شباب يرونها سهلة وسريعة.. ومعلمون يحذرون من الكتابة بحروف لاتينية

«عربتيني» تهدد حروف اللغة العــربية بالانقراض

شباب يفضلون كتابة «العربية» بحروف لاتينية في التواصل بينهم. الإمارات اليوم

أكد معلمو لغة عربية أن انتشار ظاهرة كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية، خصوصاً عبر الهواتف المتحركة ووسائل التواصل الاجتماعي، باتت تهدد حروف اللغة العربية بالانقراض، وتمحو خصوصيتها، محذرين من انتشار هذه الظاهرة بين الطلاب، ما يؤدي إلى زيادة الأخطاء الإملائية لديهم، وأطلقوا على هذه الظاهرة اسم «عربتيني»، وتعني كتابة كلمات عربية بحروف عربية ولاتينية، مثل كلمة أنا عربي «Ana 2rabe»، ومن جانبها أكدت مديرة تطوير مناهج اللغة العربية في مجلس أبوظبي للتعليم، كريمة المزروعي، خطر هذه الظاهرة، مطالبة بإعداد دراسة بشأنها، لتحديد سبل تغيير هذا النمط السيئ.

لغة «العربتيني»

ظهرت لغة «العربتيني» حديثاً، وانتشرت مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المتحركة، وابتكر الشباب هذه اللغة لسرعة التواصل في ما بينهم، وتعتمد هذه اللغة على استبدال الحروف العربية التي ليس لها مقابل في الإنجليزية بأرقام مثل:

حرفا القاف والهمزة يستبدلان بـ(2)

حرف العين يستبدل بـ(3)

حرف الحاء يستبدل بـ(7)

حرف الخاء يستبدل بـ(5)

وتكتب كلمة قمر 2mar ، وكلمة خارج «5arg»، وكلمة حب «7b»، وكلمة عربي 3arabi.

وتفصيلاً، أكد معلمو لغة عربية، أن تدني مستوى الطلاب في الإملاء، وكثرة أخطائهم اللغوية، يعودان في المقام الأول إلى عدم اعتيادهم الكتابة باللغة العربية، خصوصاً بعد انتشار الكتابة بحروف لاتينية، عازين انتشار هذه الظاهرة إلى زيادة استخدام الهواتف المتحركة، والإنترنت في التواصل بين الشباب.

وقال استاذ مساعد رئيس قسم التربية في جامعة الحصن، الدكتور محمد سعيد، إن «كتابة اللغة العربية بحروف اجنبية تشكل خطراً شديداً على الحرف العربي، وتهدده بالانقراض، وذلك لانتقال لغة التواصل إلى لغة أجنبية».

وأضاف أن «الحروف العربية من أبرز ما يميز اللغة، وهي علم قائم بذاته، وتُنظم للخط العربي مهرجانات دولية، والتحول إلى الكتابة بحروف لاتينية يهدد كل هذا العلم والفن بالانقراض».

وأشار سعيد إلى أن كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية، لا تؤدي إلى توصيل المعنى الصحيح، وتأتي في كثير من الأحيان بمعنى عكسي تماماً للمقصود، مثل كلمة «إعمار»، التي تكتب بالحروف اللاتينية «Emar» وتنطق في هذه الحالة «امعار» وتعني في اللغة العربية «تمزيق»، وهي عكس المقصود بالكلمة الأصلية «إعمار» تماماً، مشدداً على أن افضل طريقة للتواصل والتفاهم لتحقيق المعنى، هو استخدام الحروف الأصلية للغة التخاطب.

وأوضح أن انتشار اللغة الإنجليزية أصبح أمراً واقعاً، لكونها باتت لغة العلم، ولها أفضلية في الجامعات والمؤسسات وسوق العمل، بالإضافة إلى أن المجتمعات المفتوحة التي تضم جنسيات مختلفة تفضل التواصل باللغة الإنجليزية، وكل هذا يشكل ضغطاً على اللغة العربية. وأشار إلى أن انتشار التواصل بين الشباب باللغة الانجليزية، أو باللغة العربية بحروف لاتينية، يعود إلى الهجمة الشرسة للغة الإنجليزية، سواء في التعليم أو في المجتمع المحيط ككل، لافتاً إلى عدم وجود ودّ بين الشباب واللغة العربية، والشكاوى الدائمة من صعوبتها سواء من حيث كتابة الحروف أو النطق أو القواعد.

وقال سعيد إن «ما يساعد الحروف اللاتينية على الانتشار أنها حروف متفرقة في الكتابة، على عكس اللغة العربية، التي يكتب كل حرف بها بشكل مختلف حسب وضعه في الكلمة، وهذا يدعم عدم مودة الشباب للحروف العربية، خصوصاً إذا كان يتعلمها في الوقت نفسه مع لغة أخرى».

لغة الضاد

أنشأ طلبة صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تحت عنوان «لا لكتابة العربية بحروف لاتينية»، مطالبين المشاركين في الصفحة بضرورة الإسهام في توعية أبناء اللغة العربية بخطورة ما يفعلون. ووصف القائم على الصفحة، أحمد صالح، الأسباب التي تدعو الشباب إلى هذا الأمر بـ«الكوميدية»، قائلاً «عندما نسأل أحداً لماذا تستخدم حروفاً أجنبية عند الكتابة باللغة العربية، يكون الرد أن الحروف الإنجليزيه شكلها (شيك)، أو بسبب التعود على شكل لوحة المفاتيح بالإنجليزية، أو كل اصدقائي يستخدمونها فلماذا أختلف عنهم؟!». وأضاف «يجب أن ندافع عن لغتنا، وأن نحث الشباب على التمسك بلغة الضاد»، مشيراً إلى أنه يسعى لعمل حملة اعلامية في المدارس والجامعات، تدعو إلى عدم الرد على رسالة أي صديق مكتوبة باللغة العربية بحروف لاتينية».

من جانبها، حذّرت معلمة اللغة العربية، في مدرسة انترناشونال موميونتي، غادة يونس، من انتشار هذه الظاهرة بين الطلاب، خصوصاً دارسي المنهاجين الأميركي والبريطاني، اللذين تطغى فيهما اللغة الإنجليزية على اللغة العربية، ويتم تدريس جميع المواد باللغة الإنجليزية في ما عدا مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية فقط، مشيرة إلى أن معلمي اللغة العربية في هذه المدارس يعانون مشكلة كبيرة، بسبب الأخطاء الإملائية الكثيرة، خصوصاً في موضوعات التعبير. وقالت «ينجرف الطلاب حالياً إلى اللغات الأخرى بسبب طغيان اللغة الإنجليزية على كل المجالات العلمية والاقتصادية، بالإضافة إلى انعدام القراءة بين الشباب، ومن لا يقرأ لن يستطيع أن يكتب».

وأضافت يونس أن «اللغة العربية تعاني تراكمات كثيرة أدت إلى تراجعها، خصوصاً بين جيل الشباب الذي أصبح لا يستطيع التعبير عن نفسه بجمل عربية واضحة، مشيرة إلى أن المدرسة تحاول قدر المستطاع غرس أهمية اللغة العربية في نفوس الطلاب عن طريق المسابقات وتشجيع القراءة باللغة العربية لتكوين حصيلة لغوية جيدة».

من جانبه، عزا معلم لغة عربية، محمد حامد، ما سماه الهجمة الشرسة على اللغة العربية، إلى تطور انظمة الاتصالات، وبرامج الدردشة على الانترنت، سواء بالموبايل، أو الكمبيوتر، مطالباً بـ«ضرورة تكاتف الجميع للحفاظ على لغتنا التي تمثل هويتنا العرقية، والدينية، وان يتم وضع برامج دراسية إلزامية تساعد الطلبة على إتقان لغتهم إتقاناً تاماً».

من جهتهم، أكد العديد من الشباب اتجاههم إلى كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية، خصوصاً في التواصل عبر موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك وتويتر»، والدردشة على البريد الالكتروني، عازين السبب إلى سهولة الكتابة بالحروف اللاتينية، نتيجة حفظهم لوحة المفاتيح، بالإضافة إلى أن لغة الهواتف المتحركة دائماً ما تكون إنجليزية، ومن غير المنطقي أن يتم تحويل اللغة الى «العربية» عند الرغبة في كتابة تدوينة أو تغريدة على «تويتر».

وأفاد ماجد السعيد، طالب جامعي، بأن لوحة مفاتيح الكمبيوتر فيها 34 حرفاً، على الرغم من أن الحروف العربية 28 حرفاً، لافتاً إلى أن الحروف العربية الحقيقية أربعة اضعاف الـ28 حرفاً، فالحرف العربي له أربعة أشكال في أول الكلام وفي وسطه وفي نهايته ومنفصلاً، أي أننا لو ضربنا 28 حرفاً في أربعة أضعاف يكون الناتج 112 حرفاً، لذلك الكتابة بالحروف اللاتينية (العربتيني) أسهل وأسرع بكثير. وأكد شاب آخر، حميد سالم، أن الكتابة باللغة العربية صعبة بسبب صعوبة قواعدها، فالحروف تختلف حسب الكلمة ما بين حرف ألف بهمزة وآخر بهمزة مدّ وثالث بكسرة، وثلاثة أشكال لحرف الياء، وشكلين لحرف الواو، واحدة منهما عليها همزة، وهمزة بمفردها، ما يعرض الشخص إلى احراج كبير بسبب الأخطاء اللغوية، فيتجه الأغلبية إلى كتابتها بحروف لاتينية، خصوصاً أن استخدامها يكون للدردشة وليس في اختبارات أو جهات رسمية، ولن يحاسبنا عليها احد.

وقال ثالث، حسام محمود «جميع الأصدقاء يعرفون لغة (العربتيني)، ويجيدون استخدامها، كونها لغة شبابية بسيطة خالية من تعقيدات اللغة العربية»، مضيفاً أن الشباب هم من ابتكروا هذه اللغة لاستخدامها في التواصل في ما بينهم.

خطر الظاهرة

من جانبها، أكدت مديرة قطاع المناهج العربية في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتورة كريمة المزروعي، خطر هذه الظاهرة، مشيرة إلى أن الدراسات أثبتت أن استخدام الكتابة في التواصل ينمي اللغة ويحافظ عليها، بشرط أن تكون الكتابة بحروف اللغة المستخدمة نفسها، وأشارت إلى أن المجلس يعمل على الحفاظ على اللغة العربية وتنميتها بين الطلاب من خلال مشروعات عدة، مثل «المنهاج العربي المساعد»، مشروع «تَمَعّن» للتقويم المستمر في اللغة العربية، الذي يعتمد على فكرة تعريض الطلاب للنصوص المختلفة «خصوصاً النصوص السردية والحوارية والنقاشية» بشكل دائم، ليتفاعلوا معها قراءة وكتابة.

وقالت إن جهود المجلس لا تنحصر في جانب تطوير لغة الطالب في المدرسة فقط، بل وجه الجهود للأسرة ليكون للمنزل دور نشط في دعم ما يتلقاه الطالب من مهارات في المدرسة، وتم إصدار كتاب «صحيفتي» لتنمية القراءة والكتابة، وهو يمثل سجلاً قرائياً يساعد التلاميذ على تنمية مهاراتهم في مجالي القراءة والكتابة في المنزل، ويشجع على ممارسة القراءة عادة يومية، والتحدث عن المقروء في جو منزلي حميم، مشيرة إلى انه تم توفير دليل لذوي الطلبة خاص بالمطالعة، يمثل مرجعاً لتوفير المعلومات حول كيفية دعم وتعزيز التعلّم في البيت، وتقديم مقترحات لمجموعة من الأنشطة يمكن لولي الأمر ممارستها مع أبنائه، لجعل اللغة حية في محيط الطالب اليومي.

تويتر