مشاركون في ندوة متخصصة بدبي يرون أن البعض استغلها لمآربه الشخصية وبث الفرقة.. ويؤكدون:

«ركن العلانية» يتحقق في جرائم مواقع «التواصل»

45٪ من سكان الدولة لديهم حسابات في «فيس بوك». الإمارات اليوم

اتفق مشاركون في ندوة تناولت مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت وأثرها في مجتمع الامارات، عقدت في دبي، أمس، على أن تلك المواقع خرجت عن اغراضها الاجتماعية البحتة في الدولة، وباتت مصدراً للشائعات والمعلومات الكاذبة، داعين إلى بذل جهد قانوني واجتماعي وتوعوي لمحاربة الظواهر السلبية الناجمة عن الممارسات الخاطئة في التعامل مع هذا الفضاء الإلكتروني، مؤكدين أن «ركن العلانية» يتحقق في جرائم مواقع التواصل الاجتماعي، فيما حذر قانونيون من مغبة السب والقذف العلنيين عبر مواقع مثل «تويتر» و«فيس بوك»، مؤكدين ان القانون الإماراتي يمكنه ان يجرّم هذه الأفعال، ويحاسب مرتكبيها.

وتفصيلاً، أفاد مدير معهد دبي القضائي، الدكتور جمال السميطي، بأن مواقع التواصل الاجتماعي هي أماكن عامة، وبالتالي يتحقق فيها ركن العلانية في الجرائم التعبيرية التي تقع فيها، لأن العلانية ركن من أركان أي جريمة.

على هامش الندوة

قال القائد العام لشرطة دبي «لو كنت قاضياً لغلّظت العقوبة بحق من يسيء استخدام اي وسيلة تواصل تحت اسم مستعار، لكونه قاصداً من فعله الترصد وسبق الإصرار بقصد الإساءة».

اعترض رئيس تحرير «الإمارات اليوم» على نقل بعض المطبوعات لما ينشر في «تويتر»، على سبيل المثال، من آراء المسؤولين.

دعا مدير عام معهد دبي القضائي، المشرّع إلى إعادة النظر في إمكانية تحريك دعوى من اي شخص بخلاف المتضرر، ذلك أن الواقع الحالي لا تقبل به الشكوى إلا من صاحبها.

أطلقت شرطة دبي مبادرة في مجال التواصل الاجتماعي، تحت شعار: «التواصل الإلكتروني الإيماني، لجعل فضاء (تويتر) فضاء آمناً».

وشرح أن الجرائم التعبيرية هي: السب والقذف، وإهانة رئيس الدولة، أو عَلَمها، أو شعارها، أو التحريض على عدم طاعة ولي الأمر، وبالتالي فإن موقع «تويتر» مجتمع عام وما يكتب ويطرح فيه ينطبق عليه ما يُكتب في وسائل الاعلام التقليدية من مطبوعات وغيرها.

وأضاف في الندوة التي نظمها فريق «المحامين ولاء ووفاء»، أن البعض قد يستغل غياب القوانين المنظمة للنشر الإلكتروني في الدولة، لكنه أكد إمكانية اللجوء الى القواعد العامة «في حال أُسيء استخدام تلك الوسائل الإلكترونية، كونها تعد طرقاً للعلانية في حكم القانون».

وأشار السميطي إلى أن «محكمة التمييز الكويتية قالت إن (تويتر) مكان عام، يخضع لقانون الجزاء الكويتي» مبيناً أن «99٪ من نصوص القانون الكويتي هي ذاتها في القانون الإماراتي، ولا يمنع على سبيل الاستئناس اللجوء إلى هذه السابقة». في الوقت الذي دعا فيه السميطي المشرّع الإماراتي إلى «سرعة التدخل ووضع تشريع يضع حدوداً لأي تجاوزات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي».

وأوضح أن «المشكلة تبدأ عندما تكون المادة المنشورة عبر الإنترنت تشكل مخالفة قانونية منافية للآداب، كنشر صور إباحية، أو التشهير بشخص ما، أو تناوله بعبارات تشكل سباً أو قذفاً او إهانة، أو تشكل اعتداء على حقوق الملكية الفكرية، أو أن تكون المادة المنشورة تتضمن تحريضاً على ارتكاب جريمة». وحذر السميطي من «المزح في المسائل المتعلقة بالأمن العام»، وقال إن «مستخدماً لـ(تويتر) في انجلترا، كتب تغريدة إثر إلغاء رحلته بعد غلق المطار بسبب سوء الأحوال الجوية، كتب فيها (سحقاً، مطار روبن هود مغلق، أمامكم أسبوع وإلا سأفجّر المطار)، فتم إلقاء القبض عليه ومصادرة جهاز الحاسوب الخاص به وهاتفه المحمول، ووجهت اليه تهمة التهديد وعوقب بتغريمه مبلغاً من المال».

وبحسب السميطي، فإنه «وفقاً لما ورد في شروط استخدام موقع (تويتر) فإن جميع حركات المستخدم مُسجلة في ملف محفوظ لمدة لا تتجاوز الـ18 شهراً، ومن حق موقع (تويتر) أن يحفظ أو يكشف معلومات المستخدم اذا كانت هناك ضرورة، وبناء على طلب من الجهة المعنية، سواء الشرطة أو المحكمة».

ولفت السميطي إلى قول منسوب للمدعي العام الإنجليزي دومينيك جريف، وهو ان «المغردين لن يكونوا بمنأى عن القانون».

تغريدات هدم

إلى ذلك، ذكر القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، أن وسائل التواصل الاجتماعي «ابتكرت من اجل خلق روابط اجتماعية، لكن مع الأسف قفز في وطننا من له مآرب أخرى وتم تسييسها لاستخدامها وسائل هدم وإساءة لرموز الدولة، وكل ما ينظم حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، واعتبروا كل ما لدينا من انجازات فاسداً وهم المصلحون، فاستُغلت الوسائل مطيةً لتحقيق غايات سياسية».

وقال إن «تغريدات المحسوبين على بعض التنظيمات السياسية لهم أهداف سياسية، فيلصقون الفساد برموز في الدولة، ويتهمون القضاء بعدم النزاهة، ويتعدون على النائب العام»، وقال: «لن نسمح لهم بالعبث بأمننا، فلقد صمتنا سنوات ولم يعد السكوت يجدي معهم نفعاً، ولن نسمح لتغريدات مثل هذه أن تظهر كل فعل بالدولة على أنه فاسد، من أمن وقضاء وحكومة ومجلس وطني».

ولفت خلفان إلى أن «الدولة تنشئ مراكز دينية تُعلم الوسطية للشباب، بينما يتم جلبهم منها بسياراتهم إلى اماكن أخرى تغرس فيهم دروساً من نوع آخر شاذ، ويتم تحريكهم باستخدام الريموت كنترول عن بُعد»، معتبراً أنهم «فئة خرجت عن العقلانية، بعد أن غُسلت أدمغتهم منذ الصغر، وأصبح كل ما لديهم فاسد، ومن يطلق عباراتهم في تلك الوسائل إنما هو يستخدم أسلوباً يعاقب عليه القانون».

وطالب خلفان أي مواطن يتعرض للإساءة على «تويتر» بالتوجه إلى أقرب مركز شرطة وتسجيل بلاغ، وإذا رفضت الشرطة تسجيل البلاغ، عليه ان يتجه للنيابة التي ستأمر الشرطة بتسجيل البلاغ»، قائلاً «لا نريدها وسائل اثارة وتجييش الشارع والهرولة للبعيد، نريدها وسائل تواصل تربط بين افراد المجتمع، وعلينا ان نكون يقظين فأمن البلاد لا يقدّر بثمن». وتابع خلفان«أتمنى من النائب العام الاتحادي أن يرفع دعوى على من يسيء لكيان الدولة وسمعتها وينعتها بالبوليسية، وأن يأخذ بحق الإماراتيين الذين قيل عنهم (نبيحة) برفع دعوى من عامة الشعب ضد تلك الفئة، فهناك قانون يطال كل من يطلق لفظاً سيئاً بحق الآخر».

وقال: «نطالب بتطبيق وتحسين الأداء ولدينا حوكمة وشفافية، ونعترف بأخطائنا، ونحاول الاقتراب من المواطنين، والمطلوب الرقابة التي تقوم على تقييم الأداء».

استثمار المواقع

الفريق ضاحي خلفان تميم : القائد العام لشرطة دبي

«البعض استخدم مواقع التواصل وسائل هدم وإساءة إلى رموز الدولة.. ولن نسمح له بالعبث بأمننا، فلقد صمتنا سنوات.. ولم يعد السكوت يجدي معهم نفعاً».


سامي الريامي : رئيس تحرير «الإمارات اليوم»

«مواقع التواصل الاجتماعي تحولت أحياناً إلى بيئة خصبة جديدة خارجة عن الرقابة والقيود وتغذي الجانب السلبي ببث الشائعات والأقاويل».

وخلال الندوة، رأى رئيس تحرير «الإمارات اليوم»، سامي الريامي، ضرورة «توعية المجتمع بخطر استخدام وسائل التواصل الحديثة بطريقة سيئة»، معتبراً أن «ما يصدر من بعض الفئات هو ممارسات دخيلة على دولة الإمارات».

واعتبر أنه «على الرغم من أن المواقع أُنشئت بغرض التواصل إلا أنها تشعبت ودخلت في ممارسة النشاط السياسي والتخطيط لندوات وتظاهرات، وما يُطلق عليه الإعلام الاجتماعي الحديث تحول الى أداة نصية مكتوبة وسمعية وبصرية وحسية تؤثر في قرارات المتلقي، ومعظمهم من فئة الشباب لكونهم المهتمين والمستهدفين، وهم فئة عمرية مهمة في بنية أي مجتمع».

