بهدف جعلهم أكثر تركيزاً وانتباهاً.. وتحقيق التفوق الدراسي

ذوو طلبة يتسابقون فـي حجز مـقاعد أمامية في الفصول الدراسية لأبـنائهم

ذوو طلبة يوصلون أبناءهم إلى المدرسة مبكراً مع بداية كل عام دراسي لحجز المقاعد الأمامية. أرشيفية

يتسابق ذوو طلبة، في مدارس حكومية وخاصة، في حجز المقاعد الأمامية في الفصل الدراسي لأبنائهم، مع بداية كل عام دراسي، اعتقاداً منهم أن وجودهم في مقدمة الصفوف الفصلية سيزيد من مستوى تركيزهم وانتباههم أثناء شرح المعلم، ما يجعلهم متفوقين لاحقاً، بينما وصف أخصائيون وموجهون اجتماعيون هذا الاعتقاد بالخاطئ، كونه موروثاً قديماً ترسخ في أذهان الأهالي، مشددين على ضرورة نبذ هذه الفكرة في ظل تطبيق استراتيجيات التعليم الحديثة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/09/531362.jpg

أخصائية نفسية: المقاعد الخلفية

تتيح للطلبة ممارسة الشغب وسلوكيات غير مقبولة.

موجهون اجتماعيون: الاعتقاد خاطئ كونه موروثاً قديماً ترسخ في أذهان الأهالي.

معلمون: التحصيل العلمي للطالب لا يرتبط بالمقاعد الأمامية

فيما أكد طبيب وأخصائية نفسية أن المقاعد الخلفية تتيح للطلبة ممارسة الشغب والسلوكيات غير المقبولة داخل الفصل الدراسي، ما يجعلهم أقل انتباهاً، وتالياً يؤثر سلباً في مستوياتهم التعليمية، وأشارا إلى أن الطلبة الذين لا يفضلون المقاعد الأمامية يريدون أن يكونوا بعيدين عن أنظار المعلم، وقد يكونون يعانون خجلاً اجتماعياً، أو لديهم ميول «مشاغبات» و«عنف سلوكي».

ورأى معلمون أن التحصيل العلمي للطالب لا يرتبط بالمقاعد الأمامية أو الخلفية في الفصل الدراسي، كون المعلم يعلم مستوى جميع الطلبة داخل الفصل، مشددين على ضرورة تطبيق النظم الحديثة في توزيع الطلبة، كتوزيعهم في مجموعات أو على شكل نصف دائرة بدلاً من الصفوف المتوازية.

وتفصيلاً، ترى المواطنة (أم سلطان)، من إمارة الشارقة، أن الجلوس في المقاعد الخلفية يشتت انتباه الطالب، ويقلل من قدرته على سماع صوت المعلم أثناء شرح الدروس، كما أنه يجعل الطالب أقل انضباطاً من حيث السلوك الحركي في الفصل الدراسي، لذا رافقت ابنها إلى الصف من أجل التأكيد على جلوسه في المقدمة، الأمر الذي يوافق رغبته.

وذكرت رائقة عبدالحي، أن طفلتها قبل التحاقها بالدراسة كانت تتمنى الجلوس في المقاعد الأمامية، إلا أنه حين بدأت الدراسة قررت المعلمة أن تجلسها في المقاعد الخلفية، بسبب طولها، ما جعلها تعتاد على هذا الوضع، الذي باتت تهرب من خلاله من الإجابات التي لا تتمكن من معرفتها، وأثر ذلك سلباً في تحصيلها الدراسي.

وقالت عائشة العامري، وهي أم لطفلين توأمين، يبلغان السادسة من عمرهما، إنها تفضِّل، بل وتشدد في جلوس طفليها في المقاعد الأمامية، حتى يكون مستوى تركيزهما لشرح المعلم عالياً، وذلك لقرب المسافة بينهما وبين المعلم، وحتى يبقيا على استعداد للإجابة عن أي سؤال قد يطرحه المعلم، لذا تحرص في بداية العام الدراسي على زيارة مدرسة طفليها، لطلب جلوسهما في المقاعد الأمامية، مع مراعاة متطلبات ظروف الطلاب الآخرين.

وأكدت المواطنة مريم محمد سليمان، من سكان إمارة الفجيرة، حرصها مع بداية كل عام دراسي على توصيل ابنها إلى مدرسته مبكراً، من أجل حجز مقعد متقدم له في الفصل، موضحة أنها على قناعة تامة بأن طلبة الصفوف الأمامية يكونون محط اهتمام المعلم وتركيزه، الأمر الذي يؤثر في تحصيلهم الأكاديمي بشكل إيجابي.

ووافقها الرأي المواطن عبدالله سالم، من منطقة مليحة في الشارقة، مشيراً إلى تحسن مستوى ابنه الدراسي بعد أن نقله إلى المقعد الأمامي في الفصل الدراسي، إذ أصبح مهتماً بجميع المواد الدراسية بعد أن غير مكانه من الصفوف الخلفية إلى الأمامية في الفصل الأخير من السنة الدراسية الفائتة، وأصبح المعلم يعتمد عليه بشكلٍ أكبر، ما زاد من ثقته بنفسه، وحسّن من سلوكه.

فيما أكد مدير أكاديمية الفجيرة العلمية، عبيد علي اليماحي، أن تركيز الطالب في الفصل عامل رئيس لتفوقه، بغض النظر عن موقعه فيه، سواء كان يجلس على الكراسي الأمامية أو الوسطى أو الخلفية، مشيراً إلى أن الطلبة من فئة ذوي الإعاقة، والذين يعانون مشكلات سمعية وبصرية، وضعف القراءة، وكذلك قصار القامة، تكون لهم الأولوية في الجلوس بالمقاعد الأمامية، أو المتأخرين دراسياً. ووصفت المعلمة نورة علي آل علي، من إمارة الفجيرة، اعتقاد أولياء الأمور أن الصفوف الأمامية هي عامل تفوق دراسي للطالب بـ«الخاطئ»، إذ استحدثت بعض المدارس نظماً جديدة ومبتكرة لتوزيع الطلبة في الفصول الدراسية، منها التي تكون على شكل نصف دائرة، فتتيح بدورها للمعلم مراقبة جميع الطلبة وسلوكياتهم، وتالياً معرفة مستوياتهم التعليمية خلال أسبوعين فقط من بداية العام، وذلك عبر مشاركتهم وتفاعلهم أثناء الشرح والإجابة عن الأسئلة.

إلى ذلك، استنكرت موجهة الخدمة الاجتماعية في منطقة الشارقة التعليمية، هبة الله محمد عبدالرحمن، اعتقاد بعض أولياء أمور طلبة بأن وجود أبنائهم في المقاعد الأمامية هو أحد أسرار التميز، مؤكدة أن التفوق يعتمد على اجتهاد الطالب، وقدراته الذهنية، بعيداً عن موقعة المكاني. وأكدت ضرورة نبذ هذه الفكرة، في ظل تطبيق استراتيجيات التعليم الحديثة. في حين قال الطبيب النفسي، الدكتور علي الحرجان، إن بعض الطلبة الذين لديهم ميول مشاغبات، وحديث مع الزملاء، عادةً يفضلون الجلوس في الخلف، حتى لا يراهم المدرس، لاعتقادهم بأنهم بعيدون عن الأنظار، وأيضاً ليُسهِّل لهم ذلك ممارسة العنف السلوكي. وشدد على ضرورة وجود عددٍ كافٍ من الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في إدارات المدارس، يعملون على معالجة السلوكيات والمشكلات اليومية للطلبة بشكلٍ صحيح، وعلى أولياء الأمور تفهم ظروف المدرسة ومشكلاتها والاتصاف بالعقل، والتروي في معالجة ما يبدر من أبنائهم من تصرفات سلبية، عن طريق اتباع الأساليب التربوية العلمية، بالتعاون مع إدارة المدرسة، وليس بالاندفاع والانفعال.

من جانبها، قالت الأخصائية النفسية، موزة سالم النيادي، إن بعض الطلبة يفضلون عدم الجلوس على الكراسي الأمامية في الفصل الدراسي، وهؤلاء قد يعانون الخجل الزائد، وعدم الثقة بالنفس، أو افتقادهم لإمكانات التفوق الدراسي، أو مهارات التواصل الاجتماعي مع الآخرين.

وقالت إن المقاعد الخلفية تتيح للطلبة ممارسة الشغب والسلوكيات غير المقبولة داخل الفصل الدراسي، ما يجعلهم أقل انتباهاً، وتالياً يؤثر سلباً في مستوياتهم التعليمية.

تويتر