«التفنيشات».. عصفوران بحجر

عادل محمد الراشد

ربما لم تصل عمليات الاستغناء عن المواطنين العاملين في القطاع الخاص إلى مستوى الظاهرة، حسب تأكيدات وزير العمل صقر غباش، ومدير عام الوزارة حميد بن ديماس، ولكن الأكيد أن هذه «التفنيشات» وصلت إلى مستوى الصدمة، لأنها أعادت الجهد الحكومي في مسألة التوطين إلى المربع الأول، وذلك بضربها عصفورين بحجر واحد.

أولاً، لأن حركة الاستغناءات ظهرت كمحاولة لنسف كل الخطط والجهود التي أطلقتها الحكومة من خلال وزارة العمل في ثمانينات القرن الماضي بتوسيع مساحة التوطين في القطاع الخاص، والتي تواصلت مع مشروع الـ 4٪ كنسبة سنوية لتعيين المواطنين في البنوك والمصارف العاملة في الدولة، ثم الوصول إلى «تنمية» ومجالس التوطين، والتي بدت كلها وكأنها تحرث في البحر، ومع ذلك استطاعت هذه الجهود أن تكسب شبراً هنا وباعاً هناك في مساحات القطاع الخاص الشاسعة، فإذا بحركة الاستغناءات الأخيرة تعود لتبتلع تلك الأشبار القليلة، بمستوى صوت عال هذه المرة تحت دخان التحريض ضد الموظف المواطن واتهامه في جودة أدائه.

أما الهدف الثاني الذي سجلته حركة «التفنيشات» الأخيرة فقد تمثل في قلب المعادلة من جديد، والهبوط بالأسقف إلى ما دون الصفر، وذلك بتفتيت المبدأ وتغيير الشروط لكسر أي مطالبة بالتوطين. بمعنى أن الحركة الأخيرة استطاعت أن تغير عنوان الملف من «التوطين» إلى «منع التفنيش»، ليكون الحفاظ على الموجود الذي تقول الأرقام إنه لا يزيد على 2٪ من حجم القوة العاملة بالدولة، بدلا من فرض زيادة هذه النسبة لتكون متناسبة مع الموارد البشرية المواطنة المتوافرة، ومعبرة عما يفترض أن يكون عليه الوضع في أي مجتمع في العالم. أي اننا هبطنا من مرحلة التوطين إلى مرحلة الامساك على ما تبقى في القطاع الخاص من مواطنين.

لذلك يكون الحديث عن استغناء شركات القطاع الخاص من المواطنين ليس من باب التهويل والمبالغة، وإنما من منطلق الإشارة إلى خطورة الخطوة، وإن حدثت في نفر من المواطنين. فبداية الوابل قطرة، وعظيم النار من مستصغر الشرر، وقبل أن تتحول الشرارة إلى أكبر من ذلك، لا سمح الله، كان لابد من وقفة في وجه هذه الإجراءات التعسفية قبل أن تطول القوائم.

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر