أكد أن إنجازات الإمارات تتواصل وتكبر وقدراتها تنمو ووعيها بالتحديات يزداد

محمد بن راشد: زايد واحد من قادة معدودين في التاريخ همتهم بحجم آمال أمتهم

قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إن الشيخ زايد كان وسيظل واحداً من قادة معدودين في تاريخ البشرية كانت همتهم بحجم آمال أمتهم؛ كان الاتحاد مشروع عمره ورسالته في الحياة، وكان بالنسبة له فعل إيمان يتمثل مبادئ شريعتنا الغراء، ويستلهم قيم أسلافنا العليا، ويقوى بالصفحات المشرقة في تاريخ العرب والمسلمين.

وأضاف سموه: «وها نحن نحتفل بالذكرى السابعة والأربعين لتأسيس الاتحاد ونردد بفخر واعتزاز: (هذا زايد.. وهذه الإمارات)، فإنجازاتنا تتواصل وتكبر، وقدراتنا تنمو، ودولتنا تتقدم، ومعرفتنا بعصرنا تتسع، ووعينا على التحديات يزداد، وعلاقتنا بمتغيرات زماننا تنتقل من مواكبتها إلى المشاركة في صنعها».

وقال سموه: «أحيي وأهنئ أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، اليوم يكتسب احتفالنا بهذه المناسبة الخالدة في تاريخنا أهمية استثنائية، لأنه يتوج مئوية الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بذكرى إنجازه الأهم، فلولا الشيخ زايد لما كان الاتحاد، ولولا عمق إيمانه بوحدة شعب الإمارات لما تمكن من تذليل الصعاب ومواجهة العقبات وتجاوز التحديات الداخلية والخارجية التي سعت لعرقلة مشروعه الاتحادي، وحاولت إعاقة مسيرته».

وأشار سموه: «حين أتأمل في يوميات العام الماضي، تمتلئ نفسي بالرضا والسرور، وأحمد الله سبحانه وتعالى على تمكينه لنا من تحقيق إنجازات ونجاحات نوعية وكمية تليق بمئوية الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وترتقي إلى طموحات أخي صاحب السمو رئيس الدولة».

وقال سموه: «في العام الماضي عززنا توسيع اقتصادنا وتنوعه، حيث انخفضت مساهمة الأنشطة المتصلة بإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي إلى 22.3% من الناتج المحلي الإجمالي الذي ارتفع في العام 2017 إلى 1422.2 مليار درهم. وللسنة الخامسة على التوالي واصلت دولتنا تقدمها في المؤشر العالمي لجذب الاستثمار، وحافظت على صدارتها عربياً مستحوذة على 36% من إجمالي الاستثمارات المتدفقة إلى الدول العربية، علماً أن تدفقات الاستثمار الأجنبي على مستوى العالم تراجعت بنسبة 22%، وفي سبتمبر الماضي اعتمدنا الميزانية الاتحادية للسنوات الثلاث المقبلة بمبلغ 180 مليار درهم، وستكون ميزانية العام 2019 الأكبر في تاريخ الاتحاد وتبلغ 60.3 مليار درهم. وكما في الأعوام السابقة حازت ثلاثية الرفاه الاجتماعي والتعليم والصحة على النصيب الأوفر من الميزانية، وبما يعادل ثلثي نفقاتها، وسجل العام الماضي أيضاً زيادة كبيرة في عدد الدول التي ترحب بدخول الإماراتيين إلى أراضيها من دون تأشيرة مسبقة، في دلالة جديدة على المكانة المحترمة التي تحظى بها دولتنا، والسمعة الطيبة التي يحظى بها شعبنا في العالم».

وأضاف سموه: «يضيق المجال هنا عن تعداد كل نجاحاتنا وإنجازاتنا، وهي في كل الأحوال تتحدث عن نفسها وظاهرة للعيان، لكنني سأتوقف عند أحدث إنجازاتنا، وهو نجاح كوادرنا الوطنية في بناء القمر الصناعي (خليفة سات) ووضعه في مداره حول الأرض، وتشغيله بكفاءة عالية»، مؤكداً: «اليوم، تظلل وكالة الإمارات للفضاء قطاع الفضاء الوطني على امتداد أرض الإمارات، ويقطف برنامج الإمارات لرواد الفضاء ثمراته الأولى بانطلاق شاب إماراتي في شهر ابريل المقبل إلى محطة الفضاء الدولية، وتعزز (الياه سات) الحضور الإماراتي في الفضاء بقمر ثالث، ويصمم وينفذ طلاب جامعة خليفة في مختبراتها القمر (ماي سات-1) ويطلقونه قبل أسبوعين للفضاء، وتتخرج الدفعة الأولى من برنامج الماجستير في العلوم الهندسية وتقنيات الفضاء، ويشارك طلاب جامعيون في بناء (مزن سات) الذي سيوضع في مداره أواخر العام المقبل؛ لدراسة الغلاف الجوي وجمع البيانات المتعلقة بمستويات انبعاث غازات الاحتباس الحراري في أجواء الإمارات، مما يوفر معلومات مهمة عن التغير المناخي، ويسهم في اتخاذ الإجراءات الوقائية الضرورية، وسيكون (مسبار الأمل) الذي تبنيه كوادرنا الوطنية، والمقرر إطلاقه نحو المريخ في العام 2020، قفزة كبرى في مشاريعنا الفضائية، وسيضفي وصوله إلى المريخ في العام 2021 ألقاً مميزاً على احتفالنا باليوبيل الذهبي للاتحاد».

