أقول لكم

محمد يوسف

تستوقفنا الذكريات، ونسترجعها، من ذاكراتنا أو من الدلائل التي بين أيدينا، ومع الأيام والسنين التي تُطوى وتُلقى خلفنا نعود إلى كل اللحظات الجميلة، والأحداث التي غيرت مجرى التاريخ، وهذا يوم من النوع الثاني، لم نعشه ولكننا نرتبط به، يسري في دمائنا بكل لحظاته التي وقعت قبل 1430 سنة، يوم خروج خير خلق الله وصاحبه الصديق من داريهما مهاجرين إلى الله، والأمانة في يد المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، ورفيق دربه معه في رحلة لا تُعرف لها نهاية، ولكنه الإيمان وحب الله من صاحب الرسالة وحاملها، والثقة بالأمين من أبي بكر، لأجل ذلك تهون النفس، وتُنكر الذات، ويستجاب بنفس راضية للأمر الإلهي، وتبدأ رحلة ما كان ولن يكون مثلها في سجلات البشرية جمعاء، فهي العلامة الفارقة، واللحظة الأولى لكتابة تاريخ جديد بدأ ولن ينتهي حتى يوم الحساب، رغماً عن الذين طاردوهما وخابوا، ومعهم خابت سيوفهم التي رُفعت لتتشارك في الدم، فإذا بهم كالخُشب المسندة، عيونهم مفتوحة وأبصارهم زائغة، عليها غشاوة، والصبي- كرم الله وجهه- بشجاعة يضحي، ويقبل بكل تبعات النوم في فراش الأب والأخ والأستاذ والمعلم والنبي، ولم ينفعهم اللطم على وجوههم، ولم تنفعهم مطاردة الراجلين في هجرة من الظلام إلى النور، وخاب «سراقة» غائصاً في الرمال، وصمد أوهن البيوت في وجه أعتى القساة. ضللهم بيت العنكبوت وعش الحمامة، فقد كان الله معهما، ولم يحزنا، حتى كان الأمان، وكانت الصبايا ينشدن لطلوع البدر على ثنايا الوداع، فهناك وللمرة الأولى كان الاستقبال، هناك كان الحضن الدافئ للرسالة المحمدية، وكان الانطلاق بعزم الرجال للرسالة الخاتمة، وكان الانتشار لدين الحق، فنورت المدينة الطيبة بنور الرسول المهاجر إلى الأحبة من ظلم الأقارب، وعم النور منها كل أرجاء الدنيا، بقرآن هو القول الحق للملك الحق، وترسخت الهجرة في قلوبنا، ومع نهاية كل عام هجري جديد نتذكر سيدنا ونبينا وحبيبنا عليه الصلاة والسلام، ونعيش لحظاتها. 

myousef_1@yahoo.com

تويتر