من المجالس

عادل محمد الراشد

التكلفة العالية للمواطن هي العذر الذي كانت تشهره شركات القطاع الخاص في وجه كل من يطالبها بالتوطين. وامتدت عدوى هذا العذر إلى الشركات شبه الحكومية والشركات المساهمة العامة القائمة بأموال المواطنين، ثم استشرت حتى وصلت إلى جهات حكومية، محلية واتحادية، تحت غطاء الميزانيات والشواغر، فيما ظل باب التوظيف لغير المواطنين مفتوحاً بلا حدود. هذا العذر انطلى على الكثيرين يوم كان الموظف المواطن يتحلى بالأفضلية، باعتباره ابن البلد والأولى بالصفوف الأولى على سلم الوظيفة وامتيازاتها. ولكن هذا انكشف وبشكل سافر في السنين القليلة الأخيرة عندما صارت الاستعانة بالأجانب، والغربيين خاصة، «موضة» تلجأ إليها الشركات الكبرى من باب الترويج والإيحاء بالعالمية. ثم ازدادت انكشافاً عندما أصبحت ظاهرة في الكثير من الدوائر والهيئات الحكومية، ليس على مستوى المستشارين الذين لا يمكن أن يكونوا إلا من أصحاب الرؤوس الشقراء والعيون الزرق، فقط، وإنما توسعت ليكون هؤلاء موجودين كأعضاء مجالس إدارات ومديري إدارات. وربما رؤساء أقسام. ولخلفيتهم العرقية والثقافية فإنهم بطبيعة الحال يحتلون أوضاعاً مختلفة ويتمتعون بامتيازات مختلفة، ويوقعون عقوداً خاصة. لتصبح تكلفة الواحد أو الواحدة منهم تعادل عدداً من المديرين وليس الموظفين وحسب. ابتداء من «مكافأة» التوقيع على العقد ذات الأرقام الألفية، وليس انتهاء بـ«بونسات» ومكافآت وامتيازات ربما تساوي تكلفة أحدهم منها تكلفة مشروع تجاري متوسط.

هذا جعل المواطن يتراجع درجات عدة على سلم الرواتب. وإذا أخذنا المتقاعدين الذين دفعتهم الحاجة للانخراط في وظائف جديدة، فإن الدرجة ستهبط أكثر لأن رواتب أكثر هؤلاء لا تزيد على بدل مواصلات أو هواتف أحد أولئك «المميزين». ومع ذلك يتعرض بعض هؤلاء للتسريح في شركات القطاع الخاص بذريعة الأزمة المالية، ويواجه آخرون الصد والمنع من العمل في قطاع العمل الحكومي تحت طائلة الشواغر والميزانيات.

هذه الحال بحاجة إلى وقفة جادة وليس للاستهلاك الإعلامي. وقفة مكاشفة في المجلس الوطني الاتحادي أولاً، ليس بسؤال تسقط استفهاماته عند أول تبرير من الوزير أو المسؤول. ووقفة مراجعة من الجهات الرسمية المنوط بها مسؤولية الأمن الوظيفي والمستوى المعيشي للمواطن.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر