«الإسلاموفوبيا» ظاهرة يغذيها الإعلام و«صناع الخوف»

طالب مثقفون وأكاديميون وسائل الإعلام العربية والإسلامية، بلعب دور فاعل لمساعدة الشعوب الغربية على تجاوز ظاهرة «الخوف من الإسلام»، أو ما يعرف بـ«الإسلاموفوبيا» المتنامية في دولهم، وتصحيح الصورة غير الحقيقية عن الإسلام «التي تروج لها الآلة الإعلامية الغربية»، لافتين الى أن «تصرفات قلة من المسلمين تشكل مادة خصبة لمن يريد نشر الاسلاموفوبيا»، خصوصاً أن معظم المشكلات التي تمثل مصادر للمخاوف الجماعية (التفجيرات وغيرها)، يصنعها أشخاص مسلمون، بشكل أو بآخر.

كما دعوا إلى تحرير الدين من «دين الفقهاء» إلى دين الكتاب نفسه، مشيرين إلى أن الفقهاء على بعض المنابر، وفي بعض القنوات الفضائية، يستغلون آيات صحيحة في غير مكانها، بينما يتجاهلون الآيات التي تحضّ على التسامح والمحبة وقبول الآخر، وهي جوهر الدين الإسلامي الصحيح، كما أنهم يزرعون الحقد والكراهية لمصالح معروفة أحياناً ومجهولة أحياناً أخرى.

وأكد المشاركون في الجلسة الصباحية الثانية لثاني أيام المنتدى الإعلامي العربي في دبي، وعقدت تحت عنوان «صناعة الإسلاموفوبيا: هل يُصحح الإعلام إدراك العرب والغرب؟»، ضرورة فهم الظاهرة بأبعادها المختلفة، لمعالجتها بالعقل والحكمة، والوصول إلى الحلول الصحيحة لها.

وتفصيلاً، قال الباحث المتخصص في التراث والفلسفة الإسلامية رشيد الخيون، إن الغرب سيفهم لاحقاً أن الاسلام بعيد عن تصرفات البعض، التي تمثل إرهابا منظما، كما أنه سيدرك تماما أن المسلمين في الدول الاسلامية متضررون قبل غيرهم من تلك الفئات التي لا تمثل المجتمع الإسلامي في شيء، غير أن تصرفاتهم تنعكس في صورة خوف ورعب في المجتمع الغربي تجاه الاسلام نفسه، لضعف الإعلام العربي في تسويق الصورة الصحيحة.

وأضاف أن «مجتمعاتنا مازال يحكمها الناسخ والمنسوخ ودين الفقهاء، لا الدين نفسه» على حدّ تعبيره، وأنه من الطبيعي أن نشهد ردات فعل مجتمعية نتاج تورط مسلمين في قضايا ومشكلات في تلك المجتمعات، لافتاً الى أن تلك العدائية ليست رسمية، فلا وجود لنهج حكومي غربي يعادي الإسلام، ولقنوات فضائية تهاجمه وتدعو للكراهية، كما تدعو قنوات دينية عربية، تشكل بحدّ ذاتها دافعاً لاقتناع الشارع الغربي بأن ما يمارس هو الدين نفسه، وليس بدعة أو تأويلا معينا.

ووافقه مدير عام المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة عبدالعزيز التويجري، الذي قال إنه لابد من وقفة صريحة مع أنفسنا، لأن بعض تصرفات المسلمين لا تتفق مع مبادئ الإسلام، وتسهم في تكريس هذه الظواهر، وهي تعزز فكرة أن المسلمين عدائيون ومتخلفون، وهو جهل من أولئك الأشخاص، وسوء استقبال من الأشخاص الآخرين.

وتابع التويجري أن «قضية تخويف الغرب من الإسلام ليست جديدة، لكنها بدأت مع بداية الإسلام، حيث تخوف المجتمع الجاهلي من الإسلام ورسالته، وتكونت جبهات لمواجهته بالتكذيب والتضليل والكذب على الناس»، مشيراً إلى أن مصطلح «الإسلاموفوبيا» نشأ عام ‬1987 من قبل الإنجليز، وانتشر إلى اللغات الأخرى.

ودعا الى التعامل مع هذه الظاهرة بحكمة من خلال الانتشار الواسع للمسلمين والمثقفين والتعايش مع الغرب، ومساعدة الجاليات المسلمة، ولابد أن يعمل الإعلام على تصحيح هذه الصورة لدى الغرب عن الإسلام، ولدى المسلمين عن الغرب.

قال رئيس تحرير «أسلان ميديا» ناثان لي، إن «الإسلاموفوبيا» لا تندرج فقط في إطار الظاهرة، بل تتعدى ذلك لتصبح منتجا يتم تطبيقه في الغرب، وبيعه كإحدى سلع الإعلام التي يتم إنتاجها بجدارة وحرفية، لأهداف متعددة.

وتحدث عن الطرق التي يصنع بها الغرب هذا المنتج، وهذه الأفكار، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، شارحاً أن معظم ما نراه في الغرب كشعور مضادّ للإسلام هو بسبب الجهل، ويعود ذلك لكثير من وسائل الإعلام، أو معظمها، وليس اليمينية منها، إذ نراها تنتهج سياسة تحريرية مقصودة للإساءة للمسلمين عبر ما يكتبون ويعرضون، وعبر عمل لقاءات حوارية مع أشخاص معروف عداؤهم للمسلمين والإسلام.

وختم لي بقوله: «أعتقد أن الإعلام يلعب دوراً مهماً في كره الإسلام وبث العدائية تجاهه، ويمكن للإعلام أن يعتمد بشكل أقلّ على من يسمون أنفسهم محللين، وأن يشجعوا الإعلاميين - غير الحاقدين - ويثقفوهم بالدين الإسلامي كي يوقفوا هذا الهجوم الكبير عليه».

إلى ذلك، أكد الكاتب والخبير في العلاقات الدولية سعيد اللاوندي، أن «الإسلاموفوبيا» ظاهرة حديثة، واستعرض تجربته الشخصية مع هذا المصطلح، قائلاً: «خلال إقامتي في فرنسا على مدار ‬20 عاماً من عام ‬1980 حتى عام ‬2000، لم ألحظ تنامي هذه الظاهرة، إذ لم أسأل أبداً طوال هذه الفترة عن هويتي وجنسيتي وديانتي، لكنني بعدما غادرت فرنسا وعدت إليها في زيارة في السنوات الأخيرة، سئلت أكثر من مرة نتيجة تفشي ظاهرة «الإسلاموفوبيا» أخيراً.

وتطرق اللاوندي إلى الانعكاسات التي تخلفها الظاهرة على حياة ‬26 مليون مسلم يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي، يشكلون بعددهم هذا شبه دولة داخل أوروبا.

وقال إن «الإسلاموفوبيا» بدأت تزداد في المجتمعات الغربية بدعم آلة الإعلام.

تويتر