وجهات سياحية تنبض بالأصالة خلال «أجمل شتاء في العالم»

القرى التراثية في الإمارات.. بوابة على التاريخ و«زمن الطيبين»

صورة

تلعب القرى التراثية المنتشرة في أنحاء دولة الإمارات دوراً مهماً في التعريف بتراث الدولة الأصيل، والمحافظة عليه جيلاً بعد جيل، إذ تبقى حية نابضة ترسم صورة متكاملة، تمزج بين الأصالة والمعاصرة، وتشكل شرفة مطلة على تقاليد الأجداد والماضي الأصيل، لتضمن التواصل بين الآباء والأبناء، وتعمل على استدامة الموروث الثقافي عبر الأجيال.

وتعرض القرى التراثية تفاصيل الحياة التقليدية في دولة الإمارات، مع التعريف بطبيعة المهن القديمة التي كان يمارسها الآباء، وتعيد رسم لوحة النسيج الاجتماعي بعاداته وتقاليده، ويوميات أروقة الفرجان، كما لا تغفل عن إسعاد الزوار والسياح بالعروض الترفيهية للفلكلور الإماراتي الأصيل، إضافة إلى المطاعم التقليدية، ومناطق ألعاب الأطفال الشعبية القديمة، فضلاً عن دورها التربوي والتعليمي في تعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال، إضافة إلى ما تشكله من إضافة ثرية للقطاع السياحي والثقافي في مختلف الإمارات.

ويعد التعريف بالقرى التراثية في قلب «أجمل شتاء في العالم»، الحملة الوطنية الشاملة التي تكتسب بنسختها الرابعة لهذا العام أهمية خاصة، انطلاقاً من شعارها «قصص لا تنسى» وما يحمله من دلالات تبرز جماليات السياحة الإماراتية من مقومات طبيعية وجغرافية وتراثية تترك لدى الزائر ذكريات عصية على النسيان.

على كاسر الأمواج

تتوشح القرية التراثية في أبوظبي بهدوء الماضي، وألق الحاضر والمستقبل، وتقف شامخة على كاسر الأمواج في أبوظبي، بعد أن أصبحت واحدة من أهم معالم الإمارة الحضارية بعد أن افتتحت رسمياً في 2001 على مساحة تبلغ 16 ألفاً و800 متر مربع، لتصبح مقصداً للزوار والشغوفين بتاريخ أبوظبي العريق، إذ تحفظ التاريخ في قالب معماري ينبض بجمال العمارة التراثية، ليروي للأجيال حكايات «زمن الطيبين».

وتتمتع القرية التراثية بموقع سياحي أهّلها لأن تكون جزءاً من ذاكرة المكان الذي تحكي عنه قصصها التي ظلت شاهداً أميناً على عصر لن يندثر، وتبدو هذه القصص واقعاً من خلال المرافق التي تضمها القرية.

ويضم متحف القرية كنوزاً تراثية عدة، مثل: أدوات الزينة النسائية القديمة، والحلي إلى جانب صور قديمة تجسّد مراحل تاريخية ومسكوكات إسلامية فضية وبرونزية وورقية قديمة وأدوات صيد وأسلحة قديمة، خصوصاً البنادق مع ركن خاص للمخطوطات النادرة، وركن الأرشيف التاريخي.

نموذج فريد

وتجسّد قرية التراث التي تقع في قلب حي الشندغة التاريخي بدبي، الحياة في الإمارة قديماً، وتقدم نموذجاً فريداً للفريج والسوق والحِرف المختلفة، إذ تستدعي للأجيال الجديدة، شكل حياة الآباء والأجداد، وتذكرهم بالماضي البعيد. وأنشئت قرية التراث في دبي في 1997، لتستعرض أنماط الحياة التقليدية في الإمارة، كما تتيح الفرصة للمعايشة والاطلاع على مختلف أنماط الحياة المحلية التقليدية من ساحلية وصحراوية وريفية وجبلية، وتعرض فيها العديد من أنواع المباني المشيّدة من الحجر وسعف النخيل والخيم.

وتقدم للزوار فرصة الاستمتاع بشكل حي بأداء مختلف أنواع المهن التقليدية ومشاهدة «اليازرة» و«المغرافة» اللتين تعدان من الطرق التقليدية لري المزارع، كما توفر القرية عيادة شعبية يقوم على المعالجة فيها أطباء شعبيون توارثوا خبرات عالية في طرق العلاج الشعبي.

كما تضم سوقاً شعبية تحتوي على المهن التقليدية من صياغة الحلي، والحدادة، والقطانة، كما يستمتع الزوار بأداء الفرق الغنائية والفنون الاستعراضية، مثل: «الرزفة» و«العيالة» و«الحربية».

فيما تُعد قرية حتّا التراثية من أبرز الأماكن التاريخية في دبي ودولة الإمارات على وجه العموم، إذ تستعرض نموذج الحياة القروية قديماً، لتقدم للزائر صورة تحاكي الواقع المعاش قديماً من خلال ما تضمه من مجسمات ووثائق ومنحوتات وأعمال يدوية. وافتتحت القرية في 2001 لتعيد إحياء تراث دبي من خلال الأكواخ والمباني التقليدية التي عهدتها الإمارة في الماضي.

