المرشد الأسري

صورة

-- يقول قارئ: نعزل أبناءنا وقت الإفطار، ونجعل لهم سفرة خاصة للطعام، فلا نجلس معهم، ويمضي الوقت في رمضان سريعاً لا نشعر به، يزداد البعد بيننا وبينهم بجفوة الحوار وقسوة التواصل، فكيف نعالج هذه المشكلة؟

-  قضية اجتماعية وظاهرة تربوية خاطئة انتشرت في أيامنا، خصوصاً عندما نعزل أبناءنا وقت الإفطار، أو الولائم الاجتماعية، والموائد الأسرية، والاجتماعات العائلية، رمضان فرصة تربوية إيمانية، أنفاسه معدودة، وأيامه محددة تجري سريعاً من بيننا، ما لم ننظم أولوياتنا، ونرتب احتياجاتنا، ونتعرف إلى أدوارنا، فلن نشعر ببركة الوقت، وبركة العمر، وبركة العمل، وبركة التربية، رمضان شهر مبارك، فالمهمات العظيمة تنجز في رمضان أسرع من بقية أشهر السنة، والساعة لها بركتها، والوقت الذي تقضيه مع أهلك في البر والخير له بركته، فمن لم يجد في رمضان فرصة لإعادة تنظيم حياته مع نفسه ومع أبنائه، فمتى سيجد فرصة أفضل منها يجلس معهم يتودد إليهم ويقترب منهم.

اغتنم فرصة الإفطار مع أبنائك لتحيي في قلوبهم متعة الفرحة، وتقوي روابط المحبة، وتفتح باب الود، وتتجاذب معهم أطراف الحديث، وتستمع إلى آرائهم، وتنصت إلى مقترحاتهم، وتتعرف إلى متطلباتهم، فجلسة كل يوم مع أبنائك كفيلة بأن تزرع في قلوبهم روح التكاتف، وترفع مستوى الحس الودي الذي يترك فيهم الشعور بالحرية والشفافية، فيبوح أحدهم بأسراره ومشاعره، ويفضي باحتياجاته، ولا تكون هذه الجلسة ناجحة إلا إذا كانت بعيدة عن الملهيات، مثل التلفاز وغيره.

ومن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يجلس مع الغلمان فيداعبهم ويوجههم كما جاء في الحديث: يا غلام، سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك.

جلساتنا مع أبنائنا تكشف لنا أخطاءهم وعيوبهم، فيسهل علينا تصحيحها أو إيجاد الحل الناجح لها، اجتماعنا معهم قبل الإفطار بدقائق فرصة نغتنمها معهم في الذكر والدعاء، كما أن هناك محطات أخرى تبث روح المحبة عندما تجتمع الأسرة، صغيرها وكبيرها، على صلاة التهجد، فالمسافة التي تقضيها ذهاباً إلى المسجد والعودة إلى المنزل لها دورها في تقريب الود والمحبة، كما أن في السحور نفحة روحية، وفرصة إيمانية عندما تجتمع الأسرة على مائدة السحور والاستغفار.

ولا يخفى علينا عظمة هذا الشهر الذي يلمّ الشمل، ويؤلف القلوب، ويجمع ولا يفرّق، فالأسرة المتلائمة تكون قادرة على التواصل مع أرحامها، كما أن التنوع في الزيارات وتبادل العلاقات لهما الأثر الكبير في التقارب والتآلف. محطات عدة قادرة على أن تحدث تغييراً في محيط الأسرة، وتترك بصمة باقية في صدور الأبناء، خصوصاً عندما تقوم الأسرة برحلة إيمانية إلى بيت الله الحرام، تجتمع فيها المتعة والعبادة، وتمتزج فيها معاني التضحية والوفاء، فالسفر مدرسة تستشف من أبنائك صفاتهم، وتتعرف إلى شخصياتهم، وتدرك معادنهم، فعمرة في رمضان روضة للقلوب، ترسم في مخيلتهم مكانة العبادة في نفوسهم، وعظمة هذا الشهر في قلوبهم.

المستشار الأسري

تويتر