وأشار إلى أنه «نجحنا في إنجاز بنية تحتية تضاهي أفضل ما في العالم، وبنية رقمية تواكب أفضل الممارسات العالمية، نحن مصممون وقادرون على استكمال البنية التحتية العلمية الإماراتية؛ وقد قطعنا شوطاً مهماً في طريق إنجازها، ومازالت أمامنا أشواط طويلة لنقطعها، ورهاننا على شبابنا وأجيالنا الصاعدة، وعلى المضي قدماً في تطوير التعليم بكل مستوياته، وتعزيز أطر بناء القيادات والكفاءات البشرية، فرحلتنا إلى المستقبل تتطلب عمليات تطوير متواصلة تركز على الاستثمار في الانسان الإماراتي، لبناء قدراته، والكشف عن ملكاته الكامنة، والارتقاء بخبراته وأدائه، وتمكينه من الأدوات الكفيلة لمساعدته على مواجهة التحديات المقبلة».

وتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «ونحن نواصل البناء ونراكم الإنجازات ونعزز مصادر قوتنا الذاتية، نواصل بانتباه ويقظة، متابعة الأحداث والمتغيرات في منطقتنا وعالمنا العربي والعالم بأسره، ونتفاعل معها بما يكفل خدمة مصالحنا العليا، وهي البوصلة التي توجه سياساتنا وقراراتنا ومواقفنا، لنا مصلحة مباشرة في استتباب الأمن والسلام في منطقتنا، وإطفاء بؤر التوتر، وإخماد مصادر التطرف، وإعادة الاعتبار لقيم عليا في ديننا وثقافتنا تنبذ العنف والغلو والتشدد والجمود والانغلاق، وتحض على العدل والانصاف ونصرة المظلوم وإغاثة المحتاج، وعلى الاعتدال والانفتاح والتسامح وقبول الآخر واحترام ثقافته، وفي إطار هذه المصالح العليا نتحرك ونعمل ونبادر، مدركين ترابط أمن واستقرار دولنا في مجلس التعاون والعالم العربي، ووحدة مصيرنا. وأن هذه الوحدة وهذا الترابط يرتبان استحقاقات والتزامات لابد للجميع من الوفاء بها».

وأضاف أن: «عالمنا العربي دفع ثمناً باهظاً جراء الاستخفاف بهذه الالتزامات والاستحقاقات، وليس الثمن قاصراً على ما هو ظاهر من دمار وخراب وتفكك لحق بدول عربية، وقتل وتشريد أصاب مجتمعات عربية؛ فهو يمتد ليطال مستقبل هذه الدول والمجال العربي العام، سواء بما يترتب على التدخلات الأجنبية في عالمنا العربي، أو في التعقيدات التي تواجه مساعي بناء خطاب عربي جامع لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، نحن في الإمارات لا نتخلى عن التزاماتنا ونسعى مع أشقاء لنا إلى وقف التردي ورتق الخروق الكثيرة في الأوضاع العربية الراهنة، وإلى وضع لبنات تؤسس لجديد إيجابي في الحياة العربية، وتحيي الأمل في نفوس عشرات ملايين الشباب، بأن أوضاعهم قابلة للتحسن، وأن مستقبلهم ينطوي على فرص التقدم والازدهار».

وأكد: «لكم يا أبناء وبنات وطني أن تفخروا بعطاءات وطنكم على المستويين العربي والإنساني، سواء في المساعدات الإنمائية والإنسانية التي تقدمها، أو في المبادرات والبرامج التي تدعم جهود التمكين الاجتماعي والثقافي والعلمي والفكري في المجال العربي العام».

وقال سموه إن «عالمنا اليوم يمر في مرحلة انتقالية تاريخية تتجه إلى تعددية مراكزه الحضارية، بعد ثلاثة قرون تفردت فيها المركزية الغربية بوسم الحضارة العالمية بميسمها. وقد تستغرق هذه المرحلة الانتقالية عشرين أو ثلاثين عاماً أو أكثر أو أقل، وهي أعوام كافية لانضمام من يملك الإرادة ويحسن الإدارة إلى المراكز العالمية للحضارة الإنسانية، إنها فرصة سانحة أمامنا في العالم العربي، وعلينا أن نغتنمها وننضم إلى الساعين لها مثل الصين واليابان والهند».

وأضاف سموه: «أنا مطمئن من خلال المتابعة ومؤشرات الأداء على عمل الوزارات والهيئات الاتحادية، وتفاعل الجهات المحلية مع مستهدفات الأجندة، وبمقدار اطمئناني بمقدار ما أشعر بحاجتنا إلى مضاعفة جهودنا وتسريع إنجاز مشاريعنا، فموضوعات الأجندة ليست جامدة أو ساكنة، بل متحركة ومتطورة، وفوق ذلك، معرضة أكثر من أي وقت مضى، للتأثيرات المباشرة وغير المباشرة للمتغيرات المتسارعة في عالمنا، والتي تطال كل نشاط إنساني في الاقتصاد والتعليم والثقافة والإعلام والخدمات الصحية والبنى التحتية».

وقال: «لعلكم تلاحظون سرعة إيقاع المتغيرات، وسرعة إحلال الجديد محل القديم الذي كان جديداً بالأمس القريب، فنحن في زمن امتزج فيه الحاضر بالمستقبل كما لم يحدث من قبل، وعلى سبيل المثال، حين بدأ الحديث قبل سنوات عن الثورة الصناعية الرابعة، كانت تطبيقاتها ونماذجها تتحرك على أرض الواقع، وكذلك في الذكاء الاصطناعي، والطباعة الثلاثية الأبعاد، والتطبيقات الرقمية وغيرها، هذه الحال تدعونا إلى متابعة حثيثة ومستمرة للمتغيرات، وقياس أثرها على خططنا ومشاريعنا وبرامجنا. وتدعونا إلى زيادة التواصل بين الجهات الحكومية المعنية، وتعميق التعاون بين فرق العمل ذات العلاقة. ولا عذر لنا في أي تقصير، فمنذ سنوات ونحن نعمق صلتنا بالمستقبل، ولدينا المؤسسات والمجالس المتخصصة وشبكة علاقات فاعلة مع المراكز العالمية المرموقة في علوم المستقبل».

كما قال سموه موجهاً كلامه للمواطنين والمواطنات: «منذ أيام احتفينا بشهدائنا في يومهم السنوي، واليوم نجدد عهدنا لهم، بأن الوطن الذي لبوا نداءه، وضحوا بأرواحهم من أجل عزته وكرامته وحريته، سيظل وطن الأحرار، القوي بأبنائه، والمنيع بقدراته، والشامخ بإنجازاته، والعصي على الطامعين والمتربصين».

وأضاف: «في يومنا الأغر هذا، تتجه قلوبنا بالدعاء إلى المولى عز وجل أن يحفظ ضباط وجنود قواتنا المسلحة الذين يحتفلون بالعيد الوطني في الخنادق وجبهات القتال وقمرات الطائرات وثنايا البوارج والزوارق، أنهم وهم يطلبون النصر أو الشهادة في معارك الدفاع عن الحق ومواجهة العدوان يجسدون أفضل ما في شعبنا من خصال وسجايا، ويضفون على يومنا الوطني المعنى السامي للعطاء، والتجسيد الأعلى للانتماء والولاء.. أتوجه إلى المولى عز وجل بالحمد والشكر والثناء على ما أفاض به علينا من نعم، وما كتبه لنا من توفيق في أعمالنا وخدمة وطننا وشعبنا وأمتنا. وأسأل وجهه الكريم أن يحفظ بلادنا ويديم فيها الأمن والاستقرار والازدهار، وأن يسدد خطانا ويكون لنا عوناً في الحق وعمل الخير».


نجحنا في إنجاز بنية تحتية تضاهي أفضل ما في العالم وبنية رقمية تواكب أفضل الممارسات العالمية.

نجدد عهدنا لشهدائنا بأن الوطن الذي لبوا نداءه سيظل وطن الأحرار القوي بأبنائه والمنيع بقدراته.

الإمارات لا تتخلى عن التزاماتها العربية ونسعى مع أشقاء لنا إلى رتق الخروق الكثيرة في الأوضاع الراهنة.

تويتر