ملح وسكر

يوسف الأحمد

هذا هو حالنا مع الأبيض، فقلوبنا دائماً تهفو إليه في طلته وتحنو عليه في زلته وخطأه، لكن إلى متى ستستمر هذه المعاناة التي أصبحت هاجساً تزيد الجرح ألماً والنفس سقماً في كل مناسبة يطل فيها علينا. ماذا تبقى لنا من ماء وجه، وماذا تبقى من عذر أو تبرير نقدمه لأنفسنا ، هل نلوم الزمن أوالقدر أو نندب الحظ أم نلعن ميتسو وفلسفته التي أودت بنا إلى هذا الوادي السحيق. بالله عليكم ألا نخجل من أنفسنا ومن تلك الأعذار السخيفة، فكل تبرير يساق لنا أقبح من سابقه، وكل تفسير نجده أتفه ما يكون قريباً من واقعنا. فالبعض منا يجيد العزف على وتر الأحلام والأماني وانتظار المستقبل، ولكن إلى متى سننتظر هذا المستقبل. فكم من الوقت أهدرنا وكم من الدراهم بعثرنا والنتيجة عدنا إلى نقطة الصفر، و«كأنك يا بوزيد ما غزيت»!!

نحن ندرك صعوبة الوضع وأقسم أننا نعلم مكمن الخلل، لكننا للأسف نكابر ولا نملك الجرأة حتى في مصارحة أنفسنا، فلماذا نجامل على حساب الوطن؟ وهل يعقل أن نضع رؤوسنا في الأرض عند كل إخفاق وفشل ثم نعيد الكرّة مرةً أخرى؟. المضحك أن اللوم وُجه هذه المرة للأندية الأخرى والحجة عدم تعاونها وتجاوبها. كيف تتعاون وهي ترى تهميشاً لها و(تطنيشاً) لأميز لاعبيها الذين يستحق البعض منهم ارتداء القميص وإعطاء الفرصة كحال أنصاف اللاعبين الذين مروا على هذا المنتخب، حيث تعلموا ونهلوا على حسابه طوال السنين الماضية. أليس هذا وأداً لطموح المجتهد والمتفاني. لذا نعيدها للمرة الألف افتحوا الباب ولا تغلقوه وأعطوا الفرصة للجميع، اجعلوا المنتخب خليطاً من كل الأندية دون التركيز على فئة معينة، فلنجرب هذه المرة ولن نخسر أكثر مما خسرنا، فقط صفوا النية وسيأتي الرزق والنصر بعدها!!

قبل سنوات كنت قد تطرقت إلى آلية اختيار لاعبي المنتخب وكيف يتم تفضيل بعض الأسماء على أخرى متميزة ومجتهدة تكافح وتجاهد من أجل أن يتحقق حلمها بالانضواء تحت لواء الأبيض دون أن يتحقق هذا المسعى والمبتغى لها في ظل قاعدة «الأسماء معروفة والأماكن محجوزة ولا يوجد شاغر لعضو جديد بينها». فكم من الأسماء والمواهب التي خسرناها في الماضي بسبب هذا المنطق ولكونها لم تكن من أندية الصيت والنفوذ و«الظهر» القوي. حينها حذرنا من خطورة هذا الأمر ومدى سلبية العمل به على نتائج ومستوى المنتخب، الذي أصبح الآن تصنيفه الدولي بعد المئة «دون حسد». بل الأدهى من ذلك أن المنتخب كان ومازال محطة لتأهيل بعض اللاعبين لحساب أندية معينة، من خلال صقلهم وتأهيلهم بالخبرات الدولية على حساب المنتخب ونتائجه. اليوم نعيش هذه المعاناة و المأساة التي أصابت شعباً بأكمله وليس جمهور فقط، حيث أصبحنا بحاجة إلى ثورة تصحيح في المفاهيم والعقليات وتغليب المصالح العليا، فالأندية بحاجة إلى تغيير سياسة التدليل مع لاعبيها، ويجب أن يحاسب ويعاقب اللاعب عند تقصيره وتخاذله وتسيبه، بدءاً من بيته الأول «النادي» ثم المنتخب، فالوقت قد حان لإنهاء هذا المسلسل الممل، حيث أصبح لزاماً الآن فتح الباب أمام المتميزين المجتهدين دون استثناء. «خلاص»، ارحمونا من منطق الأندية الكبيرة والأندية البطلة، يكفينا ما ضاع من وقت ومن مال، ويكفينا «بهدله» لسمعة هذا المنتخب.!!

تويتر