كل يوم

أجندة بيزوس للسيطرة على العالم!

سامي الريامي

مخطئ من يعتقد أنه لا توجد علاقة بين الاقتصاد والسياسة، ومخطئ من يعتقد أن كبريات الشركات العالمية تسعى نحو هدف واحد فقط، هو جني الأموال، لأن ذلك لم يعد يكفيها، بل أصبحت تهدف للسيطرة على اقتصادات دول بأسرها، وتتحكم في مفاصل قوتها، بل وتتدخل في شؤونها الداخلية، وتحاول إنفاذ قوتها على الحكومات وسياسات الدول.

الأمور بدت واضحة، وما حدث من حملة شعواء ضد الشقيقة المملكة العربية السعودية، أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن التحذيرات التي أُطلقت ضد تغول شركة «أمازون» ومحاولاتها هدم اقتصادات الدول، لم تكن نابعة من فراغ، بل هي سياسات وأجندات وخطط استراتيجية تسير عليها الشركة، قائمة على محورين، الأول سياسي للضغط على الحكومات، والآخر اقتصادي للسيطرة على جميع مفاصل الحياة في كل دولة، ولا نستثني من هذه الخطط حتى الدول الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية.

ولم يكن إعلان مؤسس مجموعة «أمازون»، جيف بيزوس، عام 2013، عن شرائه صحيفة «واشنطن بوست» بقيمة تقدر بـ250 مليون دولار أميركي أمراً اعتباطياً، فهو يعرف ما يريد تماماً، ولمن يعرف تاريخ «واشنطن بوست» سيدرك أن هذه الصحيفة تحديداً تتفاخر بأنها تسببت في تغيير رؤساء دول، ولعل أشهر ما قامت به الصحيفة في بداية السبعينات، وقت حدوث أشهر فضيحة في تاريخ أميركا، وهي فضيحة ووترغيت، قام الصحافيان بوب إدوارد وكارل بيرنشتاين بإجراء التحقيق في الصحيفة الأميركية، وأسهمت تقاريرهما التي أعداها، في استقالة الرئيس الأميركي، ريتشارد نيكسون، وأعتقد أن في ذلك إشارات واضحة لهدف وأجندة جيف بيزوس الحقيقيين من وراء هذه الصفقة!

نفوذ «أمازون»، هذا العملاق الاقتصادي، تحول إلى نفوذ سياسي من خلال لوبي قوي يؤثر في أصحاب القرار بالبلد الأم، وفي مراكز صنع القرار في الدول الكبرى، وفي الغالب تنصت الحكومات باهتمام في الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة وأوروبا، إلى مطالب ونصائح هذه الشركة، وتعمل بموجبها، لأن مصالح الطرفين في الغالب بالنسبة للخارج لا تتجزأ، لكن هذه الشركة لا تتعامل بالقدر نفسه من الاهتمام مع بقية الدول والحكومات لأنها تعتقد أنها الأقوى.

استطاعت شركة التجارة الإلكترونية الأميركية متعددة الجنسيات «أمازون دوت كوم»، أن تصنع لها علاقة إيجابية مع كل من البيت الأبيض والكونغرس. ودرجت على هذا السلوك لمساعدتها على الصمود في وجه أخطار سياسية محدقة، من بينها اتهامات بأنها لا تدفع ضرائب كافية. وتعرضت هذه الشركة قبل أسابيع لهجوم مباغت من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي وصفها بأنها تستغل دافع الضرائب الأميركي، ومن السيناتور برنارد ساندرز، الذي حذر من أن الشركة قد نمت بشكل كبير جداً وتؤثر بقوة في الاقتصاد، ودرج ترامب منذ فترة طويلة على انتقاد الشركة ومالكها، جيف بيزوس، الذي أصبح الآن أغنى رجل في العالم، وأدرك ترامب أن استحواذ بيزوس على صحيفة «واشنطن بوست» جعله يطوعها كأداة لابتزاز الحكومات وقتما أراد!

وتشير البيانات الواردة عن «أمازون» إلى أنها ضغطت على البيت الأبيض في قضايا عدة، من بينها الهجرة والأمن الإلكتروني، والطائرات بدون طيار، ويعتبر توظيفها كادراً من جماعات الضغط أمراً روتينياً للشركات الكبيرة مثلها، التي تخشى من أن ترتبك أعمالها بالكامل، جراء تدابير حكومية تنظيمية محتملة، أو إجراء من قبل الكونغرس.

وإذا كانت «أمازون» تفعل ذلك داخل أقوى دولة في العالم، وتعمل جاهدة على مواصلة خططها للسيطرة على الاقتصاد الأميركي، فهل يتخيل أحد ما الذي يمكن أن يفعله مالكها جيف بيزوس في بقية دول العالم!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر