من العائلة الصغيرة إلى أسرة دبي الكبيرة

محمد بن راشد.. رمز الوفاء والمحبة يحتضن الجميع

صورة

منذ زمن بعيد، حيث الجد ذو الوجه الوضّاء المتلألئ نوراً، والأب الطيب الذي كان والداً للجميع، و«أم دبي» التي لا يشبهها أحد، تتعدّد مشاهد الوفاء التي يمكن أن تروى، وتمتد سلاسل طويلة من الإنسانيات والسمات النبيلة، عن مكانة الأسرة في حياة من واصل مسيرة العطاء، صانع السعادة الذي لم يكتف باحتضان الأبناء والأحفاد في منزل عامر يسكنه الدفء والبركة والمودة، بل وسّع مظلة المحبة لأقصى مدى لتشمل الجميع، ليستشعر كل من حل على هذه الأرض.. أرض دبي، أنه جزء من عائلة أصيلة ينتمي إليها، وكأنه ابن من أبنائها بفضل «الأب الكبير»، الذي نشر مظلة من المحبة والمعاني النبيلة والدفء الأسري المرحّب بالكل.. صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

«رمز الوفاء» حرص مبكراً على ردّ الجميل إلى أهله، خلّد حكايات من يستحقون، أصول الشجرة الكريمة - جداً وأباً وأماً - من كانوا علامات على الطريق، غارسو الخير الذي طرح ثماراً بلا حصر.. إذ رسم سموّه لوحات إنسانية وصوراً حيّة لكل من المغفور لهم: الشيخ سعيد، والشيخ راشد، والشيخة لطيفة، توقف معهم طويلاً، ليضيء على يوميات الطيبين، ومن حكموا الناس بالمحبة والتواضع، وأسروا قلوبهم بالعطف والرحمة واحتواء كل فرد، يستوي في ذلك القريب والبعيد.. ليواصل هو ذاته الحكاية الإنسانية الجميلة بكل عفوية، وليتحدث عنها الآخر وليس هو، إذ يطلّ والإشراقة تملأ وجهه وسط صغار الأسرة، يداعب البنات، ويحتضن البنين.. وليس آخراً، يحمل من وصفهما بـ«بلسم القلب» التوأمين شيخة وراشد، أحدهما على الشمال والآخر على اليمين.

عودة بالزمن

مع الأسرة الطيبة، وأجوائها المحاطة بالحنان، عاد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالزمن إلى الوراء، وسرد ذكرياته معهم، ليبرز كيف عاشوا، ويخلد ملامحهم ومواقفهم الآسرة، ليصنع لهم بكلماته سجلاً، ويوثق لهم صفحات زاهية، من الجد الشيخ سعيد، الذي يصفه بأطيب رجل عرفه في حياته. ويقول: «من الذكريات التي لا أنساها أبداً وقت طفولتي ذكرياتي عن وفاة أطيب رجل عرفته في حياتي، جدي الشيخ سعيد بن مكتوم، رحمه الله. لم يكن أحد يستطيع تخيّل دبي دون الشيخ سعيد، الذي قضى 46 عاماً في حكم الإمارة، وهو الذي بدأ رحلة تحديث دبي التي لم تنته حتى اليوم. توفي جدي في العاشر من سبتمبر من عام 1958. مازلت أذكر ذلك اليوم، وقد فاضت روحه إلى بارئها بعد صلاة الفجر بقليل. قضى أبي الأيام الأخيرة بجانب جدي، وكان لا يأكل خلالها إلا قليلاً، لحزنه الشديد عليه. كنت متشبثاً بثوب أمي، وقد غالبتها دمعة أبت إلا أن تفر منها. صوت النساء وهن ينتحبن كان يطغى على المكان».

يتذكر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الجد في موقف فخر، إذ كان سموّه يطلق مشروعاً كبيراً (مسبار الأمل)، ليحكي عن البدايات التي أوصلت الإمارات إلى أحلامها الكبيرة، ويردّ الفضل إلى الأجداد والآباء، ويرجع في هذه اللحظة التي تعانق فيها الإمارات بعض طموحاتها في السماء إلى رحاب بيت الأسرة الأول: «بيت جدي الشيخ سعيد في الشندغة، الجدران الطينية التي تتخللها الحجارة المرجانية للسماح لنسمات الهواء بأن تمر، الغرف ذات السقوف المنخفضة، الساحة التي كنت ألعب فيها أمام البيت، غرفة أبي وأمي، وغرف أخوتي وأخواتي، جدي.. نعم، تذكرت جدي الشيخ سعيد بلحيته البيضاء ووجهه المتلألئ نوراً. تذكرت جدي وطيبته وإيمانه الكبير. جال في نفسي أن جدي عمل من أجل هذه اللحظة أيضاً. وشارك معنا في صناعتها. وسع آفاق التجارة في دبي، وفتح الأبواب للجميع، وأدخل الكهرباء، وتضاعف عدد السكان في عهده ثلاث مرات. غير أن أعظم إنجازاته كانت سيرته وعلاقته مع شعبه. كان يحبهم ويحبونه. يروون عنه أنه كان يقوم قبل صلاة الفجر، يذهب إلى بئر بعيدة، يملأ دلواً كبيراً بالماء، ويأتي به للمسجد، ليتوضأ المصلون لصلاة الفجر. أي إنسان كنت يا جدي! أي قوة وأي طيبة ورحمة! لم يحكم جدي بالخوف، بل بالمحبة والرحمة. ربما لذلك تذكرته يومها. الرحمة والمحبة لا ينساهما الإنسان، ولا تمحوهما الأيام»، كما روى سموّه في «قصتي».