إرث غني

ويختزن «قلب الشارقة» الوجهة الثقافية التي تجسّد جمال الماضي بين طرقاتها وصروحها المعمارية أصالة المدينة وتراثها العريق، وفيها شيّدت المنازل الأولى للأجداد، حيث كانت بيوتاً لكبار التجار، وتم ترميمها وأعيد إليها جمالها السابق، لتكون إرثاً غنياً حيوياً ومنطقة فنية، حيث يمكن للسائح أو الزائر أن يقضي في هذه المنطقة يوماً كاملاً، في التجول واكتشاف المساحات الفنية والمتاحف الغنية بمقتنياتها.

ويعد «قلب الشارقة» أكبر المشاريع التراثية والسياحية في المنطقة، ويعرض للزوار والمقيمين ثقافة الإمارة وتاريخها العريق عبر مجموعة كبيرة من المتاحف الثقافية والتراثية والتاريخية التفاعلية التي توفر نافذة للتعرف إلى حياة الأجيال السابقة بطريقة مبتكرة.

وتوفر مباني منطقة قلب الشارقة وأسواقها وبيوتها العتيقة وأزقتها فرصة ثمينة للزوار لمعايشة أصالة الإمارة، والتعرف إلى أبرز معالمها ومنظومة القيم الاجتماعية فيها وأهم أحداثها التاريخية، مع وجود تسعة متاحف تعكس هذا الزخم التاريخي أبرزها: بيت النابودة وحصن الشارقة ومتحف مدرسة الإصلاح ومتحف الشارقة للتراث وبيت الألعاب الشعبية وغيرها.

عبق الماضي

وتعد قرية التراث في الفجيرة فضاء مفتوحاً على تراث الأجداد، إذ تحمل عبق الماضي بما فيه من خصائص ومظاهر عاشها الأجداد بكامل تفاصيلها. وافتتحت القرية رسمياً عام 1996 على مساحة 6000 متر مربع في منطقة مضب، وتتضمن أقساماً عدة تمثل صورة واضحة لملامح أسلوب الحياة في الماضي، وأهم الحِرف التقليدية ومنها المحسّن (الحلاق) والخياط والنجار والصفار والعطار والحواي وغيرها، كما تضم ركناً خاصاً بالبيئة البحرية.

وتتيح القرية لزوارها التعرف إلى تقاليد من عاشوا في المنطقة، إذ تنطق بالماضي، لتروي التاريخ عبر طيات جدرانها من خلال ما تضمه القرية من أركان تراثية متعددة، ونماذج البيوت القديمة، ومقتنيات أثرية شاهدة على الماضي وأنماط الحياة التقليدية، وأدوات قديمة تحكي قصة كفاح خاضها الأجداد.

مكان يوقظ الحنين

أما الجزيرة الحمراء في رأس الخيمة، فتعد آخر المدن التراثية الأصيلة التي اعتمد سكانها على صيد اللؤلؤ في منطقة الخليج، وماتزال باقية على حالها إلى هذا اليوم، ما يوقظ الحنين إلى البدايات الموغلة في القدم.

وتشكل الجزيرة شاهداً استثنائياً على عظمة الهندسة المعمارية وتخطيط المدن قديماً، إذ تحتضن جميع العناصر التقليدية لمدينة خليجية عريقة بما في ذلك، الحصن وأبراج المراقبة والمسجد والسوق والمنازل ذات الأفنية الرحبة بتصميماتها المتنوعة.


• 2001 العام الذي افتتحت فيه قرية حتّا التراثية التي تعد من أبرز الأماكن التاريخية في دبي ودولة الإمارات.

• تجسّد قرية التراث في قلب حي الشندغة التاريخي بدبي، الحياة قديماً، وتقدم نموذجاً للفريج والسوق والحِرف المختلفة.

• الجزيرة الحمراء في رأس الخيمة تعد آخر المدن التراثية الأصيلة التي اعتمد سكانها على صيد اللؤلؤ في المنطقة.


أجنحة تضيء على العراقة

تضم المهرجانات التراثية التي تُنظم على امتداد الإمارات، أجنحة خاصة بالقرى التراثية، كقرية المرموم التراثية التي تعد إحدى الفعاليات الرئيسة لمهرجان المرموم التراثي بدبي الذي يحتفي بالتراث الأصيل، ورياضة سباق الهجن العريقة.

وتستعرض «القرية التراثية» في قلب مهرجان الشيخ زايد، التراث العريق لدولة الإمارات من خلال البيئات الإماراتية: البحرية والصحراوية (البرية) والجبلية والزراعية. وتجسّد القرية التراثية التابعة لـ«مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث» التي تقام في القرية العالمية بدبي، مثالاً حياً يعيد صياغة واقع النسيج الاجتماعي الإماراتي لعادات وتقاليد ضاربة في جذور التاريخ، إذ تقوم بإحياء العديد من المهن والحِرف الإماراتية الأصيلة.

تويتر