حدّد سببين لضعف اعتماد الجمهور على «الإعلام التقليدي»

تقرير برلماني: تزايد الثقة في «أخبار التواصل الاجتماعي» يؤثر سلباً في سلوكيات الشباب

المجلس الوطني الاتحادي اعتمد تقريراً حول سياسة وزارة الثقافة والشباب أخيراً. أرشيفية

أكد تقرير برلماني حديث تزايد ثقة الجمهور في الأخبار التي تذيعها شبكات التواصل الاجتماعي بنسب أعلى مما تبثه وسائل الإعلام التقليدي، ما يؤثر سلباً في غرس الهوية الوطنية، وفي اختيارات وسلوكيات الشباب.

وعزا التقرير ما وصفه بـ«ضعف اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام التقليدي» إلى سببين، الأول عدم توظيف وسائل الإعلام الرسمية الوطنية، التي تمتاز بالمصداقية في نقل المعلومات داخل منظومة الإعلام الجديد، والثاني غياب برامج ومبادرات استراتيجية إعلاميـة تستقطب الشباب، تتسم بالرصانة وتقدم معلومات تتماشى مـع النهج العام للسياسة الوطنية وتتميز بالمصداقية والسرعة في تغطية الأحداث.

وتفصيلاً، أكد تقرير برلماني حول سياسة وزارة الثقافة والشباب، اعتمده المجلس الوطني الاتحادي، أخيراً، ضعف اعتماد المواطنين والمقيمين في الدولة على وسائل الإعلام التقليدية الإماراتية للحصول على الأخبار، موضحاً أنه رغم ارتفاع معدل الثقة العام للمجتمع بالإعلام الإماراتي بنسبة 80.5%، وارتفاع نسبة الثقة العامة بوسائل الإعلام الإماراتي (الثقة الانطباعية) لتبلغ 94% وفقاً لدراسة «مؤشـر الثقـة بوسائل الإعلام في الإمارات»، التي بيّنت أن نسبة اعتماد الجمهور على الأخبار في أوقات الأزمات والحالات الطارئة والكوارث عبر القنوات التلفزيونية سجّلت نسبة قـدرها 33% تلتهـا مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) بنسبة 22%، ثم الصحف الورقية بنسبة 12%، والمحطات الإذاعية بنسبة 4%، إلّا أنه تبيّن أن اعتماد الجمهور على القنوات التلفزيونية مصدراً للأخبار والمعلومات في الظروف العادية سجل نسبة قدرها 30% فقط.

ولفت التقرير، الذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، إلى تصدر مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما «فيس بوك» و«تويتر»، معدلات اعتماد الجمهور بنسبة 37%، مقابل انخفاض ملحوظ بالنسبة للاعتماد على الصحف، ليسجل ما نسبته 10%، ثم المواقع الإخبارية الإلكترونية بنسبة 8%، وأخيراً المحطات الإذاعية بنسبة 4%، ما يعكس تزايد اعتماد الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتسم بتدني مستوى جودتهـا ومصداقيتها في بعـض الأحيان، وبثها شـائعات وضعف الرقابة على المحتوى الذي تقدمه، ولكنها تتميز بسرعة انتشار الخبر والتفاعل معه من الجمهور المتلقي.

وأرجع التقرير ضعف اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام التقليدي إلى سببين رئيسين، الأول عدم توظيف وسائل الإعلام الرسمية الوطنية التي تمتاز بالمصداقية في نقل المعلومات داخل منظومة الإعلام الجديد، من خلال بث برامجها في مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية وتحديث الأخبار على مدار الساعة، والثاني غياب برامج ومبادرات استراتيجية إعلامية تستقطب الشباب، تتسم بالرصانة وتقدم معلومات تتماشى مع النهج العام للسياسة الوطنية وتتميز بالمصداقية والسرعة في تغطية الأحداث، مؤكداً أن الوسيلة الإعلامية تمثل أولوية للشباب في الحصول على الأخبار فـي شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 42.4% باعتبارها الوسيلة الأسرع والأكثر فعالية وتحرراً من القيود مقارنة بالوسائل الإعلامية الأخرى، بينما حلت القنوات التلفزيونية في المرتبة الثانيـة بنسبة 23%، وفقاً لمعيار الثقة والمصداقية (وفقاً لتقرير مـصادر أخبار الشباب والصادر من مجلس الإمارات للشباب)، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر في معدل الثقة العام بـالإعلام الإماراتي نظراً لتنوع الجهات التي تبث المعلومات والأخبار من غير رقابة محكمة، كذلك بث قـوات التواصل الاجتماعي محتوى يتنافى مع القيم الوطنيـة والموروث الثقافي الإماراتي.

وانتهى التقرير إلى أن تزايد ثقة الجمهور والشباب في الاعتماد على الأخبار من خلال شبكات التواصل الاجتماعي بنسب أعلى من وسائل الإعلام التقليدي الأخرى، مثل التلفاز والصحف والإذاعة، مقابل ضعف الدور التشريعي فـي إدارة ورقابة المحتوى الإعلامـي فـي منصـات وشبكات التواصل الاجتماعي، بات يؤثر سلباً في اختيارات وسلوكيات الشباب الإيجابية. كما أن له مردوداً سلبياً في غرس الهوية الوطنية، وبالتالي التأثير في الرأي العام نتيجة التفاعل مع أشخاص غير متخصصين في الإعلام.

وشدد على أهمية وجود منصات إعلامية وطنية رقمية متطورة لوسائل الإعلام التقليدية، تواكب غيرها من التطبيقات وتعتمد على متابعيها الـرقميين عبر هذه التطبيقات أكثر مما تعتمد على قرائها ومتلقيها التقليديين، إضافة إلى أهمية وجود مؤسسة إعلامية مستقلة ذات مرجعية وحاضنة لجميع وسائل الإعلام في الدولة (من بينها الإعلام الرقمي) تتولى تنسيق وتوحيد الرسالة الإعلامية داخل الدولة وخارجها.

وانتقل التقرير إلى ما وصفه بـ«ضعف دور المؤسسات الإعلامية الرقمية في إبراز إنجازات الدولة وقوتهـا الناعمـة، المتمثلة فـي المبادرات والفعاليات والأحداث الكبرى على مستوى الإعلام الدولي»، إذ أكد أن الإعلام مازال يركز على المحتوى الموجه للجمهور المحلي بصفة أساسية، دون الأخذ في الاعتبار الجمهور الخارجي والمحتوى الذي يـؤثر فيه، إضافة إلى أن الرسالة الموجهـة من معظم وسائل الإعلام في الدولة «رسالة آنية الهدف والتأثير»، حيث ينتهي أثرها بانتهاء الحدث، مرجعاً ذلك إلى سببين، الأول عدم تفعيل الخطة الاستراتيجية الموحدة لتنظيم العمل الإعلامي بين المؤسسات الإعلامية في الدولة لمواكبة التطورات والأحداث الوطنية المهمة التي تمر بها الدولة والعالم، والثاني غياب جهة إعلامية وطنية مستقلة معنية بالإشراف والمتابعة على المحتوى الإعلامي لوسائل الإعلام كافة وتتمتع بالمرونة والكفاءة وتكون قادرة على مواكبة سرعة ومرونة الإعلام التقليدي والجديد، خصوصاً على المنصات الرقمية تسهم في تهيئة البيئة المناسبة والداعمة لنشر المحتوى والترويج لأخبار الدولة ومبادراتها على نطاق واسع نظراً لتعدد الجهات المعنية.

انتشار الشائعات

ذكر التقرير البرلماني أن تأخر وسائل الإعلام الرسمي في تزويد المجتمع والرأي العام الدولي إزاء بعض القضايا الرئيسة، وعدم تدفق المعلومات عبر قنوات الإعلام الرسمي بصورة منتظمة وبوتيرة سريعة، قد يؤدي إلى انتشار الشائعات وإرباك الرأي العام، حيث تعد مواقع التواصل الاجتماعي من أكثر الوسائل الإعلامية أسبقية في الحصول على الأخبار، وشكلت ما نسبته 42%. كما يؤثر ذلك سلباً في تعزيز تنافسية الدولة وضعف استقطاب الأفراد والشركات والمؤسسات الدولية.

ودعا التقرير إلى تفعيل الاستراتيجية الإعلاميـة لدولة الإمارات لاستباق الأحداث والتعامل مع المستجدات بطريقة احترافية مؤثرة، مع الالتزام بالموضوعية العامة والمصداقية لإنتاج محتوى إعلام رقمي قادر على مخاطبة العالم الخارجي، ونقل القوة الناعمة للدولة والتأثير في اتجاهات الرأي العام الدولي إزاء بعـض القضايا الرئيسة لتعزيز العلاقات الدولية ومراعاة توزيع المهام والمسؤوليات بـين المؤسسـة الإعلامية الوطنية المقتـرح إنشـاؤها وبين المؤسسات الإعلامية المحلية، بحيث تتكامل هذه الأدوار وتتوّحد الرسائل الإعلامية للدولة في الداخل والخارج.

ردود حكومية

تضمن التقرير البرلماني الذي اعتمده المجلس الوطني الاتحادي، ردوداً حكومية من ممثلي وزارة الثقافة والشباب، على بعض الملاحظات والاستنتاجات البرلمانية التي تم رصدها، أبرزها أن الوزارة ستعمل على دعم الجهود المبذولة للنهوض بالقطاع الإعلامي في الدولة وتوفير البيئة التشريعية والتنظيمية والقانونية الإيجابية والمحفزة لنجاح وريادة قطاع الإعلام الوطني، وتمكين المجتمع الإماراتي وتعزيز مكانته من الناحية الإعلامية في انتشار القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية والصحف والمجلات، وغيرها من الأنشطة الإعلامية، إضافة إلى المناطق الإعلامية الحرة.

وذكر ممثلو الحكومة أن مكتب تنظيم الإعلام هـو الذي يتولى إعداد القوانين والتشريعات بالتنسيق مع المؤسسات الإعلاميـة الحكومية فـي مختلف أنحـاء الدولة والشركاء الاستراتيجيين الذين يعملون في القطاع الإعلامي، من أجل الارتقاء بمستوى المحتوى الإعلامي والخدمات الإعلامية المقدمة للجمهور، والعمل على إبراز مكانة دولة الإمارات محلياً وإقليمياً ودولياً.

• شبكات التواصل الاجتماعي أولوية للشباب في الحصول على الأخبار باعتبارها الوسيلة الأسرع والأكثر فعالية.

تويتر