«مشاريع الخمسين» تعزّز المزايا الحيوية لاقتصاد الدولة

الإمارات استبقت تحوّلات سوق النفط باستراتيجيات «التنويع الاقتصادي»

اقتصاد الإمارات يُعد من الأكثر تنوعاً في المنطقة وبين جميع كبار منتجي النفط. من المصدر

تمكنت الإمارات، خلال سنوات قليلة، من التحول إلى نموذج عالمي، على صعيد التنويع الاقتصادي، عبر المبادرات والاستراتيجيات والإجراءات التي تم إطلاقها وتبنّيها، من أجل تعزيز مساهمة كل القطاعات في الازدهار الاقتصادي، إضافة إلى مساهمة النفط، وصناعاته المختلفة، على أساس أكبر استراتيجية وطنية إماراتية لمرحلة ما بعد النفط.

وركزت الدولة على تطوير سياسات التنويع الاقتصادي في ظل قراءة للتحولات المستقبلية قادت إلى إعادة توظيف الثروات والموارد، وتهيئة البيئة لتنمية مستدامة، في ظل أهداف الإمارات بترقية الحياة، وتحقيق الرفاه، وما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يبدو حاضراً اليوم بقوة، حين قال قبل أربع سنوات: «70% من اقتصادنا الوطني غير معتمد على النفط، وهدفنا تحقيق معادلة جديدة لاقتصادنا لا يكون فيها معتمداً على النفط أو مرتهناً لتقلبات الأسواق، وسنضيف قطاعات اقتصادية جديدة، وسنطور كفاءة وإنتاجية القطاعات الحالية، وسنعد أجيالاً تستطيع قيادة اقتصاد وطني مستدام ومتوازن».

ويُعد اقتصاد الإمارات من الأكثر تنوعاً في المنطقة وبين جميع كبار منتجي النفط، حيث بلغت مساهمة القطاعات غير النفطية أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي. وتؤكد تقارير محلية ودولية أن الإمارات انتقلت من اقتصاد النفط إلى اقتصاد التنوع الإنتاجي في شتى المجالات.

واستبقت الإمارات التحولات في قطاع النفط وتقلبات أسعاره، بسلسلة من الإجراءات التي أدت إلى تعزيز مساهمة بقية القطاعات في اقتصاد الدولة، بحيث تسهم هذه القطاعات بأكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 30% اعتماداً على النفط، هذا على الرغم من أن الإمارات تمتلك ثروات نفطية مهمة، وتعد سادس أكبر احتياطي في العالم على صعيد النفط والغاز.

وتستعرض «مشاريع الخمسين» المزايا الاستثمارية لكل القطاعات في الدولة، بما يعزز رغبة المستثمرين والموهوبين ورواد الأعمال بالاستثمار في هذه القطاعات في ظل بيئة آمنة وحيوية تتسم بالاستقرار، وارتفاع مردود هذه الاستثمارات على الصعيد المالي، إضافة إلى قدرة الإمارات على توفير البيئة الحاضنة لكل أنماط الاستثمارات الجديدة.

وسبقت الإمارات في السعي الجاد نحو تنويع المنظومة الاقتصادية والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، من خلال إطلاق أكبر استراتيجية شاملة تستهدف الاستعداد لخمسين سنة مقبلة، عبر خطة اقتصاد ما بعد النفط التي تهدف إلى تجهيز كل قطاعاتها الحيوية لمرحلة ما بعد النفط، إضافة إلى مقررات الأجندة الوطنية 2021، ومئوية الإمارات 2071، من أجل تكريس وترسيخ التنوع الاقتصادي.

ويُعد توقيع الإمارات ما يقرب من 134 اتفاقية لتشجيع الاستثمارات مع شركائها التجاريين، بوابة أساسية في تنويع الاستثمارات في الدولة، حيث تسهم هذه الاتفاقيات في استقطاب المستثمرين في القطاعات التقليدية أو المستحدثة، بما يؤمّن لهم بيئة جاذبة وآمنة، إضافة إلى التعديلات الجديدة على قانون الشركات التجارية تسمح بالملكية الأجنبية في الشركات بنسبة تصل إلى 100٪، وعدم وجود ضرائب تجارية على الشركات، ولا ضرائب على الدخل.

وتؤشر كل التقارير الدولية على تصنيفات مرتفعة بخصوص الإمارات، حيث تصنف الدولة في المرتبة الأولى عربياً وإقليمياً والـ15 عالمياً في مؤشر كيرني للثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر للعام الجاري 2021، متقدمة أربع مراتب مقارنة بالعام الماضي 2020، ومتفوقة بذلك على عدد من الاقتصادات العالمية الكبرى.

ونمت التجارة الخارجية غير النفطية للإمارات، وتضاعفت خلال الخمسين عاماً الماضية أكثر من 1600 مرة، وارتفعت من نحو مليار درهم عام 1971 إلى 900 مليار درهم خلال النصف الأول من عام 2021، وبنسبة نمو 27% مقارنة مع النصف الأول من عام 2020. كما حققت الدولة بفضل الإنجازات الاقتصادية مواقع متقدمة على صعيد التجارة العالمية شهدت بها المنظمات الدولية المتخصصة.

وبلغت قيمة الصادرات السلعية غير النفطية للدولة خلال النصف الأول من عام 2021 نحو 170 مليار درهم، وحققت نمواً بنسبة 44% مقارنة مع النصف الأول من عام 2020، فيما تجاوزت قيمة الواردات السلعية خلال النصف الأول من عام 2021 نحو 482 مليار درهم، وحققت نمواً بنسبة 24% مقارنة مع النصف الأول من عام 2020. كما جاءت الإمارات في المرتبة الـ18 عالمياً والأولى شرق أوسطياً كمستورد للخدمات بقيمة بلغت 74 مليار دولار خلال عام 2019، وبنسبة نمو 2.4% مقابل عام 2018، أما في جانب صادرات الإمارات من الخدمات، فبلغت القيمة 73 مليار دولار، وجاءت في المركز الـ17 عالمياً والأولى شرق أوسطياً.

ورسّخت الدولة جاذبيتها الاستثمارية في السنوات الأخيرة باستقطاب استثمارات ضخمة رفعت بها رصيدها التراكمي من الاستثمارات الأجنبية لنحو 174 مليار دولار (ما يعادل 639 مليار درهم)، وفقاً لتقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، ما يعكس مدى جاذبيتها وتنافسيتها بما تملكه، سواء على مستوى البيئة التشريعية الناظمة لمجتمع الأعمال أو البنية التحتية التي تحوزها وتعد الأضخم في المنطقة.

ويُعد قطاع السياحة أحد القطاعات المهمة التي تعزز التنوع الاقتصادي للدولة، حيث يسهم بنسبة 11.9% بنحو 177 مليار درهم (48 مليار دولار أميركي) من الناتج المحلي، وهي من النسب العالية عالمياً مقارنة بدول رائدة في مجال السياحة. وحازت الدولة المرتبة الأولى إقليمياً، والـ33 عالمياً في مؤشر التنافسية السياحية العالمية، كما حلت في مراكز متقدمة في عدد من المؤشرات الفرعية.

كما حققت دولة الإمارات مستويات إشغال عالية في المؤسسات الفندقية في عام 2020، وتمكنت من تحقيق المركز الثاني في العالم في نسبة إشغال الفنادق مدعومة بآليات التعامل المثالية للتصدي لجائحة «كوفيد-19».

«الفضاء» يعزّز التنويع الاقتصادي

تركز الإمارات على مجالات جديدة من أجل دعم وتعزيز التنويع الاقتصادي، إذ بالإضافة إلى القطاعات التقليدية المعروفة، بدأ التركيز على قطاعات جديدة، ومن أبرز هذه المجالات قطاع الفضاء، الذي يُعد قطاعاً واعداً على مستوى الخبرات، والمعارف، والعلوم، والصناعات. وتعد القدرات المتنامية في مجالات العلوم والتقنية ركيزة أساسية تعزز قطاع الفضاء على خريطة الاقتصاد الإماراتي، من الناحية العلمية، ومن حيث الشراكة في تعزيز التنويع الاقتصادي، والذي من المتوقع أن يكون ممكناً رئيساً لاقتصاد المستقبل، خصوصاً بعد أن وصل حجم الاستثمار إلى أكثر من خمسة مليارات دولار في مختلف أنشطة قطاع الفضاء في الدولة منذ تأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014.

الصناعة.. طموحات بلا حدود

تُعد الصناعة أحد القطاعات التي يتم التركيز عليها من أجل تعزيز التنويع الاقتصادي، وزيادة مساهمة الصناعة في الاقتصاد الإماراتي، حيث أطلقت الإمارات الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة Operation 300bn «مشروع 300 مليار» كاستراتيجية حكومية عشرية هي الأشمل من نوعها، للنهوض بالقطاع الصناعي في الدولة، وتوسيع حجمه ونطاقه، ليكون رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، ضمن أهداف تسعى إلى تعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الدولة في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031، مع التركيز على الصناعات المستقبلية.

الأولى في قطاع التكنولوجيا

يُعد قطاع التكنولوجيا، اليوم، من أبرز القطاعات التي تركز الإمارات عليها من أجل تعزيز التنويع الاقتصادي، وتقدم التسهيلات من أجل زيادة الاستثمارات فيها. وتعد الإمارات الرابعة عالمياً في تطبيق خدمات الجيل الخامس تجارياً، وهي أول دولة في العالم تعيّن وزيراً للذكاء الاصطناعي، وافتتحت أول جامعة متخصصة بالذكاء الاصطناعي في العالم.

134 اتفاقية وقّعتها الإمارات لتشجيع الاستثمارات مع شركائها التجاريين.

تويتر