خلال كلمة في جلسة للأمم المتحدة بمشاركة الأمين العام ورؤساء دول

حمدان بن محمد: لا يمكن بناء المستقبل إلا على أسس التعاون الرقمي

 شارك سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، متحدثاً رئيساً في جلسة «خارطة الطريق للتعاون الرقمي»، المبادرة العالمية الجديدة التي أطلقتها الأمم المتحدة.

ولي عهد دبي:

- «خارطة التعاون الرقمي ستعزّز التعاون بين الحكومات، وتشجع الدعم للقطاع الخاص والمنظمات الدولية والأفراد».

- «الاستثمار في التحوّل الرقمي، على مدى 20 عاماً، مكّننا من العمل بكفاءة تشغيلية بنسبة 100% خلال الأزمة».

وأثنى سموه على جهود الأمم المتحدة في توحيد المجتمع الدولي من أجل صنع مستقبل أفضل للعالم، مؤكداً أنه لا يمكن بناء المستقبل إلا على أسس التعاون الرقمي، وأن التطور التكنولوجي لا يمكن أن يحدث دون هذا التعاون، مشيراً سموه إلى التزام دولة الإمارات العربية المتحدة إزاء أي مبادرة دولية تهدف إلى مدّ جسور تعاون متينة ووثيقة بين الدول والمجتمعات، وتسخير التكنولوجيا الرقمية في خدمة الشعوب.

وقد شارك في الفعالية الخاصة بإطلاق المبادرة الجديدة كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، ورئيسة الاتحاد السويسري سيمونيتا سوماروغا، ورئيس جمهورية سيراليون جوليوس مادا، وعدد من الشخصيات العالمية.

وأكد سمو ولي عهد دبي، خلال كلمته، أن الإمارات ملتزمة بتعميق كل أشكال التبادل المعرفي والتقني لبناء اقتصادات رقمية متكاملة لتحقيق تقدم تنموي متسارع ومستدام، وتعزيز الحوار العالمي البنّاء للاستفادة من الفرص كافة التي تتيحها التكنولوجيا في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، مع التركيز على المجتمعات الأكثر هشاشة، وتلك التي تواجه معوقات تنموية جرّاء تخلّفها تكنولوجياً، أو تباطؤاً في مسيرتها التنموية التطورية بسبب ضعف بنيتها التقنية، إلى جانب المساهمة الفعالة في دعم برامج ومشروعات الأمم.

وشدّد سموه على أهمية الاستعداد للتغيرات المستقبلية، معرباً عن استعداد حكومة دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لوضع خبرتها وتجربتها في تطوير منظومة العمل الحكومية الرقمية الأكثر تطوراً من نوعها في المنطقة في خدمة المجتمع الدولي، وفي رسم منظومة حوكمة عالمية فعّالة لبناء جسور تعاون وثيقة بين دول العالم للتصدي لمختلف التحديات التقنية والرقمية ضمن رؤية استشرافية تستقرئ التطورات والتغيرات الجذرية المستقبلية، وتستعد لها بكفاءة، من خلال منظومات حكومية مرنة ورشيقة.

جاء ذلك، خلال الفعالية الأممية التي نظمتها «اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي» التابعة للأمين العام للأمم المتحدة، عن بُعد، بمناسبة إطلاق مبادرة «خارطة الطريق للتعاون الرقمي»، لمناقشة «تأثير التغير التكنولوجي المتسارع على التنمية المستدامة»، في إطار الاستعداد العالمي للمرحلة المقبلة التي ستكون أكثر رقمية.

وقال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم: «مبادرة خارطة الطريق للتعاون الرقمي ستعزّز التعاون بين الحكومات، وتشجع الدعم للقطاع الخاص والمنظمات الدولية والأفراد حول العالم»، لافتاً سموه إلى أن «دولة الإمارات ملتزمة بالكامل تجاه أي مبادرة تعمل على تعزيز الحوار العالمي، وهي داعم رئيس للأمم المتحدة».

وأضاف سموه: «شهد العالم في الأشهر الثلاثة الأخيرة مرحلة تاريخية ستكون محل نقاش مستفيض في كتب التاريخ. شهدنا تحدياً هائلاً وتقدماً كبيراً في الوقت نفسه». وتابع سموه: «رأينا جميعاً المشكلات الناجمة عن عدم وجود حكومات وسياسات رشيقة ومرنة ومستعدة لأي تحدٍ قادم، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً». وقال سموه: «لابد من الاستثمار في المستقبل. الاستثمار في القادم وليس في الموجود حالياً».