المعلم الأول

بينما يطلق صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على أبيه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد لقب المعلم الأول: «راشد بن سعيد، معلمي الأول.. من اللحظات الأولى التي لا أنساها معه عندما كان يردفني معه على خيله. كنت في الثالثة من عمري تقريباً، يردفني معه على خيله في جولاته الصباحية. أبي والخيل ودبي، هي ذكرياتي الأولى عن طفولتي؛ أبي والخيل ودبي، هي ذاكرتي التي ستبقى معي حتى النهاية». ويروي كل ما علمه والده إياه، وهو كثير: «دروس راشد لا تنتهي، كان مدرسة، وكان معلماً، وكان حاكماً وكان أباً للجميع. يبدأ يومه مع صلاة الفجر، ومنه تعلمت هذا الدرس، ومازال استيقاظي حتى اليوم يبدأ مع صلاة الفجر».

ويضيف: «كان أخواي الأكبر، الشيخ مكتوم والشيخ حمدان، يثقان بي ثقة عمياء عند السير بين الكثبان الرملية، لأنهما يعرفان ما تعلمته من والدي».

من هذا النبع الفياض، تشرّب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قيمة الأسرة وحبها واحترامها والعمل على تماسكها، ليصير قدوة، نموذجاً عالياً يهب السعادة للقريبين والبعيدين، يحرص على سلامة كل من يحلّ ضيفاً على أرض دبي، ليعود من يزورها بتذكار لا ينساه.

• الحكاية الإنسانية الجميلة تستمر بكل عفوية، إذ يطل صاحبها والإشراقة تملأ وجهه وسط صغار الأسرة، يداعب البنات، ويحتضن البنين.. وليس آخراً، يحمل من يصفهما بـ«بلسم القلب» التوأمين شيخة وراشد.

• تمتد سلاسل طويلة من الإنسانيات، وتتعدّد مشاهد الوفاء التي يمكن أن تروى، عن مكانة الأسرة في حياة من واصل مسيرة العطاء.. وصانع السعادة الذي منحها - ومازال يمنحها - للقريب والبعيد.

• من نبع فياض، تشرّب محمد بن راشد قيمة الأسرة وحبها واحترامها والعمل على تماسكها، ليصير قدوة، ونموذجاً عالياً يهب السعادة للقريب والبعيد، يحرص على سلامة كل من يحلّ ضيفاً على أرض دبي، ليعود من يزورها بتذكار لا ينساه.

• محمد بن راشد رسم لوحات إنسانية وصوراً حية للشيخ سعيد، والشيخ راشد، والشيخة لطيفة، توقف معهم طويلاً، ليضيء على يوميات الطيبين، الذين حكموا الناس بالمحبة والتواضع، وأسروا قلوبهم بالعطف والرحمة.

• 4 يناير ذكرى تولي محمد بن راشد مقاليد الحكم في دبي

• «لم يكن أحد يستطيع تخيّل دبي دون الشيخ سعيد.. فهو الذي بدأ رحلة تحديث دبي التي لم تنته حتى اليوم».

• «دروس راشد لا تنتهي، كان مدرسة، وكان معلماً، وكان حاكماً وكان أباً للجميع».


راعي الأحلام بين أحفاد «التحدي»

ربما تكون من أسعد أيام صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حينما يلتقي أحفاده بين أسرته الكبيرة الممتدة، في مناسبة منتظرة كل عام، خلال الاحتفاء بالجيل الذي يعول عليه، وينتظر منه الكثير.. أحفاده الذين ينتمون إلى «تحدي القراءة العربي»، وأبطال المشروع النوعي، الذي أطلقه سموّه لغرس حب الكلمات والقراءة في نفوس أبناء الغد، من أجل استعادة عالمنا العربي لريادته، لتبرز في كل لقاء مشاهد تبرز أبوة صاحب القلب الكبير وهو يلتقي أحفاده، يمسح دموعهم حينما يعلن التتويج، ويشجعهم ويحتفي بهم ويرقب النجابة التي تطل من عيونهم المتطلعة إلى مستقبل واعد يرونه هم أيضاً فيمن يرعى أحلامهم في هذه اللحظة، ويدفعهم وكأنهم أبناءه إلى تحقيقها خلال التظاهرة الأكبر من نوعها، والتي تخطت حاجز الـ22 مليون طالب وطالبة ليس فقط من الدول العربية، ولكن من حول العالم، وكل من يعشق لغة «الضاد» ونور كلماتها، ويتمنى للسان العرب وأحوالهم شأناً آخر.

تويتر