«البيئة» دعت المزارعين إلى الاستفادة من تنوع خيارات التسويق

3 أسباب وراء انحسار الزراعة في الساحل الشرقي.. المياه والملوحة ومنافسة الآسيويين

أصحاب مزارع اتجهوا إلى استثمارها من خلال تحويلها إلى أماكن استجمام خلال فصل الشتاء. الإمارات اليوم

أفاد أصحاب مزارع في الساحل الشرقي بأنهم واجهوا تحديات عدة خلال ممارستهم مهنة الزراعة، حالت دونهم والاستمرار فيها، ودفعتهم لاستثمار مزارعهم بطريقة مغايرة، مشيرين إلى تحويلها إلى أماكن استجمام خلال فصل الشتاء، والأيام التي تشهد اعتدالاً في درجات الحرارة، بهدف تعويض الخسائر التي تكبدوها في تجهيز مشروعاتهم الزراعية.

وأوضحوا أن أبرز التحديات يتمثل في قلة المياه الجوفية المخصصة للري، وارتفاع نسبة ملوحتها، فضلاً عن المنافسة التي يواجهونها من الآسيويين في أسواق بيع الخضار.

في المقابل، أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة تناقص المساحات والمناطق الزراعية، مضيفة أن «هذه مشكلة عالمية، تعاني منها كثير من بلدان العالم»، وأضافت أنها تعمل مع جهات حكومية عدة على وضع حلول مستدامة لمعالجة التحديات في القطاع الزراعي. وقالت إن على المزارعين الاستفادة من تنوع الخيارات المتاحة أمامهم لتسويق منتجاتهم بدلاً من قصر بيعها على فئة محددة، يمكن أن تستغلهم.

وتفصيلاً، قال المزارع علي عبيد، صاحب مزرعة في الساحل الشرقي، إن عوامل عدة أسهمت في توقفه هو وآخرين من أصحاب المزارع عن ممارسة الزراعة، والتوجه إلى بناء فلل وأحواض سباحة في مزارعهم تمهيداً لتأجيرها.

وأوضح أن أبرز العوامل يتمثل في شح المياه الجوفية، وسيطرة الآسيويين على أسواق بيع الخضار.

وقال إنه يؤجر مزرعته بـ5000 درهم لليلة الواحدة، مشيراً إلى أن القيمة تختلف من مزرعة إلى أخرى، بحسب الموقع وقربه من مركز المدينة والخدمات الترفيهية المقدمة داخل المزرعة.

ووافقه الرأي المزارع علي المنصوري، صاحب مزرعة في الساحل الشرقي، محذراً من تأثير نقص المياه الجوفية وتركز الملوحة فيها بنسب عالية على مستقبل الزراعة.

وأكد انخفاض نسبة الربح المالي الناتج عن بيع المحاصيل الزراعية «الأمر الذي يجعل الزراعة مهنة غير ذات جدوى مالياً بالنسبة إلى كثير من أصحاب المزارع، وهو ما دفع عدداً كبيراً منهم إلى الاستثمار في الاستجمام والترفيه عبر تأجير مزارعهم لأسر وعوائل يقصدونها في أيام العطل والإجازات. إلا أن ذلك يتطلب رأس مال مرتفعاً لبناء الفيلا مع ملحقات ترفيهية، مثل حوض السباحة، والحديقة، والألعاب، إلى جانب توفير دراجات ترفيهية وإسطبلات للخيول وغيرها، أما قيمة التأجير فقد لا تتعدى 2500 درهم في الليلة، فضلاً عن أن هذه المزارع لا تحظى بالإقبال إلا في أيام معدودة خلال فصل الشتاء».

وأشار المزارع سعيد سالم الزعابي إلى «ارتفاع كلفة الحصول على تراخيص من الجهات الحكومية متعلقة بتحويل المزارع إلى أماكن استجمام وترفيه يمكن تأجيرها للراغبين في ذلك، وفي حال الحصول على التراخيص فإنها تتطلب مبالغ مالية كبيرة».

