من المجالس

عادل محمد الراشد

من غريب المصادفات أن يتم الإعلان عن طرد عدد من المواطنين من وظائفهم في القطاع الخاص، في أعقاب مؤتمر «الموارد البشرية والتنمية» الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية أخيراً. فكأنما قرأت «شركاتنا الوطنية» أوراق عمل وتوصيات المؤتمر بالمقلوب، فقرروا التخلص من «بعضهم» للتخفيف على الميزانيات، وإفساح المجال أمام غير المواطنين ليأخذوا حصتهم القليلة من الوظائف من باب تنويع الخبرات والثقافات والمسؤولية الإنسانية تجاه الآخرين!!

جاء تصرف بعض الشركات في الوقت الذي تجمع فيه كل الآراء والأوراق والدراسات، بما فيها القادمة من الخارج، على أن الهيكل الوظيفي في قطاع العمل في الدولة، وفي دول خليجية أكثر كثافة سكانية وطنية، استثنائي وغير مفهوم، بل خطير على الأمنين الوطني والاجتماعي، ناهيك عن الثقافة والهوية، بل على المستقبل. والأخطر أن يكون أصحاب قرار الاستغناء عن المواطنين مسؤولين أجانب وُضعوا على رأس الإدارات التنفيذية وإدارات الموارد البشرية، وجعلوا يفصّلون الأمور في شركاتهم ومؤسساتهم على مقاساتهم ومقاسات بني جلدتهم، غير عابئين بتوجهات الحكومة، ولا ملتفتين للمطالبات المتواترة بتمكين المواطن في سوق العمل بوطنه. كل الجاليات، وما أكثرها وأشد تنافسها، تعمل بمنطق «كل يجر الضو صوب قرصه» إلا بعض أصحاب الشركات المواطنين الذين لا يرون من «القرص» إلا ما يصل إلى أيديهم، من دون إحساس بأن «الضو» الذي يستخدمونه ربما يحرق الكثير من أجزاء «القرص».

ضعف أداء الموظف المواطن، إن كان حقيقة، فهو حجة على الشركات ومديريها لا حجة لها. فالمهارة بحاجة إلى تنمية وتدريب، وتشغيل المواطنين يجب ألا يكون منّة أو شؤوناً اجتماعية، بل هو استيعاب وتفعيل، ثم تدرّج وترقية وتمكين. ولم نسمع حتى اليوم، إلا القليل، عن مواطنين فتحت لهم أبواب الفرص في شركات القطاع الخاص للوصول إلى مواقع قيادية، ولا نعتقد بأن ذلك سيحدث بشكل طبيعي مادام القائمون على إدارات الموارد البشرية وبرامج التدريب والإدارات العليا من الأجانب.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر