كلاهما ضحية

ما يحدث في محيطنا التقليدي أو الافتراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يفرض على كل أب وأم الانتباه والوعي بمخاطر التنمّر.

يجب أن ندرك أنه لو لم يكن الأمر مهماً وملحاً، لما أولته الدولة كل هذا الاهتمام، بتكليف كل جهات الاختصاص التشريعية والقضائية والأمنية، والتربوية والتعليمية والصحية والنفسية، بتبنّي برامج لتجريم هذا السلوك، وردع مرتكبيه، وتوفير الدعم السريع واللازم للضحايا، بل أطلقت مواصفة إماراتية للوقاية من التنمّر صالحة للتطبيق في كل المؤسسات المخصصة للأطفال، من مدارس وأندية ومعاهد ومراكز وغيرها.

التنمّر - وفق المواصفة الإماراتية - هو الاستغلال المتعمد للقوة، الذي يتخذ أشكالاً عدة من إساءة لفظية أو جسدية أو إيحائية أو اجتماعية.

ويمكن أن يحدث من فرد ضد فرد، أو من مجموعة ضد فرد، ويكون ظلماً متكرراً مع الوقت، بهدف إيذاء الضحية أو ممارسة الضغط عليه، ويقابل ذلك عدم قدرته على الدفاع عن نفسه، لعدم تكافؤ القوة بينه وبين المتنمّر، ما يُلحق به الأذى ويُعمّق من آلامه.

ويمثل التنمّر الإلكتروني أحد ثلاثة أخطار رئيسة تهدد أطفال العالم، بحسب منظمات دولية كشفت أن ما لا يقل عن ثلثي الأطفال الذين يرتادون شبكة الإنترنت، خصوصاً من لديهم حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، يتعرضون للتنمّر بشكل أو بآخر.

والتنمّر الإلكتروني ربما يكون بكلمة عابرة أو تعليق مقتضب، على شكل الطفل أو وزنه أو مظهره، لكنه يخلّف ندوباً عميقة في نفسيته لا يدركها معظمنا بكل أسف، فيما يظل التنمّر المدرسي أحد أخطر أشكال هذا السلوك المدمر، ويعاني الضحية تأثيراته المعقدة، ومنها عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، وما يترتب على ذلك من فشل دراسي متوقع، إضافة إلى الاكتئاب والانطواء، وتدني تقديره لذاته، ومن ثم تدهور صحته النفسية والجسدية.

ما سبق قد يكون مجرد صفحة في كتاب معاناة ضحايا التنمر، فهناك أطفال وصل بهم الحال إلى الانتحار أو الشروع فيه، بعد تعرضهم لتنمّر ممنهج.

من الضروري عدم الاستخفاف بالأمر، أو اعتباره أمراً اعتيادياً بين الأقران، ويتحتم علينا الوعي بالقوانين التي تكفل عقوبات رادعة للمتنمرين، بغض النظر عن أعمارهم، في مقدمتها قانون حماية الطفل «وديمة»، وكذلك قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية.

محكم ومستشار قانوني

تويتر