رصدت طفرات جينية بين المرأة العربية والغربية

دراسة إماراتية تمهّد الطريق لعلاجات مبتكرة لسرطان الثدي

صورة

توصلت دراسة إماراتية حديثة إلى نتائج علمية مبشّرة، تمهد الطريق أمام إيجاد علاجات جديدة ومبتكرة لسرطان الثدي، إذ رصدت وجود اختلافات في التغيرات (الطفرات) الجينية لمرض سرطان الثدي بين النساء العربيات والغربيات.

وخلصت الدراسة، التي استغرقت خمس سنوات، وتعدّ الأكبر من نوعها عربياً، إلى أن الاختلافات العرقية هي السبب الرئيس وراء هذا الاختلاف.

أجرى الدراسة فريق بحثي بقيادة رئيس جمعية الإمارات للأورام مدير خدمات الأورام في مستشفيات برجيل، البروفيسور حميد بن حرمل الشامسي، الذي أكد أن سرطان الثدي هو أكثر الأورام انتشاراً في دولة الإمارات، فيما تعتمد معظم الدراسات التي تجرى حول التغيرات الجينية، التي قد تحدد مسار العلاج، على الأبحاث الطبية التي تصدر في الدول الغربية فقط.

وقال الشامسي: «لاحظنا وجود اختلافات في طبيعة الأورام السرطانية، وطفراتها الجينية لدى النساء العربيات، مقارنة بالنساء الغربيات. وبحكم خبرتنا لسنوات في علاج هذا المرض في كندا والولايات المتحدة والإمارات، قررنا إجراء بحث علمي يتضمن إجراء تحليل للطفرات الجينية باستخدام تقنية حديثة جداً في مجال السرطان والأورام، هي تقنية تسلسل الجيل القادم، التي تمسح الحمض النووي للإنسان بحثاً عن وجود تغيرات جينية مرتبطة بسرطان الثدي».

وذكر أن أبرز أسباب الاختلاف في المتغيرات الجينية بين النساء العربيات والغربيات، حسب نتائج الدراسة، هو الاختلافات العرقية.

وقال الشامسي إن الدراسة، التي تعد الأكبر عربياً في هذا المجال، استغرقت خمس سنوات (2016-2021) وتم خلالها تحليل الطفرات الجينية لـ87 امرأة من الإمارات والسعودية والجزائر ومصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب وعمان وفلسطين والسودان وسورية وتونس، وبينت وجود اختلاف في المتغيرات الجينية للنساء العربيات بالمقارنة مع الطفرات الجينية للنساء الغربيات.

وذكر الشامسي أن الطب الشخصي، المبني على الفحص الجيني لمرضى السرطان، هو أحدث طرق علاج مرضى السرطان، مؤكداً أن هذه الدراسة تسلط الضوء على الاختلاف في معدلات الطفرات لدى النساء العربيات مقارنة بالنساء الغربيات.

وتابع أن التوصل إلى نتائج حاسمة يستدعي إجراء مزيد من الأبحاث والدراسات على نطاق أكبر، بحيث يؤخذ في الاعتبار الدور المتطور لبعض هذه المتغيرات في العلاج الشخصي للسرطان.

وأوضح أن «التغيرات الجينية تستخدم كأهداف لتثبيط الخلايا السرطانية، وعلى سبيل المثال فنسبة الطفرة الجينية المعروفة بـpik3ca لدى النساء الغربيات تراوح بين 20-30%، في حين بينت الدراسة أن نسبتها تبلغ 12% فقط لدى النساء العربيات. وهذه الطفرة مهمة جداً لتقبل أحد أحدث العلاجات لسرطان الثدي، ويعرف بـalpelisib».

وأكد أن الدراسة أتاحت التعرف إلى تغيرات جينية جديدة في سرطان الثدي، منها NPM1 and MPL، ما يفتح آفاقاً جديدة لأبحاث تهدف إلى معرفة دور هذه الطفرات في نشأة سرطان الثدي وعلاجه.

وقال رئيس قسم الإشعاع في مدينة برجيل الطبية (مشارك في الدراسة) الدكتور إبراهيم أبوغيدة، إن أبحاث السرطان التي تتركز على مرضى السرطان من الدول العربية عموماً، ومن دول الخليج خصوصاً، مهمة جداً، لأن لسرطان الثدي عند السكان العرب سمات إكلينيكية وكيميائية مناعية مختلفة، مقارنة بالسكان الغربيين، بما في ذلك البداية والتشخيص في مراحل عمرية مبكرة، لاسيما تحت سن الـ40، ودرجة الورم، ومعدل التضخيم، وهي خصائص تؤثر سلباً في نجاح التعافي من المرض. كما أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء العربيات تتزايد مع مرور الوقت. ومن المرجح أن تظهر في مراحل متقدمة بمعدل أقلّ لمدة خمس سنوات، مقارنة بالمرضى من الدول الغربية.

أجريت الدراسة بالتعاون بين مستشفيات برجيل في الإمارات وجمعية الإمارات للأورام ومركز «إم دي أندرسون» الطبي في الولايات المتحدة، بدعم من معهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للعلاج التشخيصي للسرطان، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان.

71 بحثاً طبياً

أكد البروفيسور حميد الشامسي، أن أبحاث السرطان في الإمارات قفزت قفزة مبهرة في السنوات الماضية، مشيراً إلى نشر 71 بحثاً طبياً، منها 30 بحثاً خلال الـ18 شهراً الماضية.

وتهدف الدراسات إلى إبراز دور الإمارات على صعيد الأبحاث الطبية على مستوى العالم، بدعم من الجهات الحكومية والخاصة في الدولة.

وأضاف الشامسي أن التعاون البحثي بين مراكز الأبحاث في دول العالم يزيد وتيرة الاكتشافات في جميع المجالات، بما فيها مجال السرطان والأورام.

تويتر