أقول لكم

محمد يوسف

راحت السكرة وجاءت الفكرة، وأصبح الكلّ متحفزاً، لماذا.. للقادم الذي لا يمكن التنبوء به، فالعالم كله دخل مرحلة جديدة لا يمكن أن تعرف تفاصيلها أو ما ستستقر عليه، وكما سجل التاريخ ما قبل 11 سبتمبر 2001 وما بعده، سيسجل ما قبل أوباما وما بعده، فما عبر عنه الشعب الأميركي يوم الرابع من نوفمبر 2008 هو دعوة للرفض، رفض الواقع الذي أريد له أن يكون ثابتاً إلى حد الجمود، وحتى مزاحنا طوال الأشهر الأخيرة، منذ أن قلت لكم إن باراك أوباما يحلم بكسر القواعد الصلبة التي بُني عليها النظام العالمي الجديد، وإنه غارق في الحلم إلى درجة تصديق كل ما يتراءى له، منذ ذلك الوقت حتى عندما راهنت على سقوطه في الانتخابات الرئاسية، كنت أقيس الأمور حسب المنطق والواقع والثابت والقوة المهيمنة، ولن ننسى نظريات المؤامرة، فهي لاتزال قائمة، وستبقى كذلك، ومخطئ من يلغيها من حساباته، فالطبيعة البشرية تقول عكس ذلك، وتوجهنا دائماً نحو الشك في مجريات الأحداث وتداعياتها، وتجعلنا نتوقف عند تحركات الأصابع الخفية التي تدير العالم، وقد يكون التيار في بعض الأحيان أقوى من مخططات المتآمرين أياً كانت صفاتهم وأشكالهم وألوانهم واتجاهات أفكارهم، فينحنون لها حتى لا تجرفهم، ولكنهم يبقون متحفزين بعد أن يجمعوا أوراقهم مرة أخرى، وهذا ما حدث يوم الثلاثاء، التيار المندفع عبر إرادة الشعب الأميركي كان أقوى من أن توقفه مصدات وسدود وخطط أصحاب المكاسب التي لا تقبل المشاركة أو القسمة، ومرت العاصفة من فوق الرؤوس الملامسة للأرض، والواقع، حتى لا يكون الانهيار وينجرف الجميع نحو الهاوية، سواء نصّب أوباما أو حدث ما يحول دون ذلك، فإن الأمور لن تعود إلى الوراء أبداً، وسواء كان أوباما فاعلاً وصاحب قرار يعكس خلفيته الثقافية والوطنية والعرقية أو خضع للآلية السرية والاستراتيجيات المنظمة للثواب والمعتقدات الإمبريالية، فإن الأمور لن تكون مشابهة لحقبة انتفاخ الإمبراطورية الأميركية التي ظهرت بعد قنابل «هيروشيما» و«نجازاكي» الذرية، فهذه حقبة جديدة تختلف اختلافاً كلياً عن كل عهود الرؤساء الأميركان، ومن تمعن في دموع القس «جيسي جاكسون» سيتذكر كيف تختلف الأمور خلال 40 سنة، فهي دموع الذكرى، ذكرى اغتيال مارتن لوثر كينغ وجاكسون الشاب يقف خلفه قبل لحظا

 myousef_1@yahoo.com  

تويتر