حذرت من غياب الإشراف الأسري

«صحة دبي» تستقبل حالتَيْ إدمان على الألعاب الإلكترونية شهرياً

صورة

كشفت هيئة الصحة في دبي أنها تستقبل نحو حالتين شهرياً، لأطفال أدمنوا على ممارسة «الألعاب الإلكترونية». وقالت إن علاج بعض الحالات تطلب، أحياناً، احتجاز أطفال منهم داخل المستشفى. فيما حذرت مختصة بالصحة النفسية للأطفال والمراهقين من السماح للأطفال بالإفراط في ممارسة الألعاب الإلكترونية، لافتة إلى احتمال سقوطهم في الإدمان.

وأكد طبيب أعصاب تأثير هذه الألعاب السلبي في عقل وجسم الطفل بشكل عام، محذراً من خطورة وقوع الأطفال والشباب أسرى للألعاب الإلكترونية، وتمضية ساعات طويلة من يومهم أمام الأجهزة اللوحية الذكية، خصوصاً مع تزايد الإقبال عليها.

وكانت منظمة الصحة العالمية صنفت، أخيراً، «الإدمان على ألعاب الفيديو» نوعاً جديداً من الأمراض المعترف بها حول العالم.

وتفصيلاً، أكدت الطبيبة واستشارية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين في الهيئة، الدكتورة نادية الدباغ، لـ«الإمارات اليوم»، أن إفراط الأطفال في ممارسة الألعاب الإلكترونية يجعلهم عرضة للإدمان.

وأضافت أن الهيئة تحرص على تقديم خدمات الطب النفسي للأطفال والبالغين، في إطار تنفيذها استراتيجية دبي للصحة النفسية، مشيرة إلى استقبالها الأطفال المدمنين على الألعاب الإلكترونية، وعلاجهم، الذي يستلزم وضع خطة للتخلص من الإدمان، بالتعاون بين الطبيب النفسي والأهل.

وحذرت الدباغ من غياب الإشراف الأسري على استخدام الأبناء للأجهزة اللوحية، والألعاب الإلكترونية بشكل خاص، مؤكدة أن الهيئة تستقبل نحو حالتين شهرياً، لأطفال أدمنوا على ممارسة هذه الألعاب.

وتابعت أن نحو 70% من الأطفال الأكثر عرضة لإدمان الألعاب الإلكترونية، ينتمون إلى الشريحة السنية التي تقلّ عن خمس سنوات، بسبب انشغال الوالدين عنهم.

وأكدت الدباغ أن ممارسة الألعاب الإلكترونية، بشكل مفرط، تصنف بأنها اضطراب سلوكي خاص، يتسم بالتأثير في حياة الفرد اليومية، جسدياً وذهنياً واجتماعياً.

وأوضحت أن المظاهر، التي يمكن من خلالها اكتشاف إدمان الطفل على الألعاب الإلكترونية، تتضمن إهمال الواجبات الأسرية والدراسية، والحديث المتكرر عن الإنترنت في الحياة اليومية، والرغبة الملحّة في استعمال الإنترنت، والنهوض من النوم بشكل مفاجئ، إضافة إلى القلق والغضب وتقلب المزاج السريع، وفقدان الاهتمام في الأنشطة التي اعتاد الاهتمام بها في السابق.

وأضافت الدباغ: «يتسبب قضاء ساعات طويلة أمام الألعاب الإلكترونية في أمراض الرؤية والجهاز العصبي، والسمنة المفرطة، إضافة إلى آلام الظهر والرقبة، والكسل الشديد والخمول واضطراب النوم».

وأشارت إلى أن التأثيرات السلبية للانشغال بالأجهزة الإلكترونية، تشمل أيضاً ضعف التحصيل الدراسي، وعدم الاكتراث لمشاعر الآخرين، والعدوانية في السلوك تجاه إخوانه وزملائه.

واعتبر استشاري طب الأعصاب، وأخصائي السكتة الدماغية في مستشفى راشد، التابع للهيئة، الدكتور سهيل الركن، أن «الإدمان على الألعاب الإلكترونية يعتبر مرض العصر بالنسبة للأطفال»، موضحاً أن دراسات علمية حديثة أثبتت، أخيراً، أن التطور الذهني والعقلي واللفظي لدى الأطفال الذين يستخدمون الألعاب الإلكترونية في عمر أقلّ من ست سنوات، يكون أبطأ من نظرائهم، الذين لا يمارسون هذه الألعاب.

وقال إن هناك دراسة حديثة أجريت على أكثر من 400 طفل، أظهرت أن الأعراض السلبية لاستخدام الأجهزة اللوحية ظهرت بشكل ملحوظ على الأطفال الذين يستخدمونها لفترة تزيد على ساعتين في اليوم، مقارنة بنظرائهم الذين لا يستخدمونها نهائياً، أو يستخدمونها بمعدل يقلّ عن ساعتين، حيث لاحظوا تطوراً كبيراً لديهم في المهارات اللغوية والحركية والذهنية.

وأضاف الركن أن مدمني الألعاب الإلكترونية من الأطفال يعانون ضعفاً في مهارات التواصل مع الآخرين، وفي كثير من الأحيان، بدا أن هذه المهارة شبه معدومة لديهم، مشيراً إلى أن «الانغماس كلياً في عالم هذه الألعاب الافتراضي، لساعات طويلة ومتصلة، يعزلهم بشكل كبير عن محيطهم المجتمعي الحقيقي».

وقال إن «التداعيات السلبية على مدمني الألعاب الإلكترونية من الأطفال تمتدّ معهم إلى مراحل عمرية متقدمة، وتفقدهم القدرة على العمل ضمن فريق واحد، نتيجة غياب أو ضعف مهارة التواصل».

وتابع الركن أن هناك دراسات أكدت أن الآثار التي تصيب مدمني الألعاب الإلكترونية، تشمل حدوث اضطرابات في النوم، وتدني واضطراب جودة الحياة لديهم.

وقال إن حداثة هذا النوع من الإدمان تستدعي وضع خطط واتخاذ إجراءات عدة، بسبب عدم وجود مختصين بعلاج هذا المرض، كما أن المراكز المتخصصة لعلاجه عالمياً تعتبر محدودة جداً. وتتطلب الخطة العلاجية إسهاماً من الأطباء النفسيين، والتربويين، وأطباء الأطفال المختصين.

وذكر أن هناك توصيات كثيرة صدرت عن منظمة الصحة العالمية، ومنظمات أخرى، تؤكد ضرورة منع استخدام الأطفال دون ست سنوات، أي جهاز لوحي ذكي، أو أجهزة ألعاب إلكترونية.

وأكد أن الإدمان على هذا النوع من الألعاب لم يقتصر على الأطفال، بل امتدّ في كثير من الحالات إلى الأشخاص الناضجين، خصوصاً الألعاب التي تمارس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

يذكر أن الهيئة تنفذ استراتيجية دبي للصحة النفسية، بالتعاون مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع. ومن شأن هذه الاستراتيجية وضع آلية للتعامل مع الظاهرة ضمن خدماتها، من حيث الاكتشاف المبكر لها، والحدّ منها.

وكانت منظمة الصحة العالمية أدرجت اضطراب ألعاب الفيديو في نسختها الأخيرة من دليل تصنيف الأمراض، بعدما أجرت مراجعة للأدلة المتوافرة. كما أن الآراء - في مختلف التخصصات - عرّفت هذا الإدمان بأنه «نمط سلوكي مستمر في ممارسة اللعب، لدرجة اتخاذه أولوية على حساب اهتمامات الحياة الأخرى».


3 ساعات يومياً

أظهر مسح صحي عالمي لطلبة المدارس في الإمارات، أجري عام 2015، أن 56% من طلبة المدارس، من عمر 13 إلى 15 سنة، يمضون ثلاث ساعات أو أكثر، يومياً، في استخدام الألعاب الإلكترونية، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى قرابة الـ63%، لدى الفئة العمرية 16-17 سنة.

وأوضحت الدراسة أن الأطفال، الذين يفرطون في استخدام هذه الألعاب، قد يواجهون مشكلات اجتماعية وعاطفية وسلوكية، كالانعزال، والقلق والكآبة، مشيرة إلى أن الأطفال قد يشتكون من الضغط النفسي، والإجهاد أو الجفاف وحرقان العين، نظراً للتحديق المستمر في الضوء الساطع، عبر شاشات الأجهزة الإلكترونية.

تويتر