من جانبه، قال مدير إدارة التنمية والصحة الزراعية في وزارة التغير المناخي والبيئة، محمد أحمد الظنحاني، إن الإحصاءات الحديثة تبين أن مساحة الأراضي الزراعية في المنطقة الشرقية تبلغ 40 ألف دونم تقريباً، لافتاً إلى تناقص المساحات والمناطق الخضراء. وأضاف أن هذه المشكلة تمثل تحدياً عالمياً، بسبب ارتفاع نسبة الملوحة في المياه الجوفية، فضلاً عن نقص كميات المياه الجوفية، التي تعتمد بلدان عدة عليها في الزراعة، ومنها الإمارات، لافتاً إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية على وضع حلول مستدامة لتحديات القطاع الزراعي.

وأكد الظنحاني أن الوزارة وقعت مذكرات تفاهم مع مجموعات البيع المباشر للجمهور، مثل اللولو هايبر ماركت، وكارفور، وجمعية الاتحاد، لبيع منتجات المزارعين بشكل مباشر على مستوى الدولة، ما يوفر أكثر من خيار أمام المزارع المواطن حتى يختار آلية بيع منتجاته للجهة التي تعطيه سعراً أفضل، مطالباً المزارعين بالبحث في الخيارات المتاحة أمامهم، وعدم قصر بيع منتجاتهم على فئة محددة يمكن أن تستغلهم.

وتابع: «خلال العام الماضي بلغت قيمة تسويق المنتجات الزراعية المحلية في منفذي بيع ضمن منافذ بيع هذه المجموعات ما يزيد على 32.5 مليون درهم، ويعتبر هذا الأسلوب من أهم وسائل دعم المزارعين لضمان استمراريتهم في الزراعة، حيث يستطيع أي مزارع التواصل مباشرة مع منافذ البيع وبيع محاصيله مباشرة إلى المستهلك دون وجود وسيط يتحكم في الأسعار أو يحتكر شراء المنتجات، لأن الأسواق متاحة لجميع المزارعين، ويستطيع المزارع بيع منتجاته في السوق الذي يناسبه، ولكن بحسب التزام المزارع بمتطلبات الإنتاج والفرز السليم الذي تعمل الوزارة على تقديمه للمزارعين من خلال مراكز الإرشاد الزراعي القريبة من التجمعات الزراعية في أنحاء الدولة، إذ يعمل فيها مهندسون زراعيون مواطنون مع خبراء مختصين في هذا الجانب».

الأمن الغذائي وفرص العمل

أكد محمد أحمد الظنحاني أن وزارة التغير المناخي والبيئة تولي قطاع الإنتاج الزراعي المحلي أهمية بالغة، وتعمل على حماية واستدامة القطاع الزراعي لما له من أهمية اقتصادية واجتماعية وبيئية، فضلاً عن دوره في تحقيق التنوع والأمن الغذائي، وإسهاماته في خلق فرص عمل ضمن مراحل سلسلة الإنتاج المختلفة.

وقال إن الأهداف الاستراتيجية للوزارة تتضمن تعزيز التنوع الغذائي وضمان استدامته في الدولة، من خلال تقديم خدمات إرشادية للمزارعين بناء على تحديد الاحتياجات والمشكلات الفنية التي تواجههم، ووضع الحلول المناسبة لها، ونقل نتائج البحوث الزراعية وتطبيقها، ومنها تقنية الزراعة المائية والزراعة المحمية والزراعة العضوية.

وتابع أن الوزارة توفر مستلزمات الإنتاج الزراعي للمزارعين بنصف السعر، لزيادة المردود المالي من بيع منتجاتهم. ويشمل الدعم الأسمدة العضوية، والبذور، والمحاليل المستخدمة في الزراعة المائية، والأسمدة المركبة في الزراعة المحمية، والبيرلايت، والمبيدات العضوية، كما تنفذ حملات لمكافحة الآفات التي تضر بالمحاصيل المحلية للعمل على زيادة إنتاجيتها.

وقال إن الوزارة تواصل الرقابة على المنتجات المستوردة، للتأكد من مطابقتها للاشتراطات والمواصفات الخاصة بالمنتجات الزراعية، وضمان عدم دخول منتجات مخالفة تباع بأسعار مخفضة تؤثر سلباً في أسعار بيع المنتج المحلي.


علي المنصوري:

«انخفاض نسبة الربح

الناتج عن بيع

المحاصيل الزراعية

يجعل الزراعة مهنة

غير ذات جدوى»

 

تويتر