من المجالس

عادل محمد الراشد

«لسنا ضد حرية الانتقاد.. ولكننا ضد التحريض». هذه العبارة كانت هي الخطاب الذي اختاره المسؤولون والمندوبون الأميركيون عندما كانوا يتجولون في العالم لإسكات الأصوات المعارضة للسياسة الأميركية في معالجة مشكلات العالم، وخصوصاً ما يسمى بسياسة محاربة الإرهاب. وقد فعل هذا الخطاب فعله لأنه اختار كلمات صيغت بعناية شديدة وضعت معها كل ما يتعارض مع السياسة الأميركية في خانة التحريض وتشجيع الإرهاب..


ثم تعريض الأمن الأميركي والعالمي للخطر. وقد تجاوزت حدود هذا الخطاب الكلمات إلى الإجراءات، والأشخاص إلى المؤسسات حتى وصلت إلى مستوى تهديد قنوات تلفزيونية بالقصف وشخصيات عامة بالاعتقال. نورد هذه الخلفية في الخطاب الذي لايزال مستمراً ونحن نتجول في تفاصيل سير عملية الانتخابات الرئاسية التي وصلت إلى جولتها الأخيرة التي حتماً ستحسم بالقاضية إما لأوباما الديمقراطي أو ماكين الجمهوري.


ومع اشتداد وطيس هذه الحرب، وهي حرب بمعنى الكلمة ولكنها كسائر الحروب الأميركية في الخارج لا تعير أخلاق الحرب أي اهتمام، نقول مع اشتداد هذه الحرب تبدو حرية الانتقاد لدى المعسكرين خالية من أي قيود ومتحررة من أي سقوف، ومنفلتة إلى حد المزايدة على التحريض ذاته. هنا يتداخل المفهومان المفصول بينهما بوضوح في الخطاب الأول لتختلط معهما كل المفاهيم. ولكل فريق لأداء هذه المهمة جنود ومساعدون وفرق عمل وأدوات ظاهرة وباطنة يسمّيها صنّاع العمليات الانتخابية «الدعاية السلبية».


وتحت طائلة هذه الدّعاية يكون كل شيء مباحاً.. حتى النبش في قبور الأموات، والبحث في أيام وشهور مرحلة الطفولة الأولى. وكلما اقترب الموعد النهائي للنزال تشتد لغة الانتقاد والدعاية السلبية إلى درجة التحريض ذات اللون الأحمر حسب تصنيف أجهزة الأمن الأميركية، فتصل إلى حد الطعن في الوطنية والانتماء والولاء، لتكون بعدها الأحداث مفتوحة على كل الاحتمالات.. بما فيها تهديد الحياة. بناءً على ذلك، هل يمكن التعرف إلى معنى حرية النقد ومعنى التحريض كما حدث من قبل في محاولة التفريق بين الإرهاب والمقاومة؟    adel.m.alrashed@gmail.com 

تويتر