ولعل من نتائج التطبيل المجاني لما يسمى بأدب المرأة ظهور عدد من الأسماء من اللواتي لم يجدن من يفرق بين التضامن مع المرأة وإيهامها بأن ليس كل ما تكتبه يندرج في خانة الأدب.

وفي حقل السرد، يترجم الغربيون ما يقع في أيديهم من أعمال، مهما كان مستواها. فنجد أن بعض الكتابات التي تحسب على الرواية العربية الجديدة، تبدو في السياق السردي العربي مجرد مشروعات مرتبكة ينقصها الكثير لكي تصبح رواية، ويبدو أن المترجم الأجنبي لايزال يتعامل مع الأدب العربي بحس استشراقي يدفعه إلى الخلط بين الأدب وخواطر المراهقة وسن البلوغ.

وعند فتح هذا الموضوع للنقاش تحضر في البال صاحبة رواية«بنات الرياض» التي دشنت ولادة سيل من الروايات المتشابهة في عناوينها وركاكتها.

وتبقى المشكلة الأهم، وهي أن النقاد الذين يصعدون إلى المنصة في احتفالات توقيع الروايات الجديدة التي تكتب على هذه الشاكلة لا يتحرجون من امتداحها ومجاملة الكاتبات المبتدئات اللواتي لم يصارحهن أحد ويكشف لهن الفرق بين المذكرات الشخصية والرواية.

ومن خصائص مثل هذه الأعمال مراهنتها على عرض الأفكار والقصص المثيرة في قالب تقليدي يتجاهل التقنيات السردية، ولا تخلو من بروز الموقف الأيديولوجي المسبق، إلى جانب السرد المباشر للأحداث، وفي المحصلة النهائية يتبقى من الرواية فكرتها التي تفشل في التحول إلى عمل أدبي تتحقق له شروط السرد الحديث وأساليبه.

في هذا السياق وفي ظل الرواج الذي تشهده مثل هذه الأعمال، صار لزاماً على الناقد أن يمارس وظيفته بصرامة بالاستناد إلى السقف الذي وصلت إليه الرواية العربية في أبهى تجلياتها.

slamy77@gmail.com

تويتر