العلاقات نموذج استثنائي للشراكات الاستراتيجية الفاعلة بين الدول في مختلف المجالات

الإمارات وفرنسا.. نموذج عالمـي جديد للنمو الاقتصادي منخفض الانبعاثات

الإمارات وفرنسا تتعاونان في تسريع نشر حلول توليد الطاقة المتجددة من خلال التعاون مع «آيرينا» التي تستضيف الإمارات مقرّها الدائم في مدينة «مصدر». أرشيفية

تشكّل العلاقات الإماراتية الفرنسية نموذجاً استثنائياً للشراكات الاستراتيجية الفاعلة بين الدول في مختلف المجالات، لاسيما الانتقال الواقعي في قطاع الطاقة والعمل المناخي، والاستفادة من فرص النمو منخفضة الكربون، والعمل المشترك في دفع الجهود الدولية في مجال العمل المناخي، استعداداً لمؤتمر الأطراف COP28 الذي تستضيفه الإمارات في نهاية العام الجاري.

ففي فبراير 2023 أطلق البلدان الصديقان شراكة لخفض انبعاثات الكربون من الصناعات كثيفة الانبعاثات، وسيعلن عنها خلال مؤتمر الأطراف COP28، بينما وقّع البلدان في يوليو 2022 الشراكة الاستراتيجية الشاملة في مجال الطاقة التي تركّز على تعزيز أمن الطاقة، وتوفيرها بتكاليف معقولة، والحد من الانبعاثات.

وتكتسب الدورة الـ28 من مؤتمر الأطراف COP28 أهمية كبيرة في تحقيق أهداف «اتفاق باريس للمناخ»، كونها تنعقد خلال مرحلة دقيقة يسعى فيها المجتمع الدولي إلى إحراز تقدّم في تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها في الاتفاق.

ومن المقرر أن يشهد مؤتمر الأطراف أول تقييم عالمي لمدى تقدّم الدول في تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق باريس، إضافة إلى تحديد إسهامات الدول المحددة وطنياً للمستقبل، حيث نجح اتفاق باريس التاريخي في توحيد الحكومات حول ما يجب على العالم القيام به لمواجهة تحدي المناخ، وستكون مهمة مؤتمر الأطراف COP28، التركيز على «كيفية» تنفيذ ذلك.

وتعد الإمارات أول دولة في المنطقة توقّع وتصادق على اتفاق باريس، وأول دولة تلتزم بخفض الانبعاثات على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية، كما أنها تعد الدولة الأولى التي تعلن مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 كمحفز لتحقيق نمو اقتصادي منخفض الكربون، يخلق تقنيات وقطاعات ومهارات ووظائف جديدة.

وتحرص دولة الإمارات على التعاون مع فرنسا خلال «قمة الميثاق المالي العالمي الجديد» المخصصة للتوصل إلى اتفاق مالي عالمي جديد المقرر عقدها في باريس في يونيو 2023، بهدف حشد التمويل من القطاع الخاص، وتوسيع نطاق التمويل الميسر، والنهوض بأسواق الكربون سعياً إلى بناء الزخم الذي ستحققه القمة، لتحقيق إنجازات عملية في مؤتمر الأطراف COP28.

وخلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، للجمهورية الفرنسية العام الماضي 2022 تلبية لدعوة من رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، وقّعت الإمارات وفرنسا اتفاقية بهدف تعزيز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للعمل المناخي، ورفع الطموحات لتنفيذ اتفاق باريس، إضافة إلى دعم الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 التي تستضيفها الإمارات في نهاية العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.

وتحرص دولة الإمارات بصفتها الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف COP28، على التعاون والعمل عن قرب مع فرنسا التي تمتلك خبرة كبيرة في العمل المناخي، لضمان ترجمة التعهّدات إلى نتائج عملية ملموسة تعود بالفائدة على جميع الدول والمجتمعات، حيث تدرك دولة الإمارات أن العمل المناخي الفعال يُعد ممكّناً رئيساً لبناء نموذج نمو اقتصادي منخفض الانبعاثات، يركز على تحقيق الاستدامة ويسهم في خلق فرص عمل وقطاعات ومهارات جديدة تواكب المستقبل.

ويتعاون البلدان في التحضير لمؤتمر الأطراف COP28، بما يشمل جوانب التخطيط المسبق للمفاوضات والجوانب التنظيمية واللوجستية، وتعزيز كفاءة الطاقة وتسريع انتشار حلول توليد الطاقة المتجددة ودمجها وتخزينها، من خلال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) التي تستضيف الإمارات مقرّها الدائم في مدينة «مصدر».

كما تتعاون الإمارات وفرنسا في مجالات الزراعة المستدامة وصناعة الأغذية الزراعية والأمن الغذائي والمائي، بهدف تحقيق الاستفادة المشتركة من حلول تخفيف حدة التأثيرات البيئية، والتكيّف مع تداعيات تغير المناخ والمحافظة على التنوع البيولوجي، إضافة إلى الحد من انبعاثات الكربون في قطاع الصناعات الثقيلة، وتعزيز التكيف والمرونة وتطوير حلول قائمة على الطبيعة والتمويل والاستثمار الأخضر، وتمكين المجتمع المدني في مجالات العمل المناخي والتعاون العلمي والبحثي.

وظلت دولة الإمارات على الدوام شريكاً ثابتاً للصناعات الفرنسية لتحقيق طموحاتها في مجال التحوّل في قطاع الطاقة.

كما أطلق الجانبان الإماراتي والفرنسي برنامجاً مشتركاً يجمع خبرات الدولتين لتطوير فرص تجارية مستدامة للاستثمار، بهدف تسريع حلول الطاقة النظيفة لا سيما في مجال إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب فيها الحدّ من الانبعاثات، والتي تشمل استخدام حلول الهيدروجين النظيفة في مجال التنقل، في ضوء التحضيرات لاستضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28.

وأسهمت الشراكة الإماراتية والفرنسية في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة، من خلال الشركات الرائدة العاملة في هذا القطاع من كلا البلدين في تطوير واستثمار وتشغيل أكثر من 6.2 جيجاواط من مشاريع الطاقة النظيفة والمتجددة حول العالم، من بينها مشروعان في دولة الإمارات يعدّان من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، إضافة إلى استثمارات بقيمة 6 مليارات دولار، والمساهمة في تجنب إطلاق انبعاثات كربونية تُقدّر بنحو 10 ملايين طن سنوياً.

ومن المقرر أن يتم الإطلاق الرسمي لعمليات البرنامج التشغيلية خلال الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28). ويهدف البرنامج إلى تجسيد التزام الإمارات وفرنسا المشترك بتسريع عملية تحديد وتمويل المشاريع، ودعم الشركات المساهمة في تطوير حلول جديدة للطاقة النظيفة، والعمل على خفض البصمة الكربونية للقطاعات الاقتصادية ذات المنتجات والعمليات التشغيلية عالية الانبعاثات والإسهام في دعم تحقيق أهداف اتفاقية باريس.

الإمارات وفرنسا أطلقتا برنامجاً مشتركاً يجمع خبرات الدولتين لتطوير فرص تجارية مستدامة للاستثمار.

تويتر