احذر هذا المحتوى!

يعد المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 التشريع الثالث الذي يصدره المشرع الإماراتي بشأن مكافحة الجريمة الإلكترونية، وهذا يعكس بلا شك حرصه على مواكبة كل المستجدات في القطاع المهم، ويكفي أن نعرف أن هناك جريمة إلكترونية تقع عالمياً كل ست ثوانٍ، وأن خسائر هذه الجرائم قد تصل إلى 10.5 تريليونات دولار مع حلول عام 2025، لندرك حجم المخاطر التي يواجهها العالم من هذه الفئة من المجرمين الذين يمكنهم ارتكاب جرائمهم عن بعد وهم يختفون وراء شاشة كمبيوتر أو هاتف ذكي!

ونتناول في هذا المقال نصاً مهماً في هذا القانون الحداثي، يقرأه بعضنا دون تدبر معناه، وهو «المحتوى غير القانوني»، فالعبارة قد تبدو فضفاضة إذا طُرحت على وجه العموم، لكن تطرق إليها القانون بالشرح ضمن مادته الأولى التعريفية، ويقصد بهذا النص «المحتوى الذي يكون موضوعه إحدى الجرائم المعاقب عليها قانوناً، أو يكون من شأن نشره أو تداوله أو إعادة تداوله داخل الدولة الإضرار بأمنها أو سيادتها أو أي من مصالحها، أو الصحة العامة، أو ضمان السلم العام، أو بالعلاقات الودية للدولة مع الدول الأخرى، أو التأثير في نتائج انتخابات أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، أو المجالس الاستشارية بإمارات الدولة، أو التحريض على مشاعر العداء أو الكراهية بين مجموعة مختلفة من الأشخاص، أو انخفاض ثقة العامة في أداء أي واجب أو مهمة أو في ممارسة أي صلاحية من قبل إحدى سلطات الدولة أو أي من مؤسساتها».

ونظراً لخطورة المحتوى غير القانوني، لم يكتف المشرع بتوقيع العقوبة على من يتيحه، بل عاقب على عدم إزالته في حال طلب منه وامتنع عن ذلك، وهو ما أقرته المادة 53 من المرسوم ذاته، إذ يعاقب بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ألف درهم ولا تزيد على عشرة ملايين درهم كل من خزن أو أتاح أو نشر محتوى غير قانوني، ولم يبادر بإزالته أو منع الدخول إلى هذا المحتوى خلال المدة المحددة في الأوامر الصادرة إليه، والمنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون. وكل من امتنع عن الامتثال كلياً أو جزئياً لأحد الأوامر التي صدرت إليه والمنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون، دون عذر مقبول.

وبمزيد من التدقيق في هذا النص، ندرك تبعات التورط في نشر أو تداول المحتوى غير القانوني، خصوصاً أن خبراء ومحللين لآليات النشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي يرون أن غالبية ناشري المحتوى على هذه الشبكات لا يراجعون أنفسهم قبل التغريد أو النشر، لكنهم يفعلون ذلك بمجرد ورود الفكرة إلى أذهانهم، وهذا أمر يستدعي المراجعة، ويفرض علينا جميعاً التفكير مرتين، فالكلمة مسؤولية ويمكن أن تقود صاحبها إلى المساءلة إذا لم يتمتع بالوعي الكافي لإدراك تبعاتها.

محكم ومستشار قانوني

تويتر