مهرجان دبي للشعر
علي العامري
مبادرات دبي لا تتوقف، فبعدما نجحت في تنظيم مهرجانات عدة، في مجالات متعددة، ها هي الآن تتهيأ لاستقبال شعراء من العالم في المهرجان الدولي للشعر الذي يقام في الفترة من الرابع حتى العاشر من مارس المقبل، لتقول للعالم الذي يتطاحن: إن ثمة لغة اخرى للتواصل والتفاهم والحوار، إنها لغة القلب، لغة الشعر، لغة الانسان.
يأتي مهرجان الشعر في دورته الاولى حاملا رسالة واضحة، مفادها أن الشعر يمكن ان يكون بيتاً للعالم، يجمع الاطياف المتعددة للبشر على اختلاف ثقافاتهم وعاداتهم.
رسالة دبي الشعرية تؤكد ان الاختلاف ضرورة حياتية للتعايش، وأن الشعر فضاء للتعددية، فضاء للحرية، وفضاء للاحلام الانسانية، وإذا كانت المصالح قاعدة ضيقة للعلاقة بين الدول، فإن الشعر هو القاعدة الانسانية والفضاء غير المحدود لالتقاء البشر من مختلف الجغرافيات.
مهرجان دبي الشعري يأتي ليعلن رسالة القلب الى العالم، إذ يطمح الى جمع 1000 شاعر من القارات كلها، خلال خمس دورات، وهو بذلك يؤكد ان «ليس بالخبز وحده يحيا الانسان»، فثمة رغيف آخر يجمع القارات كلها، إنه الشعر، روح الانسان منذ خطوته الاولى على كوكب الارض.
رسالة المهرجان قصيدة القلب، لا ثرثرة الحروب والاحتلال والعدوان، رسالة دبي في مهرجانها وفي مختلف مبادراتها تسعى الى تأسيس ارضية مشتركة للتعايش والحب والحوار والتفاهم، ويأتي مهرجان الشعر ليثير اسئلة جوهرية عما يفعله الحب من جهة، وعما تفعله الحروب من جهة ثانية، وشتان بين اللغتين.
كم قتلت الحروب من بشر وأحلام، وكم قتل الاحتلال من أبرياء ومن أغنيات، وكم قتل العدوان من أشجار وبيوت وعشاق، وفي المقابل كم بنى الحب من قلوب، وكم رمم من أرواح، وكم عمّر من بيوت!
الحرب تهدم، والحب يبني.
والحرب تفرق، والشعر يجمع.
الشعر بيت لكل البشر، ولذلك، ربما، جاء بيت الشعر تعبيراً عن معنى العائلة الواحدة، لتشابهه مع بيت الشعر الذي يقف في الصحراء، وكذلك ربما جاءت تسمية بيت الشعر مكاناً لمؤسسة تهتم بشؤون الشعر والشعراء، فكل هذه التسميات المتجاورة دلالياً، تؤكد ان لغة الشعر هي الاكثر صفاء في ائتلاف القلوب في أي زمان ومكان.
مهرجان دبي للشعر مبادرة جديدة تعيد الاعتبار للغة القلب والحدس والرؤى، في زمن العولمة أو «الغولنة»، وتؤكد ان معنى الانسانية لا ينتهي، وعلى الرغم من «تغول» بعض الدول على شعوب عدة، إلا أن الشعر يبقى مفتاحاً لكل القلوب.