قبل أن تطلب من المحكمة ذلك!

أصرّ الزوج على أنه تحمّل الأعباء المادية المترتبة على فيلا اشتراها مناصفة مع زوجته دون أن تلتزم بسداد ما عليها من مستحقات، شملت قرضاً حصلا عليه معاً من أحد البنوك، كما لم تسدد نصيبها من مقدم ثمن الفيلا، مطالباً المحكمة المدنية في دبي بإلزامها بدفع المبلغ المتراكم عليها.

وفي ظل امتلاكه للأدلة والمستندات التي تثبت صحة دعواه، لم تجد الزوجة سبيلاً إلا أن تطلب من المحكمة توجيه اليمين الحاسمة إلى زوجها.

واستجابت محكمة أول درجة بالفعل لطلبها وألزمته بالصيغة التي حددتها «أقسم بالله العظيم أنني لم أتفق مع زوجتي (المدعى عليها) بأن أشتري الفيلا موضوع الدعوى مناصفة في ما بيننا، وأنني لم ألتزم بسداد كامل مبلغ الشراء دون أي مسؤولية مالية أو قانونية عليها، وأن أتحمل كامل أقساط القرض الممنوح من البنك، وأنها مدينة لي بالمبالغ المطالب بها».

وهنا نأتي إلى نقطة بالغة الأهمية تتعلق بمدى إدراك الخصوم في الدعوى أن توجيه اليمين الحاسمة يقطع الطريق أمام الطعن مستقبلاً على الأحكام الصادرة بموجبها.

لقد طعنت الزوجة في هذه الدعوى على الحكم أمام محكمة الاستئناف، وبالطبع قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف وألزمتها بالمصاريف.

وهنا نجد ضرورة لتوضيح الأسباب، فاليمين الحاسمة شرعت لتكون ملاذاً لصاحبها عندما تعوزه وسائل الإثبات الأخرى التي يصرح القانون بتقديمها للتدليل على صحة ما يدعيه، وهي ملك للخصم وليس للقاضي.

وعلى القاضي أن يستجيب لطلب توجيهها متى توافرت شروطها، بأن تكون متعلقة بشخص من وجهت إليه، حاسمة في النزاع المطروح على المحكمة، ولا مخالفة فيها للنظام العام أو الآداب، بشرط أن يكون طالبها غير متعسف في طلبه.

ولا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على اليمين الحاسمة، أو النكول عنها أو ردها بأي طريق من طرق الطعن، إلا إذا كان مبنياً على عدم جواز توجيهها، أو مدى تعلقها بالدعوى أو بطلان إجراءات توجيهها.

وطالما كان إجراء توجيه اليمين صحيحاً، فلا يجوز الطعن عليه، وهذا ما انتهت إليه المحكمة.

وهكذا من الضروري الوعي بهذه الجوانب قبل أن يهدر الخصم حقه في الطعن بالاستعجال في طلب اليمين، بدلاً من الاجتهاد في إيجاد وسائل إثبات أخرى.

*محكم ومستشار قانوني

تويتر