أكد أن القائد المؤسس أحب العمران واللون الأخضر.. فنشرهما في كل الدولة

حثبور الرميثي: زايد وضع مصلحة شعبه في مقدمة اهتماماته

صورة

قال المدرب التراثي في نادي تراث الإمارات، في أبوظبي، حثبور الرميثي، لـ«الإمارات اليوم»، إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وضع مصلحة شعبه في مقدمة اهتماماته منذ توليه الحكم، وسعى إلى رفع مستوى المعيشة وتطوير المجتمع، بكل الطرق الممكنة، مشيراً إلى أنه، رحمه الله «كان ينشر الخير والعمران والحياة في كل خطوة يخطوها، وفي كل مكان يذهب إليه، كما كان شجاعاً وكريماً إلى أقصى حد، ومنه تعلم أبناؤه هذه الصفات وتربوا عليها، فهي أصيلة فيهم جميعاً».

وأكد الرميثي، الذي نشأ في بيئة بحرية قبل أن يتجه إلى الصحراء ويصبح صقاراً ومدرباً للصقور، وظل سنوات برفقة الشيخ زايد، خصوصاً في رحلات القنص التي كان يقوم بها، أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان مرتبطاً بالبيئة التي نشأ فيها، ومتمسكاً بتراث المجتمع الإماراتي في نواحي الحياة كافة، حتى وهو يؤسس حياة عصرية ومدناً متقدمة بمقاييس عالمية، مضيفاً أن زايد كان يتمسك بالصفات الأصيلة في الشخصية البدوية، وينصح من حوله بالتمسك بها وتعليمها لأبنائهم، مثل الكرم والشجاعة والقوة. كما كان ينصحهم بتعلم مهن مختلفة، وله أبيات شعرية تحث على ذلك، يقول مطلعها «يا معلم الناس علمنا»، إذ كان يؤمن بأن تعلم مهنة هو الذي يوصل الشخص (مواصل الرجاجيل)، أي أن الرجل الحقيقي لابد أن يجيد مهنة أو أكثر، حتى يتمكن من كسب قوته ويتزوج ويكوّن أسرة.

وأوضح الرميثي أنه كان يعمل في البحر مع والده منذ طفولته، وتعلم فنون صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ، كما تعلم صنع شباك الصيد والحبال التي تستخدم في الأشرعة وغيرها، وكذلك بناء سفن وقوارب الصيد. وانتقل بعد ذلك لتعلم الصقارة وتربية الطير.

وقال: «تربية الصقور بالنسبة إليّ كانت هواية، ولكن، مع الوقت أصبحت صقاراً، وكنت أصيد عند الشيوخ، وأحصل على مبلغ يراوح بين 200 و250 درهماً في الشهر. وبشكل عام مهنة الصقارة أسهل من العمل في البحر».

بين زايد وشعبه

وأشار الرميثي إلى أن الشيخ زايد، رحمه الله، كان يفكر في شعبه حتى في أدق تفاصيل الحياة. وعلى سبيل المثال، عندما تولى حكم أبوظبي، بادر بشق طرق جديدة، وظهرت سيارات حديثة بدأت تحلّ محل الدواب التي كانت تستخدم في نقل الناس والبضائع. ولكي يعوّض أصحاب هذه الدواب عن خسارتهم لمصدر رزقهم، أمر بتنظيم مسابقات الهجن، سواء الجري أو المزاينة أو الحلايب. ورصد لها جوائز مالية عالية، ما رفع من أسعار الهجن، كما وزع مزارع وعزباً على السكان لتربية حلالهم، وزراعة محاصيل مفيدة، ووزع بيوتاً شعبية على الناس حتى في المناطق النائية.

وأضاف: «زايد لم ينس أحداً من شعبه، فقد سعى ليسعد الجميع، وكان يشعر بالسعادة عندما يحقق ذلك». وأكد أن «الشيخ زايد كان يحب العمران واللون الأخضر، وعمل على نشرهما في كل مكان في الدولة. وعلى سيبل المثال، فجزيرة صير بني ياس التي ذهبنا إليها في قارب (لنش) مع الشيخ زايد، كانت عبارة عن جبل وصحراء قاحلة، تحيط بها المياه. ولم يكن فيها أي مظهر للعمران، ولكن لم يمض وقت طويل حتى تحولت، بفضل جهود وإصرار الشيخ زايد، لتصبح بقعة رائعة الجمال، تضم أنواعاً مختلفة من الشجر والحيوانات. والأمر نفسه ينطبق على جزيرة السمالية، التي تحولت من صحراء إلى جزيرة تراثية، تضم مباني وبيوتاً واسطبلات لتعليم الأطفال ركوب الخيل، كما يتلقى فيها الأطفال، من خلال نادي تراث الإمارات، تدريبات في الرماية والسلاح والرياضات التراثية وفنون الصيد والغوص وغيرها».

الحياة قديماً

وذكر الرميثي أن مجتمع الإمارات كان بسيطاً، قبل حكم زايد، ولم يكن التعليم متوفراً فيه. وبعد تولي الشيخ زايد الحكم، اهتم كثيراً بالتعليم، وتأسيس مدارس في كل مكان، وبذل مجهوداً كبيراً لتشجيع الناس على إدخال أبنائهم إلى المدارس، مشيراً إلى أن جيله كان يتلقى تعليماً بسيطاً، يتمثل في مبادئ الحساب، ومعرفة الحروف العربية، وحفظ القرآن الكريم لدى المطوع، الذي كان يحصل على نصف روبية من كل طفل نظير عمله، وكان يحصل عليها في نهاية الأسبوع.

وأضاف: «لم تكن هناك محاكم. فكان الناس يلجأون إلى شخص يُدعى محمد بن كداس لحل النزاعات التي تنشب بينهم. وفي حال لم يتقبل الخصوم ما حكم به، كان يأخذهم بن كداس إلى الحاكم ليعرض عليه الأمر. وكان في مقر الحاكم غرفة تسمى (النظارة)، يوضع فيها المتعدي على حق غيره، أو من يرفض الانصياع للحكم، وهي بمثابة غرفة الحجز حالياً».

ويواصل الرميثي حديثه عن شكل الحياة القديمة، قائلاً: «أشياء كثيرة لامسها التطور والتحديث. كانت الإبل والدواب تستخدم في الانتقال من مكان إلى آخر، وكان الطريق من أبوظبي إلى العين، مثلا، يستغرق ستة أيام. وقد تصل المدة إلى 12 يوماً إذا كان بين المسافرين نساء وأطفال. أما كلفة نقل الفرد حينها فكانت ثلاث روبيات، وكان صاحب الحلال يركب المسافرين على ظهر الدواب ويسير هو إلى جوارها، والبعض كان يقطع هذه المسافة سيراً، مع الحصول على فترات راحة. وأنا قمت بذلك بنفسي».


حثبور الرميثي:

«زايد كان شجاعاً وكريماً إلى أقصى حد، ومنه تعلم أبناؤه هذه الصفات، فهي أصيلة فيهم جميعاً».

«عندما تولى زايد حكم أبوظبي شق طرقاً جديدة، وبدأت السيارات الحديثة في نقل الناس والبضائع».

«زايد لم ينس أحداً من شعبه، فقد سعى ليسعد الجميع، وكان يشعر بالسعادة عندما يحقق ذلك».

هواية

أوضح الرميثي أن الشيخ زايد كان متعدد الاهتمامات، ولكن تظل هوايته الأقرب إلى نفسه هي الصيد بالصقور، حيث يسعد بمتابعة الصقر وهو يقنص الحبارى، كما كان يهتم بتدريب صقوره بنفسه. وقد كان - رحمه الله - صاحب خبرة عميقة في هذا المجال، لا يجاريه فيها كثيرون.

زايد الشاعر

أشار حثبور الرميثي إلى أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان شاعراً متميزاً ومحباً للشعر، وكان يحب «المشاكاة» والمجاراة، أي أن يلقي الشاعر ببعض الأبيات، فيرد عليها شاعر آخر بأبيات من الوزن نفسه والقافية نفسها. وكثيراً ما كان يلقي بأبيات في مجلسه، ويدعو الشعراء إلى مجاراتها، مضيفاً: «أذكر أنه، رحمه الله، كان يجلس مع الشاعر عتيق القمزي، فألقى أبياتاً تحدث فيها عن كرم الضيافة العربية، ودعا القمزي لمجاراته، كما دعاني للمشاركة، فقدمنا بعض الأبيات، وأثنى على ما قدمناه».

تويتر