رياضة الجحود والنكران

ضرار بلهول

تحرص الدول المتحضرة، غالباً إن لم يكن دائماً، على التمسك برموزها وتخليدها سواء كانوا من السياسيين أو الكتاب أو الشعراء أو العلماء وغيرهم. فتخليد الرموز من أكبر الدوافع لكي يحاول كل ذي طموح أن يكون في بلده رمزاً يُخلد في ما بعد. أما عندنا، فدعونا نرى ما فعلناه برموزنا الرياضية التي أضاءت سماء رياضتنا في وقت كانت الظلمة فيها حالكة! وعلى سبيل المثال الاستاذ والمربي الفاضل جمعة غريب، والأب الروحي للدراجات جمعة جعفر، وأول حكم دولي إماراتي عبدالله الساي، والمرحوم كابتن منتخب الإمارات لكرة السلة محمد فوزان، وغيرهم كثير.

نعم، لقد قدمنا لهم كل ما نملك ونستطيع أن نقدم، ولكن من الجحود والنكران! فكم من قيادات في مجتمعنا الرياضي في شتى المجالات طواها النسيان، وعجزنا عن أن نمد لها يد العون في أوقات كانت في أمسّ الحاجة إلى من يقف معها ويقيلها من عثرتها الصحية أو المادية، فمنهم من يرهن منزله لكي يؤمّن مصروفات العلاج ومنهم من يحتضن ألمه ومعاناته بصمت فلا يجد من يقف معه إلا عن طريق مبادرات شخصية من هنا أو هناك، قد ينالها البعض دون الآخر.

الأمثلة في الوسط الرياضي كثيرة لمن هم أولى بالتقدير والتكريم والدعم من الرياضيين الحاليين الذين يقبضون الملايين ولم يقدموا للرياضة الإماراتية ولو جزءاً في العشرة من المائة ولا عُشر معشار ما قدمته الأسماء التي ذكرتها! هؤلاء أولى بالدعم من أي لاعب يقرر الاعتزال وتقام له احتفالات بالملايين! وإذا كان هذا اللاعب يستحق فهؤلاء أيضاً يستحقون أضعافاً مضاعفة مما سيقدم لهذا اللاعب، لأن هؤلاء قدموا للرياضة كل سنوات عمرهم ولم يقبضوا مقدم عقد ولا رواتب بعشرات الآلاف.

لماذا تعيش رياضتنا هذا الجحود؟! هل يرجع ذلك إلى عدم تبني مؤسساتنا الرياضية صيغاً قانونية تكفل لمثل هؤلاء نوعاً من التكريم أو التأمين المستقبلي؟! أو ربما تكمن المشكلة في غياب مفهوم الرمز الرياضي لدينا! أين حقوق رموزنا في الدعم والرعاية؟ أين الاتحادات الرياضية؟ أين المجالس الرياضية؟ وأين الأندية؟

رموزنا الرياضية لهم دَين في رقبة كل إماراتي وكل رياضي وهم كثيرون، فتراهم في كافة الأندية، فاللاعبون والإداريون في تلك الأندية ممن أقعدهم المرض أو العجز أو الفقر أولى بالملايين من اللاعبين الأجانب و«مصاصي الدماء»، السموحة، السماسرة. ولا يمكن أن أنسى في هذا المقام شيخ المدربين عبدالله صقر الذي أقل ما يقدم له نظير خدمته للرياضة في الإمارات تسمية أحد الملاعب أو إحدى الصالات باسمه، ليرى ذلك في حياته، أمدّ الله في عمره، لا أعلم هل من الضروري أن نقيم حملة لجمع التبرعات أو برنامجاً مشابهاً قريب المنال لدعم ومساعدة الرياضيين؟ متى سنكرّم رموزنا القدماء حتى نضمن ولادة رموز جديدة؟!

 

belhoulderar@gmail.com

تويتر