أكد أهمية وضع خطط فعالة تمنع وقوع الخسائر الناتجة عن الكوارث

هزاع بن زايد: إدارة الأزمات لم تعد ترفاً

المؤتمر سعى إلى استقطاب حضور دولي من الخبراء والمختصين في إدارة الطوارئ والأزمات. تصوير: إريك أرازاس

قال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، إن إدارة الأزمات والكوارث لم تعد مجرد ترف، سواء بالنسبة إلى الحكومات أو المجتمعات في أرجاء المعمورة، مضيفاً أن «التجارب التي شهدناها ونشهدها تحتم علينا التدارس والتفكير والتعلم من التجارب، ووضع الآليات والخطط الفعالة التي من شأنها دفع عمليات إدارة المخاطر قدماً لمنع وقوع الخسائر التي قد تنجم عن تلك المخاطر».

وأشار سموه، في كلمه بمناسبة عقد مؤتمر «الاستعداد والاستجابة مسؤولية الجميع: مُجتمع جاهز»، الذي بدأ فعالياته في أبوظبي، أمس، بتنظيم من الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، إلى أن المؤتمر يتخذ قيمة مضافة، ذلك أنه يأخذ في الحسبان التكافل والتعاون بين الحكومات ومؤسساتها وهيئاتها، وبين المجتمع بمؤسساته المدنية وأفراده لفهم المخاطر وأبعادها والتعامل معها أولاً بأول.

مواجهة الأزمات

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، أهمية التنسيق المسبق بين الدول، وزيادة الاستعداد للتعامل مع جميع مراحل الأزمة، بالعمل على الإنذار المبكر قبل وقوعها، أو بإدارتها بكفاءة حال وقوعها، أو باستيعابها، وتخطيها، وإعادة الأمور إلى حالتها الأولى.

ولفت إلى أن معدلات الخسائر من جراء وقوع كارثة ما في بلد نامٍ تفوق بكثير معدلات الخسائر المترتبة عن كارثة بالحجم نفسه في إحدى بلدان العالم المتقدم، بل قد يتعذر على بلدان نامية تعرضت لكوارث معينة التخلص مما لحق بها من أضرار على مدار سنوات طويلة.

وأشار إلى أن الجامعة العربية لم تكن بمنأى عن متطلبات التطوير في مجال مواجهة الأزمات، فقامت بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي بإنشاء مركز للإنذار المبكر والاستجابة للأزمات بهدف تعزيز قدرات الأمانة العامة للجامعة، على مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مضيفاً أن الأمانة العامة تعمل على إنشاء شبكة أزمات عربية تستطيع الدول العربية من خلالها التواصل بين مراكز الأزمات الموجودة في دول المنطقة، محذراً من أن التقاعس عن إنشاء هذه الشبكة سيؤدي إلى زيادة الأعباء على الدول والتأثير في أمنها القومي.

ولفت سموه إلى أن التجارب قدمت لنا دروساً بالغة الأهمية عن ضرورة وجود معرفة استباقية بالمخاطر، بما في ذلك المخاطر البيئية والكوارث الطبيعية، واستعداد مسبق للتعامل مع هذه المخاطر وفقاً لإجراءات مدروسة ومنسقة بين مختلف الأطراف والجهات، وبين مختلف حكومات العالم، ذلك أن الكوارث التي تعصف بالعالم نتيجة أسباب عدة لا تقف عند حدود الدول، وبالتالي فإن مواجهتها لا يجب أيضاً أن تقف عند هذه الحدود، بل على العالم، بحكوماته وشعوبه، أن يبدأ بأخذ أسباب الحيطة والتعاون ومشاركة المعلومات والخبرات، والأدوات الكفيلة بمواجهة الآثار المأساوية التي تنجم عن بعض الكوارث.

وأكد سموه أنه من الضروري الإفادة من المقاييس الدولية في هذا المجال، وتطوير هذه المقاييس بما يتناسب مع خصوصية كل مجتمع من المجتمعات، وإن كان من شبه المؤكد أن نقاط التلاقي والاتفاق حول هذه المقاييس هي أكثر من نقاط التباعد والاختلاف.

ولفت سموه إلى أن المخاطر لا تقف عند حدود الكوارث الطبيعية، وكذلك إدارتها، إذ إن كثيراً من تلك المخاطر هو ذلك النابع من الأزمات الاجتماعية والسياسية التي تطرأ من حين إلى آخر، وهنا أيضاً تتخذ مشاركة المجتمع بجميع أفراده المزيد من الأهمية في عملية التوعية هذه، كما في أوقات الأزمات والمخاطر نفسها، فبإمكانه أن يكون طاقة إيجابية تساعد المجتمعات والحكومات والهيئات على التعامل بصورة مثمرة مع تلك الأزمات وإدارتها على نحو يعود بالنفع على الجميع بقدر ما بإمكانه أن يكون طاقة سلبية إن لم يحسن استخدامه.

وقال مدير عام الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، محمد خلفان الرميثي «إن المخاطر التي تتهددنا ليست طبيعية فحسب، بل قد تكون أيضاً من صنع أيدي البشر، وما من دولة بإمكانها أن تعتبر نفسها بمنأى أو في مأمن من أحد هذه المخاطر أو من معظمها، داعياً إلى «التعاون والتنسيق بين الدول سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي لتلبية متطلبات مواجهة كل أشكال حالات الطوارئ والأزمات بأقل حجم من الخسائر على مستوى الأرواح والممتلكات».

ولفت الرميثي إلى أن المؤتمر يركز أولاً على مسألة التنبؤ الوقائي الاستباقي كبديل عن التصدي المرتجل، في مواجهة الطوارئ والأزمات والكوارث، بالتلازم مع وجود خطط دقيقة تكفل استمرارية الأعمال في المفاصل الحيوية للدولة والمجتمع، وثانياً دور الإعلام في إدارة الأزمات، وثالثاً دور المجتمع ككل على مستوى الأفراد والجمعيات والهيئات، ورابعاً إدارة المخاطر لاسيما النووية منها في ضوء انتشار اللجوء إلى الطاقة النووية لتوليد الكهرباء التي تتزايد الحاجة إليها وتتنامي في مواكبة خطوات التنمية، وخامساً الظواهر المناخية والكوارث الطبيعة ودورها في الكوارث.

ويسعى المؤتمر، الذي يستقطب حضوراً دولياً من الخبراء والمختصين بإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، إلى الارتقاء بواقعِ إدارةِ الطوارئ والأزمات والكوارث، في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكلٍ خاص، والمنطقة بشكلٍ عام، إلى أفضلِ مستوى يضمنُ استعداداً أكثر دقَّة وجدوى، واستجابةً فاعلةً في مواجهةِ أيِّ طارئٍ أو أزمةٍ، مَهْما كان نوعُهما، وذلك عَبْرَ الاستفادةِ القُصوى من التجاربِ والخبراتِ الدوليةِ في هذا المجال، ومن خلالِ الاستخدام الأفضلِ لكل المواردِ المتاحة، ولأحدثِ التقنياتِ وأكثرَها تطوّراً، وكذلك عَبْرَ إيجادِ السُّبُلِ والأُطُرِ والآلياتِ التي تكفلُ تعزيزَ مجالاتِ التنسيقِ والتعاونِ بينَ الجهاتِ المعنيةِ كافةً، على المستوياتِ المحلّيةِ والإقليميةِ والدولية.

من جانبه، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، إلى إنشاء شبكة أزمات عربية لمواجهة الكوارث المختلفة في العالم العربي، مؤكداً على استعداد الأمانة العامة للجامعة للتعاون مع الجهات المعنية في الدول العربية وتقديم كل دعم ممكن في مجال مواجهة الأزمات، وبما يحقق المصلحة العربية المشتركة.

ولفت العربي، خلال مشاركته في مؤتمرِ إدارةِ الطوارئ والأزمات 2014 في دورته الرابعة، تحت رعاية سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشارُ الأمنِ الوطني، إلى أن المنطقة العربية واجهت على مدى الـ25 سنة الماضية ما يربو على 276 كارثة، أسفرت عن مقتل 100 ألف شخص، والتأثير في نحو 10 ملايين من المواطنين، وجعل نحو 1.5 مليون شخص بلا مأوى.

وأشار إلى أن المنطقة العربية تشهد أنواعاً عديدة من الأزمات، منها ما هو سياسي أو اقتصادي أو إنساني، مؤكدة أهمية وجود خطط فاعلة لمواجهة الكوارث والأزمات في المنطقة العربية التي تزداد فيها درجة الخطورة لكونها تضمن أخطر الممرات البحرية وأهم المعابر الجوية في العالم، معتبراً أن الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ من أمن البشرية جمعاء، وعلى جميع الأطراف المعنية احترام أمن الوطن العربي.

 

تويتر