عبدالله بن زايد شهد أولى محاضرات مجلس محمد بن زايد الرمضانية بعنوان «الأخوة الإنسانية والتسامح: رسالة الأديان»

محمد بن زايد: علينا أن نترك لأجيال المستقبل عالماً من دون أحقاد وكراهية

صورة

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أنه علينا أن نترك لأجيال المستقبل عالماً من دون أحقاد وكراهية. وأضاف سموه عبر تغريدة على «تويتر» أمس: «تابعت اليوم أولى محاضرات شهر رمضان المبارك بعنوان: (الأخوة الإنسانية والتسامح: رسالة الأديان).. هذه الرسالة مصدر قوتنا وتميز تجربتنا خلال الخمسين عاماً الماضية، ومسؤوليتنا جميعاً تجسيد هذه المعاني لأجل خير البشرية.. علينا أن نترك لأجيال المستقبل عالماً من دون أحقاد وكراهية».

عبدالله بن زايد:

- «نعوّل على المفكرين الحكماء وعلماء الأديان ليرشدونا خلال الأوقات الصعبة».

وكان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، شهد المحاضرة التي استضافها «عن بُعد»، مجلس محمد بن زايد تحت عنوان «الأخوة الإنسانية والتسامح: رسالة الأديان»، والتي تناولت القيم الإنسانية المشتركة التي حثت عليها جميع الديانات والرسالات السماوية، أولها التسامح والتعايش والتراحم والأخوة الإنسانية بين البشر.

وشارك في المحاضرة رئيس مجلس الإمارات للإفتاء رئيس منتدى تعزيز السلم فضيلة الشيخ عبدالله بن بيه، والنائب الرسولي في جنوب شبه الجزيرة العربية الدكتور المطران بول هيندر، والحاخام الدكتور إيلي عبادي، وتضمنت المحاضرة عرض مقطع فيديو سلط الضوء على دور الإمارات ومبادراتها الخيرة في تعزيز الأخوة الإنسانية وقيم التسامح والتعايش بين المجتمعات والثقافات المختلفة، وأظهر جوانب من كنيسة ودير صير بني ياس ومسجد السيدة مريم والبيت الإبراهيمي الذي يتم بناؤه حالياً.

وهنّأ سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في بداية الجلسة، المشاركين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، ونقل إليهم تحيات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وفي حواره مع المطران بول هيندر، قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان: «نحن نعوّل على المفكرين الحكماء وعلماء الأديان ليرشدونا خلال الأوقات الصعبة، وقد شهد العقد الماضي الكثير من الاهتمام في ما يتعلق بالحوار بين الأديان، ما مدى صلة وأهمية ذلك بجائحة كورونا الحالية؟».

وقال الدكتور المطران بول هيندر في رده: «اللقاء أو الحوار بين الأديان ضروري من أجل إعادة بناء السلام والتنمية في العالم، وقد لمست هذا أثناء زيارة البابا فرنسيس إلى أبوظبي وزيارته أخيراً إلى العراق، فقد أظهر لنا أن من المهم أن نلتقي دون خوف».

وأشار إلى أن «الوباء وضعنا جميعاً أمام تساؤل ربما لم نطرحه من قبل على أنفسنا.. بالنسبة للجميع، مسيحيين ومسلمين ويهود، أياً كانت الديانة، وأياً كان ما يؤمن به الناس، فإننا نواجه مسألة المرض والموت أثناء هذا الوباء، علينا أن نتعلم أن نواجه الموقف معاً وأن نتغلب على ما يمكن التغلب عليه».

وقال سموه إنها المرة الثانية التي يمر علينا هذا الشهر الفضيل ومازالت جائحة «كوفيد-19» منتشرة، لكن أملنا يتجدد بمواجهة هذا الوباء سواء كان على المستوى العلمي أو على المستويين الاقتصادي والسياسي، وقبل كل ذلك الأمل برحمة الله، عز وجل، أن يزيل عنا هذه الغمة قريباً بالدعاء أولاً ثم بجهود أصحاب العلم والعزيمة.

وفي مداخله مع فضيلة الشيخ ابن بيه طرح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، سؤالاً حول أهمية الوعي ودوره في مواجهة الأفكار التي تستهدف غرس بذور التعصب والكراهية في المجتمعات. وأوضح ابن بيه في إجابته أن الوعي هو فهم، ويقظة واعتقاد، وهذا سبيله الأول والأوحد هو التعليم لأن الجاهل ‏لا يمكنه أن يكون له وعي، وإذا كان له وعي، فهو وعي ناقص فالتعليم ثم التعليم، مشيراً إلى أن التعليم يجب أن يكون صحيحاً، كاملاً، غير مجتزأ، لأن التعليم الناقص هو جهل مركب، فالجاهل هو الذي لا يدري أنه جاهل ويرى نفسه عالماً.

وأضاف أن الجهل المركب هو أسوأ أنواع الجهل ‏لأن صاحبه يتصرف كأنه عالم، وبالتالي يوقع نفسه والآخرين في أوضاع سيئة جداً وهو يظن أنها الحقيقة.

وفي مداخله مع الحاخام عبادي، قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان: «لاشك أننا نعيش زمناً صعباً.. لكن من خلال خبرتك وتجاربك، كيف يمكننا تحويل هذه الصعوبة، التي لا تميز بين الأعراق والأديان، إلى شيء أقوى بكثير لخير الإنسانية؟».

وقال الحاخام عبادي في إجابته عن السوال: «في الواقع، سؤالك مهم جداً بالنسبة لنا كوننا أهل إيمان.. كيف نرى هذا الوباء وما هي الدروس التي نتعلمها منه بعد مرور أكثر من عام عليه؟ حقيقةً هذا الوباء هو عامل مساواة بين الناس لأنه لم يفرق بين رجل وامرأة أو بين عرق وآخر أو جنسية أو بلد أو شعب، لم يفرق بين الأديان، لقد ساوى بين البشرية جمعاء».

وأكد المحاضرون والمشاركون خلال الجلسة أن التسامح والتعايش والتراحم بين البشر قيم إنسانية عظيمة مشتركة حثت على إعلائها وتعزيزها جميع الديانات والرسالات السماوية، مشددين على أنها تنهل من منبع واحد ومصدرها إله واحد.

من جانبه، دعا فضيلة الشيخ عبدالله بن بيه إلى إيجاد نظرة جديدة للعلاقات البشرية لأن البشر اليوم مثل ركاب السفينة يحكمهم مصير واحد، وكذلك سكان كوكب الأرض هم في سفينة واحدة إن لم يتعاونوا على صيانتها فمصيرهم الفناء، وهذا المعنى تتجلى أهميته وتتضح رمزيته في الأزمات المناخية والصحية والكوارث التي تكون بسبب البشر، حيث يدرك الناس أنه لا نجاة لبعضهم دون نجاة الجميع ولا سعادة إلا حين تعم السعادة الآخرين.

عبادي: الإمارات نموذج لدول المنطقة وخارجها

قال الحاخام الدكتور إيلي عبادي، إن التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية ليست مجرد مفاهيم بل هي مبادئ يلتزم بها الناس في الإمارات ويعيشون بموجبها، مؤكداً أن الإمارات هي نموذج لجميع الدول في هذه المنطقة وخارجها، وهي مثال يحتذى للوصول إلى مستقبل أكثر إشراقاً وسلاماً وازدهاراً ونحن محظوظون لأن نكون جزءاً منه. وأضاف أن هذا سيمنح الأمل للأجيال الجديدة والمنطقة والبشرية جمعاء، في أن ينعم البشر بالسلام والوئام. وأضاف أن الإمارات أحدثت فرقاً في حياتي وفي حياة المجتمع اليهودي، وقد كان لي شرف العيش في هذا البلد الجميل المبارك كوني رئيس الجالية اليهودية، وقد شعرت بكل الترحيب والاحترام.. شعرت باحتضان الشعب الإماراتي لي.

بول هيندر يثمن دور الإمارات وجهودها في الداخل والخارج

قال الدكتور المطران بول هيندر: «قبل نحو 50 عاماً عندما كنت أدرس في الجامعة لم يكن يخطر ببالي أن أرى مسيحياً ومسلماً ويهودياً في مكان واحد يتعاملون ويتعايشون مع بعضهم بعضاً، بتفاهم وسلام دون وجود خلاف وصراع».

وأضاف أن وجود الكنيسية والمسجد ومقر وزارة التسامح والتعايش في مكان واحد في أبوظبي ليس حدثاً عرضياً أو مصادفة إنما هو تجسيد لرؤى وفكر أشخاص يؤمنون بالأخوة الإنسانية، وضرورة العمل على تحقيق التعايش الإنساني السلمي بين البشر من جميع الأطياف والديانات والثقافات.

وثمن هيندر دور الإمارات وجهودها في الداخل والخارج، مشيراً إلى ضرورة تجاوز هذه المحنة جميعاً وألا نلتفت إلى أنفسنا فحسب، بل أن نفتح أعيننا على الواقع الذي يتجاوز أسوار منازلنا وثقافتنا وديننا، وأن ننظر إلى ما وراء ذلك، وأن نتعلم من بعضنا بعضاً.

تويتر