كل يوم

الحبارى.. ومعنى الأمن والأمان!

سامي الريامي

قد تبدو الصور عادية جداً، وربما تكرر المشهد كثيراً، وبالتأكيد مرّت صور فرخ الحبارى وهو يخطو خطواته الأولى مروراً سريعاً على ذاكرة الكثيرين، فالبعض يعتقد أن ذلك شيء عادي يحدث يومياً مع مختلف أنواع الطيور في الإمارات.

• ما حدث في المرموم إنجاز بيئي وعلمي وبحثي سجلته الإمارات، ويعتبره كثير من المختصين أمراً لم يحدث في شبه الجزيرة منذ مئات السنين.

 لكن الحقيقة عكس ذلك، بل إنها أكبر من مجرد أنثى طائر تبيض وتفقس بيضها، وفرخ حديث الولادة يتحرك بصعوبة، فما حدث في المرموم أمر خارق لطبيعة وعادة طائر الحبارى أولاً، وما حدث في المرموم إنجاز بيئي وعلمي وبحثي سجلته الإمارات، وما حدث في المرموم يعتبره كثير من المختصين أمراً لم يحدث في شبه الجزيرة منذ مئات السنين.

 من المعروف لدى خبراء الصيد والقنص، والمتخصصين في علم الطيور، أن أنثى الحبارى يستحيل أن تضع بيضها وتفقسه بشكل طبيعي إلا في موطنها الأصلي، لذا فإن عادة هذا الطائر أن يعود في فصل التكاثر إلى ذلك الموطن ليتكاثر، وغالباً فإن جميع عمليات ومحاولات إكثار الحبارى في المحميات والمراكز البحثية المنتشرة في دول أوروبا والخليج العربي تتم عن طريق التلقيح والتفقيس الآلي وبتدخل بشري.

لكن الأمن والأمان يفعلان المستحيل، والشعور الداخلي قبل الخارجي بالأمن والاستقرار جعل البشر تهفو قلوبها إلى الإمارات، وجعل الدولة قِبلة لأكثر من 200 جنسية، وتجاوز الأمر البشر ليصل إلى الطيور والكائنات الأخرى، فهي تشعر وتحس ولديها ملكة الشعور بالخوف والأمن وفقاً لكثير من المعطيات، فاستقرت الحبارى واستوطنت في محمية جبل علي، وخالفت طبيعتها، لأن ما يحدث في الإمارات هو أمر مخالف للطبيعة في هذا الوقت وهذا الزمن.

محمد بن راشد لا يعرف المستحيل، وبوجوده وقربه يشعر الناس بالأمن والأمان، فسموّه عنوان كبير للاستقرار والطاقة الإيجابية المحفِّزة التي لا يمكن أن تنتشر إلا مع وجود الراحة النفسية والصفاء والنقاء، هذا العنوان لم يقتصر على الناس، وليس البشر فقط هم من شعروا بقربه بالأمان، فالطيور كذلك شاركتنا هذا الإحساس.

لا أجمل ولا أروع ولا أهم من توفير الأمن والأمان والاستقرار للبشر وغير البشر، ولا أروع من شعور يجعل الحبارى تستقر وتستوطن هنا في المرموم دون مناطق أخرى من شبه الجزيرة الواسعة والعامرة، هذا الاستقرار المبني على شعور داخلي جعلها تمتلئ أمناً وأماناً، وجعلها تُطلق صغارها بكل راحة وحرية، كأنها تقول لهم: «اخترت لكم هذا المكان لتهنأوا»!

ليس ذلك سهلاً، فتوفير الأمن في هذه المنطقة الملتهبة من العالم غاية صعبة جداً، لكنها في الإمارات ولله الحمد موجودة، لأن هناك من يسهر ويتعب ويبذل جهوداً ضخمة جداً قد لا تكون ظاهرة أو محسوسة عند عامة الناس، لكن نتائجها بارزة وظاهرة ومحسوسة، والحياة الهانئة التي تجاوزت البشر لتشمل الطيور ومختلف الكائنات دليل على عِظم هذه الجهود، التي هي الهدف الأسمى والأول الذي يسعى له صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وجميع قادة الإمارات، فهنيئاً لهم ما قدموا للدولة وشعبها، وهنيئاً لنا بهم.

 twitter@samialreyami

 reyami@emaratalyoum.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر