من المجالس

عادل محمد الراشد

وضعت حرب الخليج، أقصد دورة الخليج، أوزارها، وانتهت جولاتها بتتويج المنتخب العماني بطلاً لنسختها الـ،19 وهو لهذا التتويج مستحق. فألف مبارك للجار ذي القربى. في«خليجي 19» نشبت معارك خارج المستطيل الأخضر، خرج بعضها عن النص وتجاوز بعض الخطوط، ولكن دورة مسقط، لمن يقرأ تاريخ دورات الخليج، لم تصنع بدعة، ولم تختلق وضعاً جديداً. فدورات الخليج، منذ جولاتها الثالثة، والرابعة، دخلت في فصول من «البسوسيات» كادت في مرات كثيرة أن تخرج من عقالها، وآلت في مرات أخرى إلى نهايات غير سعيدة، وحدث أن تم فيها تهديد بالانسحاب مرة، وتنفيذ الانسحاب أكثر من مرة. ووصلت الأمور في بعض الأحيان بأن رمت نتائج المباريات بتداعياتها على العلاقات الزوجية داخل البيوت. ولكن، قطار دورة الخليج استمر في سيره وكأنه أدمن عبور محطاته وسط النيران والعبوات المفخخة، ومع ذلك فهو يربط المحطة بالأخرى ويصر على أن تنتهي جولاته نهايات سعيدة ترتفع فيها الكؤوس ويسود الفرح وتعود المياه إلى مجاريها.

في السنوات الأخيرة، انضمت الفضائيات إلى الإعلام الرياضي، ودخلت المجالس والندوات الحوارية على خط التغطية وتعلية النبرة.. تبدأ بعذر أن هذه المجالس واللقاءات هي ملح الدورة وبهاراتها، ثم تعلو نبرتها وتغلظ لهجتها لتصبح بعد ذلك كرشاش الزيت على النار. فتخرج عن حدود لطائف الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، ونكشات المرحوم الشيخ فهد الأحمد الصباح، ولمسات المرحوم الأمير فيصل بن فهد، التي كانت بمثابة بطولة داخل البطولة أعطت الدورة زخماً اجتماعياً عكس حقيقة الفكر الذي أنشأ دورة الخليج كمهرجان اجتماعي وثقافي وانساني يوازي حضوره الحضور الكروي، ويتساوى لاعبوه مع لاعبي المستطيل الأخضر في جذب الأضواء وكسب المساحات.

حرب الفضائيات أعادت مقاصد دورة الخليج إلى الخلف سنوات طوال. وهي التي كان يفترض أن تنقل ثقافة الدورة من زمن الملاعب الرملية إلى زمن المدن الرياضية، بكل ما يعني ذلك من نقلة في الفكر والفهم والوعي. والأولى أن تتوقف هذه الحرب على مبدأ أن دورة الخليج لم تنشأ كمشروع تجاري، بقدرما نشأت كوسيلة لدعم ترابط أهل المنطقة. واقتحام الخصخصة وميزانها المائل في كل صغيرة وكبيرة الذي أفسد الكثير من الأفكار الجميلة.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر