لأنه المستقبل

للأطفال حصانة استثنائية في دولة الإمارات، ويتحتم على جميع أفراد المجتمع وليس الآباء فقط، الإلمام بحدود هذه الحصانة التي نص عليها قانون حقوق الطفل رقم 3 لسنة 2016 (وديمة)، في مواد محكمة وبديعة، تناولتها بالتفصيل اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

ودعونا نتوقف عند المادة 42 من هذا القانون، لندرك إلى أي مدى ذهب المشرع في فرض حماية كاملة للطفل، إذ تتناول موجبات الإبلاغ عن أي تهديد يمس الطفل، فينص البند الأول منها على أن لكل شخص إبلاغ اختصاصي حماية الطفل، أو وحدات حمايته إذا كان هناك ما يهدد سلامته أو صحته البدنية أو النفسية، أو الأخلاقية أو العقلية.

وبحسب البند الثاني، فإن الإبلاغ وجوبي على المربين والأطباء والاختصاصيين الاجتماعيين، أو غيرهم ممن تعهد إليهم حماية الأطفال أو العناية بهم، أو تعليمهم.

ويمثل البند الأخير أهمية بالغة، لأن هذه الفئات هي الأكثر تعاملاً مع الأطفال، ومن ثم يعد سكوتهم جريمة، ومشاركة في الأذى الذي قد يلحق بالطفل.

وبناء على ذلك تتولى وزارة التربية والتعليم تعميم إجراءات الإبلاغ على المدارس والمؤسسات التعليمية، لتوضيح دور العاملين فيها ومسؤولياتهم عند ملاحظة إساءة أو عنف ضد طفل، أو لمجرد الاشتباه.

ودور العاملين في المؤسسات التعليمية يمثل أهمية كبيرة، في ظل الفترة الطويلة التي يقضيها الأطفال داخل المدارس، فالطفل قد يتعرض لمخاطر مثل التنمر، تجعله يعزف عن التعليم، وهذا خطر لو لم توفر له الحماية اللازمة.

ومن الرائع في اللائحة التنفيذية أنها تطرقت إلى تفاصيل الدور المنوط بالمؤسسات التعليمية، فهي معنية بإبلاغ وحدة حماية الطفل في الوزارة عن الشكاوى الخاصة بالتجاوزات أو المخالفات لأي من الحقوق التعليمية، أو أي إساءة يتعرض لها، ويتولى اختصاصي الحماية دراسة الحالة، وتقييم الضرر، وفق نموذج معتمد لذلك، وتحديد الأسباب، واقتراح الإجراء المطلوب، سواء بإبلاغ الشرطة في الحالات التي تشكل جريمة، أو إيداع الطفل المستشفى للعلاج، وتسليم تقرير طبي بحالته، ومن ثم إخضاعه للبرامج التأهيلية إن استدعت الحاجة ذلك، ووضع خطط لإزالة أسباب وآثار انتهاك حقوقه، بالتنسيق مع ولي أمره أو القائم على رعايته.

تخيلوا أن هذه مادة واحدة في قانون كامل، دون أن نتطرق إلى بقية المواد، وأدوات الحماية، ودور الجهات التنفيذية الاتحادية والمحلية، إنها منظومة متماسكة وقوية تحمي الطفل، لأنه المستقبل.

محكم ومستشار قانوني

تويتر