«بوكر» تنقذ الرواية

أحمد السلامي

تطالعنا الزوايا الثقافية في الصحف العربية بأخبار صدور أعمال روائية جديدة، بعضها يحمل عناوين تجارية تندرج تحت «ماركة» واحدة، تمتاز بفقدان القيمة الأدبية والفنية، والأمر لا يخلو من مجاراة لموضة سائدة تشبه إلى حد بعيد السينما الهابطة.

لست هنا في وارد انتقاد المضمون من وجهة أخلاقية، لأن توظيف التناقضات الاجتماعية هو ما ترتكز عليه الرواية في كل العصور، لكن المشكلة تكمن في التناول السطحي للأحداث وتوظيفها برؤية مباشرة، لا تنم عن امتلاك الراوي لمستوى من الوعي بأساليب السرد وفنونه وغاياته.

ويبدو أن السؤال الذي بات يطرح نفسه في بعض العواصم هو كم مخطوطة روائية تتلقاها دور النشر العربية الشهيرة على مدار العام، قياساً بالعناوين التي تنشر على هذا المنوال التجاري الذي يراهن على المبيعات، ولا يراعي السقف العام لذائقة القارئ الذي تجاوز الاستمتاع بما يكتبه المراهقون لتفريغ حالات الكبت التي يعانونها.

قد يقول بعضهم إن الكم الذي يصدر من الروايات يعتبر ظاهرة إيجابية، وأن الزمن كفيل بإنضاج التجارب، لكن الخوف أيضاً يكمن في اعتياد مؤسسات النشر على الربح السريع، ما قد يؤدي إلى منح مثل هذه الكتابات شرعية التناسخ والاستمرار على حساب الفن الروائي.

وحتى لا يبدو هذا الرأي تقليدياً، ويظهر صاحبه كمن يقف في وجه الإبداع الجديد، يمكننا التساؤل حول مدى ما اكتشفه النقاد من ظواهر أسلوبية جديدة تميز هذه الأعمال، وتبرر لكتابها تجاهل بديهيات السرد وتقنياته التي تحافظ على المسحة الأدبية للنص، وتجنبه الوقوع في مطب المذكرات والتداعيات التي تسبق الكتابة الناضجة.

ولعل من حسنات الجائزة العالمة لمللرواية العربية «بوكر» أنها أعادت القارئ إلى الغوص في أجواء الرواية العربية بثقة، ولا أخفي أنني كنت قد أصبحت أحد القراء المهاجرين إلى الرواية الغربية المترجمة.

وها جائزة «بوكر» في نسختها العربية تستعد لخوض دورتها الثالثة، بعد أن بلغ رصيد دورتيها السابقتين 12 رواية، والمؤكد أنها مع مرور الوقت ستمثل آلية جيدة لانتخاب الأعمال السردية التي تلامس شغف القارئ، وستمنح الأعمال الفائزة فرصة الترجمة إلى اللغات الأخرى، إضافة إلى إنقاذ الرواية العربية وإنعاشها، وتجنيب القارئ من الوقوع في فخ التجارب السردية الهابطة.

--- --- ---

«اكتشاف متأخر»

عندما شَعَر بألم في أسنانه

فكر في الذهاب إلى العيادة

وهناك اكتشف أن طبيبة الأسنان

كانت زميلته في الصف،

وتحت هذا التأثير اكتشف أيضاً أنها

اقتلعت صفاً كاملاً من أسنانه.

 

slamy77@gmail.com

تويتر