رسائل «أتلانتس»

جورج فهيم

لا يمكن للعين مهما وهن أبصارها أن تخطئ المغزى العميق للرسائل الاقتصادية والتنموية والبيئة التي خرجت من وهج الألعاب النارية التي أضاءت سماء «جزيرة النخلة» خلال الافتتاح الأسطوري لفندق«أتلانتس» الذي تابعه ملايين المشاهدين عبر مختلف أنحاء العالم.

الرسالة الأولى التي فهمها كل من شاهد الحفل كانت تقول وبالحرف الواحد إن دبي قادرة على تحدي الأزمة الاقتصادية العالمية مهما كانت شراستها ومهما كانت تداعياتها؛ لأنها تمتلك أرضية صلبة تقف عليها تمكنها من مواصلة مشروعاتها العملاقة مهما علت أصوات المتشائمين، ونبرات المشككين الذين يزعمون أنهم قادرون على اختراق سحب الغيب ورؤية ما لا تراه عيوننا.

والرسالة الثانية، ان دبي مثلما كانت تمتلك الرؤية لتشق بها طريقها نحو المستقبل وتخوض غمار عملية التنمية؛ فإنها تمتلك الآن أيضاً استراتيجية للإبحار بعيداً عن عواصف الأزمة والتعامل مع تداعياتها، بل واستغلال وتوظيف الفرص التي تلوح في الأفق، وكان ذلك واضحاً في سرعة التدخل الحكومي لتوفير السيولة المالية للأسواق، وضمان الودائع، ومنع فيروس الهلع والذعر من أن يحول مجتمع المستثمرين من التحول إلى قطيع تحكم حركته الرغبة في الفرار وليس سلامة القرار.

وأما الرسالة الثالثة، التي لم تخطئها العين أيضاً، هي أن حضور كوكبة هائلة من أشهر وألمع الشخصيات في العالم، من أمثال ريتشارد برانسون، ومايكل غوردون، وروبرت دينيرو، وليندسي لوهان.. وآخرين كثر، كان بمثابة استفتاء جماعي على الثقة التي يوليها هؤلاء في مستقبل دبي التي ترسخ مكانتها يوماً بعد يوم لدى الأثرياء والمشاهير ورجال الأعمال كإحدى أفضل الوجهات العالمية للإقامة والزيارة.

والرسالة الرابعة، التي فهم مغزاها القاصي والداني، أن دبي قادرة على مواصلة النمو والتوسع والتمدد، ليس فقط في البر أو الجو، وإنما في البحر أيضاً، وقصة «جزيرة النخلة» التي أضافت إلى رصيد دبي الاستراتيجي من الشواطئ أكثر من 62 كيلومتراً تعد مثالاً حياً على ذلك، حيث انتزعت مساحة عملاقة بعمق 13 كيلومتراً من براثن مياه الخليج الذي كانت أمواجه تتلاطم فوق الأرض التي يقف عليها «أتلانتس» اليوم.

أما الرسالة الخامسة، وإن لم تكن الأخيرة التي فهمها الحاضرون، فهي أن دبي لم تكن أنانية في صراعها مع الطبيعة، فقد أعطت بقدر ما أخذت، ووفت بقدر ما وعدت، وعدلت في القسمة بين احتياجات العمران واحتياجات الطبيعة، وما البيئة البحرية المكشوفة، وهي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، والتي تضم 65٥ ألف كائن بحري من الأنواع النادرة برعاية فريق يضم 200 عالم ومتخصص، إلا نموذجاً على تبادل العطاء بين الإنسان وبيئته.

ومن المؤكد أن هذه الرسائل التي خرجت من وهج الألعاب النارية قد وصلت إلى عواصم كثيرة ترصد وتتابع ردود أفعال مراكز المال العالمية على الأزمة العالمية قبل أن تقرر خطواتها التالية، وبددت أستار الخوف وسحب الذعر وأغلفة التشاؤم التي يعيش داخلها البعض في انتظار الموت بالسكتة الاقتصادية.

georgefahim_63@hotmail.com

تويتر