أمنيات للعام الجديد

أحمد السلامي

سأدع الحديث عن وعود باراك أوباما وخطط ساركوزي المستقبلية لوزراء الخارجية العرب الذين يتبارون مع مطلع كل عام جديد في تعليق الآمال على صدقية رعاة السلام الذين لم يفلحوا حتى الآن سوى في رعاية الدمار والخراب.

وسأدع البسطاء والمقهورين يعلقون آمال العام الجديد على فردتي حذاء الصحافي العراقي الذي نجح في تقديم جرعة توبيخ للرئيس بوش، بنكهة عربية غير مدرجة في ثقافة الغرب.

بودي هذا العام التنازل عن مهمة الناطق الرسمي باسم الأمة وقضاياها العالقة، وسأدع هذه المهمة لمتطوعين كثر سيكتبون كلاماً جميلاً ومؤثراً عن حصار غزة، وعن القوارب الصغيرة واليخوت السياحية الأنيقة التي تخترق الحصار، وهي تحمل كاميرات تصوير تلفزيونية أثقل من المعونات التي تنقلها لأهل غزة.

سأدع كذلك الحديث عن عواقب انتهاء التهدئة بين فصائل المقاومة وإسرائيل ومخاطر الاجتياح الاسرائيلي المتوقع لغزة، لأن الحديث عن هذه القضية لن يزعزع ثقة الجماهير بصواريخ حماس التي تسقط خلف أسوار المستوطنات، ويتم الرد عليها بقذائف همجية مدربة جيداً على إصابة جدران البيوت في المخيمات المحاصرة.

بودي أن أكتب عن أمنيات شخصية وأحلام تأجلت في زحام الحياة ومشاغلها الوهمية التي تنهب أعمارنا ولا تمنحنا فرصة لإعادة قراءة كتاب نحبه، مثل كتاب نيكوس كازنتزاكي «تقرير إلى غريكو» أو رواية ماركيز الشهيرة «مئة عام من العزلة» وثمة كتب وروايات أخرى أتمنى أن أجد في العام القبل ممتسعاً من البهجة التي تسمح بإعادة قراءتها واكتشاف جمالياتها.

ولأن الكتب المدهشة تذكرني دائماً بالأصدقاء، أتمنى أن ألتقي مجدداً بمن تفصلني عنهم مسافات وحدود جغرافية وتجمعني بهم دهشة المعرفة وألق الفكر والإبداع، ومعظمهم أساتذة أجلاء من ذلك الصنف الذي يجعلك حين تستمع إليه تعيد بناء علاقتك بذاتك وبالعالم من حولك.

من بين هؤلاء أتذكر الناقد وعالم السرديات المغربي الدكتور سعيد يقطين الذي تعرفت إليه ورافقته في صنعاء لمدة أسبوع قبل سنوات وأدهشني بتواضعه وغزارة علمه.

ومن الأشخاص الذين لا أنساهم وأتوق إلى لقائهم السيدة الفلسطينية المثقفة مارينا برهم التي تدير مجموعة مسرحية في رام الله باسم فرقة الحارة، فعلى يدها أخذت دروساً في الإدارة الثقافية، كما أنها نقلت إليّ صورة مشرقة عن حيوية الإنسان الفلسطيني ومقدرته على التعايش مع كل الظروف من دون أن تؤثر في طاقته الروحية ومقدرته على العطاء وحب الحياة، وهذه الصورة أيضاً نقلها إلي الدكتور منير فاشة وسبق ان كتبت في هذه الزاوية عن منير الذي لا يحب الألقاب الأكاديمية وعن تركه لوظيفة التدريس في أرقى الجامعات الأميركية وعودته إلى فلسطين والتفرغ لنشر ثقافة المبادرة التي يقول إنها هي التي حافظت على تماسك الشعب الفلسطيني في الداخل قبل أن تولد مؤسسات سلطة ما بعد أوسلو.



وكل عام وأنتم بخير

تويتر