وشرح أنه «في فترة سابقة شعر جيل الشباب، ممن أُطلق عليهم الفئة الصامتة او جيل الـ(بلاي ستيشن) بأنه لا يمكن أن يعبّر عن رأيه وليس لديه ثقة بوسائل الإعلام التقليدية التي اعتبروا انها تفتقر إلى حرية التعبير، وفي خدمة المسؤول، وتعطي صورة شكلية عن وجود مجتمع مدني، بينما اصبحت هذه الوسائل تقبل كل أفكارهم وتخلق لهم عوالم افتراضية، متخلين فيها عن كل القيود، بأن فتحت لهم أبواباً، وغالباً ما يتخفون بأسماء مستعارة لطرح أفكار معينة تمت تغذيتهم بها، فالبعض يسعى إلى خدمة شخص ما والتشكيك في قناعات كل مواطن، بينما هي في الحقيقة بيئة خصبة جديدة خارجة عن الرقابة والقيود وتغذي الجانب السلبي ببث الشائعات والأقاويل».

وذكر الريامي أرقاماً متعلقة بالعالم العربي، بقوله ان نسبة مستخدمي تلك المواقع عربياً زادت 52٪ منذ العام الماضي، وبلغ عددهم 58 مليون عربي بين مدون نشط وصامت، ولفت إلى أن تلك المواقع تسجل شهرياً دخول مليون شخص، فيما تحتل الإمارات المرتبة الاولى من حيث استخدام موقع «فيس بوك»، إذ تشكل نسبة من لديهم حسابات في هذا الموقع 25٪ من سكان الدولة».

ورأى الريامي ضرورة التفريق بين وسائل التواصل الاجتماعي التي تسمى بالإعلام الحديث، وبين وسائل الاعلام التقليدية التي لها ضوابطها وتقاليدها وتكفل للناس حقوقها، شارحاً أن الإعلام يمارس الحرية المسؤولة، بينما تغيب الرسالة عن مواقع الإعلام الحديث، وما يكتب بها ليس الا تعبيراً عن رأي وقتي، فالقوانين جاءت للتنظيم وليس لخلق الفوضى، مؤكداً أنه لا يعتد بأخبار مواقع التواصل، بينما تكون اخبار الإعلام التقليدي معتمدة وموثوقاً بها.

وتطرق الريامي إلى كيفية استثمار مواقع التواصل لخدمة قضايا الناس في جو من الحرية المسؤولة، وقال إن ذلك يتحقق بتكريس التوعية والرقابة من الأهل، والمتابعة المستمرة، وتابع «لا ننكر أن للمواقع ايجابيات كثيرة، لكن كيف نطورها ونحمي الجمهور من الاستخدام السيئ لها». وقال إنه «ليس هناك دولة محصنة من تأثير (الربيع العربي)، لكن الإمارات لا يوجد فيها أي خلاف على شرعية الحكم فيها، والشعب مرتبط بشكل وثيق بهذه الحكومة». وتوقع أن تمتد «الدورة السلبية» لـ«تويتر» فترة تراوح بين ثلاث وخمس سنوات قبل ان تستقر وتخمد، وذلك قياساً على تجارب سابقة.

اللعب على الوتر الديني

وفي ورقة بعنوان «تعاليم الدين في النصح والإرشاد وطاعة ولي الأمر»، قال وسيم يوسف، إن «الوتر الديني من أخطر الأوتار التي يتم اللعب بها، لأن الولاء للدين يثير العواطف، والبعض يتستر بلحاف الدين لتحقيق مآرب أخرى، ومن أراد السلطة تحدث بالدين، لكن الإسلام جاء للأمن وليس لنزع الأمن، لأنه يستحيل الحديث بكلمة حق من دون توافر الأمان».

ورأى يوسف أن «مستخدمي (تويتر) يصنفون بأربعة: مستخدم متعلم، ومستخدم يطلب علماً، ومستخدم لا يبالي، وآخر يدعو إلى الفتنة»، معتبراً أنه «يتوجب الحزم مع الصنف الأخير».

وتابع أنه «في نصوص الشرع ليس هناك حزم الا بأمرين: بأمر العقائد، والأمن، وذلك لسدّ الذرائع».

وفي السياق ذاته، دعت المحامية إيمان الرفاعي، إلى ان «يكون للمحامين دور فعال، لا لمحاربة مواقع التواصل الاجتماعي بل لتوعية كل من تسول له نفسه استخدامها بما يعكر صفو المجتمع».

واعتبرت أن المحامين «لا ينطلقون من فراغ في هذا الشأن، فالقانون يساندهم بتجريمه أي فعل من شأنه الإضرار بالوحدة الوطنية او السلم الاجتماعي، أو استخدام الدين لإثارة الفتنة».

تويتر