وأوضح سمو ولي عهد دبي: «تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حكومة دولة الإمارات استثمرت في التحوّل الرقمي على مدى 20 عاماً، وهو ما مكّننا من مواصلة العمل بكفاءة تشغيلية بمعدل 100% في القطاع الحكومي خلال أزمة (كوفيد-19) ضمن تدابير بيئة عمل افتراضية».

وأكد: «لقد كشف الوباء أننا لا نستطيع أن نعمل بصورة منعزلة ومنفردة، وأنه لا توجد أي دولة ستكون أفضل حالاً إذا عملت وحدها»، مضيفاً: «إذا كان هناك وقت يتعين علينا أن نركّز فيه على بناء جسور أكبر، وأكثر متانة، وأكثر مرونة، فهو اليوم».

وأوضح سموه أن «أكثر من 46% من المجتمعات في العالم لا يمكنهم الوصول إلى شبكة الإنترنت. ويتعين علينا تسريع الجهود لوصل نصف سكان العالم تقريباً بالشبكة»، مؤكداً أنه: «لايزال هناك العديد من الفرص بالنسبة لنا لتعزيز التعاون الرقمي، والدفع به في كل المجالات».

وحول دور التكنولوجيا في التصدي للتحديات، قال: «من خلال هذا الوباء، رأينا أنه من الممكن تسريع التقدم في أي قضية أو مهمة»، مضيفاً: «لقد سرعت الحكومات عالمياً العمل على ثلاث سنوات من التنمية لتنجزها في ثلاثة أشهر».

وشارك سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، الحضور في كلمته جانباً من تجربة حكومة دولة الإمارات. وقال: «في الإمارات، نحرص دائماً على تبنّي التغيير والتطوير. ولدينا آلية تفكير تتطلب منا دوماً صياغة المستقبل اليوم»، مضيفاً سموه: «نعرف أن العالم سيمر بتحولات جذرية، والحاجة لتسريع مسيرتنا التنموية تضمن أن نواصل المضي قدماً دون أن نترك أحداً يتخلف بعيداً عن الركب».

وختم سموه بالقول: «لا يمكن بناء المستقبل إلا على أسس التعاون الرقمي، والتطور التكنولوجي لا يمكن أن يحدث دون هذا التعاون بين أطراف المجتمع الدولي كافة».

وكان سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، قد أعرب في بداية كلمته عن تضامنه مع كل الذين يعانون التداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لجائحة «كوفيد-19» في مختلف أنحاء العالم، مقدماً سموه مواساته لعائلات أولئك الذين فقدوا حياتهم بسبب الوباء العالمي.

وقال الأمين العالم للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش: «يجب على حوكمة التكنولوجيا أن تواكب التطوّر في سرعته. أحثّ ممثلي الحكومات والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والتقنية أن يتواصلوا ويحترموا ويحموا الأفراد بشكل دؤوب في ظل العصر الرقمي».

وقالت رئيسة سويسرا سيمونيتا سوماروغا، في معرض مشاركتها في إطلاق خارطة الطريق للتعاون الرقمي: «يجب وضع الرقمنة في خدمة جميع الأفراد. ولتحقيق ذلك يجب أن نضع مجموعة من القواعد والأنظمة المشتركة لضمان اتصال كل أطفالنا بشبكات التواصل».

وأكد رئيس جمهورية سيراليون، جوليوس مادا، خلال مداخلته، أن «الفرص وتحديات التكنولوجيا الرقمية بشكل عام تُبيّن لنا الحاجة للتعاون الدولي».

وقال المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي، كلاوس شواب: «نحن اليوم في حاجة متزايدة وملحّة لتعميق التعاون الرقمي عالمياً».

خارطة الطريق للتعاون الرقمي

تستعرض «خارطة الطريق للتعاون الرقمي» المشهد الرقمي الحالي في ظل التعامل مع تداعيات الأزمة الراهنة لوباء فيروس كورونا المستجد، والشروط الجديدة التي فرضها في مختلف القطاعات التنموية، وهو ما يتطلب إعادة النظر في الأطر والمنظومات المعمول بها حالياً. كما ناقشت خارطة الطريق الحاجة الماسة لبناء منظومة تعاون رقمية دولية بما يسهم في ترسيخ عدالة تكنولوجية، خصوصاً في المجتمعات الأقل حظاً عبر الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة الرقمية.

وتأتي مشاركة دولة الإمارات في الفعالية الخاصة بإطلاق «خارطة الطريق للتعاون الرقمي»، بوصفها من أعضاء «اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي»، واعترافاً أممياً بالدور القيادي للإمارات في قضية التعاون الرقمي وتصدرها المنطقة في مجال التكنولوجيات الرقمية والمدن الذكية، وإنجازاتها الرائدة في هذا المجال، من بينها أخيراً تدشين «مركز سالم» لفحص اللياقة الطبية والصحة المهنية التابع لهيئة الصحة بدبي، الذي يعد المركز الأول والأحدث من نوعه عالمياً، المزود بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، بما فيها الذكاء الاصطناعي وأنظمة الروبوت وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة، حيث تنظر اللجنة إلى دولة الإمارات بوصفها تجربة مُلهِمة لدول المنطقة والعالم تستحق التعلم منها ومحاكاتها.

اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي

             أنطونيو غوتيرش.  من المصدر

 

تأسست «اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي» التابعة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، في يوليو 2018، لوضع إطار حوكمة عالمي لتعزيز التعاون بين مختلف دول العالم لمواجهة التحديات المرتبطة بالثورة التكنولوجية، وتسخير فرص التعاون الدولي التي توفرها التقنيات المتقدمة للارتقاء بواقع الإنسان.

وقد أسس غوتيرش اللجنة، التي تضم فريقاً عالمياً رفيع المستوى، للاستعانة بمجمع من الخبرات لتقديم أفكار ومقترحات بغية تعزيز وتوسيع آفاق التعاون في الفضاء الرقمي بين الحكومات والقطاع الخاص والهيئات والمنظمات الدولية والمؤسسات التقنية والأكاديمية ومختلف الجهات والأطراف المعنية، إدراكاً منه بالدور المتعاظم للتقدم التكنولوجي الرقمي في المساهمة في تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، علاوة على قدرة التكنولوجيا على تخطي الحدود وتجاوز الانقسامات الدولية للعمل من أجل صالح البشرية.

وتسعى اللجنة إلى بناء منظومة تعاون رقمية هي الأكبر والأشمل من نوعها عالمياً، تسهم في بناء مجتمعات تكنولوجية رقمية تسعى إلى تحقيق تقدم تنموي مستدام، وتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات الاجتماعية والاقتصادية التي توفرها التكنولوجيا الرقمية.

وقد اختارت الأمم المتحدة وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، محمد عبدالله القرقاوي، في عضوية «اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي» التي يترأسها كل من مؤسس شركة علي بابا جاك ما والرئيسة المشاركة لمؤسسة بيل وميليندا غيتس، ميليندا غيتس.

ويمثل القرقاوي العضو العربي الوحيد إلى جانب 20 عضواً من الخبراء يمثلون الدول الأعضاء، والقطاع الخاص والقطاع البحثي والأكاديمي، بحيث يعملون على تقديم المشورة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن التحديات التي تواجهها التكنولوجيا الرقمية المتغيرة بإطراد والحلول الآنية والمستقبلية في هذا الصدد.

وكانت الإمارات وسويسرا قد تعاونتا بشكل وثيق مع الأمين العام للأمم المتحدة وفريقه، منذ مطلع عام 2017، على صياغة الإطار المفاهيمي للفريق، بما يترجم توجهات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتعزيز التعاون التقني الرقمي.

وتُعدُّ الإمارات من أكثر الدول الداعمة للتعاون الدولي في المجال التكنولوجي، كونها من الدول الرئيسة في المنطقة التي تطبق التقنية الرقمية في منظومتها الحكومية على نطاق واسع.

كما تتبنّى خطط التنوّع الاقتصادي طويلة الأجل بما يتوافق مع استراتيجية «مئوية الإمارات 2071». كما تسجل الإمارات واحدة من أعلى نسب استخدام الهواتف النقالة وانتشار الإنترنت في المنطقة، ما يجعلها مختبراً مستقبلياً حياً للتكنولوجيات المتقدمة.

تويتر