فيليبس القدوة

حمدان الشاعر

مايكل فيليبس السباح العالمي الشهير سطّرَ مجداً خالداً، وأصبح أسطورة رياضية في دورة بكين الأولمبية العام الفائت، بحصده ثماني ميداليات ذهبية وتسجيله سبعة أرقام قياسية، فغدا ظاهرة فريدة يصعب تكرارها، سقط «مايكل» في سلوك مشين، عندما نشرت صحيفة إنجليزية صورة له وهو يتعاطى حشيشة الكيف، فكانت صدمة للكثير من المعجبين به وللوسط الرياضي في العالم.

لم تنتهِ أسطورة فيليبس باعتذاره وندمه على فعلته ووعده مشجعيه بعدم تكرار ما حدث، فهو لايزال رغم سني عمره التي لم تتجاوز الثلاثة والعشرين ربيعاً شخصية محبوبة ويدرك رسالته نحو جيله ولأجيال أخرى سبقها في العمر والتجربة، خصوصاً أن نشاطه الخيري يتوازى مع منجزه الرياضي، فقد تحول في سنين عديدة إلى ملهم لآلاف من البشر في أرجاء متفرقة من العالم وغدا شخصية رياضية منضبطة وملتزمة تجاه عملها الرياضي الدؤوب.

هذه القدوات في الغرب تشكل، عادة، بؤرة اهتمام لكثير من الناس وتسلط عليها الأضواء ويتهافت إليها الإعلام وتعشقها شركات الإعلان، كما أنها تعد حافزاً للصغار نحو استلهام قدوة يقتفون أثرها، فالقدوة التي تكون غير منضبطة بالتزام أخلاقي ووعي لدورها في المجتمع، فإنها تسحب بذلك من رصيدها الشخصي لدى العامة وما حققته من إنجازات وما اكتسبته من تعاطف إعلامي معها في الانجاز ومن نظرة المجتمع لها كمثال يحتذى، فإذا أخفق هذا البطل في أداء رسالته المناطة به يصبح ذا أثر سلبي في الآخرين ممن يتوسمون فيه مثلاً أعلى، وهو الأمر الذي يؤكد حتمية مراعاة الدور الكبير الذي تلعبه القدوات من خلال سلوكها في المجتمع والذي يفرض عليها التزاماً صادقاً بالأخلاق والسلوك الحميد.

ولعل اعتذار السيد فيليبس فيه تصحيح لمساره ويدل على عدم المكابرة في اختلاق مبررات وأعذار، وهو ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان في الاعتراف الذي يعني بالضرورة استحقاقه أن يكون قدوة لسنوات طويلة، وأن يسجل التاريخ اسمه بأنه استحق بجدارة أن يكون أسطورة.

واللافت كذلك في هذا الشأن، أن الصحافة في هذا الموضوع لعبت دوراً محركاً وواضحاً في إبراز صورة فيليبس «متلبساً »، فلم يكن إعلاماً يعمل حسب أمزجة القائمين عليه أو مصالحهم الشخصية بل السبق الصحافي الهادف والشفافية هي منطلق أول في إثبات واقعة من هذا النوع. وهذه الآلة الإعلامية هي ذاتها التي أسهمت في تحويل فيليبس إلى نجم أسطوري بلا منازع.

فالقدوة الخالدة إذاً ليست ميداليات ذهبية فقط، إنها عملية متكاملة ومتداخلة الأدوار وذات أهداف محددة بوسائل متعددة تصب في صناعة بطل جدير بالإعجاب والاقتداء.. وربما أكثر من ذلك بكثير.

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر