سؤال جدلي   

تتجاوز بعض الجرائم - خصوصاً الاحتيال - حدود المنطق في بعض الأحيان، من فرط غرابتها، وسذاجة الضحايا، مثل دعوى قضائية كان ضحيتها أحد المطاعم، الذي تواصل معه محتال من خارج الدولة، وأقنعه بتوزيع أموال ووجبات على أشخاص، وهي الحالة الأولى من نوعها التي أرى فيها مطعماً يدفع نقوداً لزبائنه!

وتتفاوت الآراء حول مسؤولية الضحية عن الفخ الذي أوقع نفسه فيه، مثيرة تساؤلاً جدلياً، هل يحمي القانون المغفلين؟

النيابة الاتحادية للدولة توضح أن مقولة «القانون لا يحمي المغفلين» تعد من العبارات الشائعة المغلوطة بين أفراد المجتمع، لأن القانون يتكفل برعاية حقوق الجميع، ويجرّم ويعاقب على الأفعال التي يتم فيها الاعتداء أو الإساءة للحقوق في المجتمع.

وتوضح أن القول الصحيح هو أن الجهل بالقانون لا يعتبر عذراً، فعلى كل شخص أن يثقف نفسه لضمان حقوقه وحقوق غيره.

وما يجب أن ندركه في هذا السياق، أن هذه المقولة قصد بها في البداية، إغلاق الباب أمام محاولة بعض المتهمين التنصل من جرائمهم أو مخالفاتهم، بدعوى الجهل بالقانون، مثل شخص تجاوز السرعة على سبيل المثال، وادعى أنه لم يكن يعرف السرعة المقررة على الطريق، أو شخص عثر على مبلغ مالي واحتفظ به، وادعى أنه جهل بضرورة تسليمه للجهات المختصة!

ويعد الجهل بالقانون من الدفوع المرسلة التي لا تلتفت إليها المحكمة، وبالتالي تطلق العقوبات المنصوص عليها في لائحة الاتهام، مع إمكانية تطبيق الحد الأدنى للعقوبة حال ارتأى القاضي ذلك، وذلك وفق المادة 42 من القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 في شأن العقوبات التي تنص على أنه «لا يعتبر الجهل بأحكام هذا القانون عذراً»، وتنص المادة 43 على أنه «يسأل الجاني عن الجريمة، سواء ارتكبها عمداً أم خطأ»، ما لم يشترط القانون العمد صراحة.

ولاشك في أن أجهزة إنفاذ القانون بدول عدة لا تتعامل بجدية كافية مع البلاغات التي يتعرض أصحابها لجرائم بسبب سذاجتهم، لكن يختلف الوضع كلياً في دولة الإمارات، وهذا بالتأكيد أحد أبرز أسباب حالة الحب الفريدة التي يكنها سكانها وزوارها إليها، فالأمان متوافر إلى أقصى الحدود، والاهتمام ببلاغات الناس وشكاواهم محل أولوية من جميع الأجهزة، لكن في النهاية يتعين علينا تحصين أنفسنا بالحرص، حتى لا نصنف على الأقل من المغفلين.

محكم ومستشار قانوني

تويتر