آراء

حماية الوظيفة العامة من الاستغلال

يظل الحديث عن «تضارب المصالح» أمراً بالغ الأهمية، خصوصاً حين يتعلق بالموقع الوظيفي، سواء في القطاع العام أو الخاص، وقد ناقشنا زاوية واحدة فقط من هذا المبدأ القانوني في مقال سابق، تناول عدم جواز تولي المهندس الاستشاري دور المقاول أو العكس، في إطار الضمانات التي وضعها المشرع الإماراتي لحماية بيئة العمل من الاستغلال أو السعي لتحقيق مصالح شخصية.

واستكمالاً لما سبق، نجد أن المشرع حرص بشكل تفصيلي دقيق على تحصين الوظائف العامة من مثل هذه التجاوزات بسد أي ثغرة قانونية أمام اشتباك المصالح الخاصة للموظف مع وظيفته في القطاع العام.

وأكدت (المادة 71 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 11 لسنة 2008 بشأن الموارد البشرية) على ضرورة تجنب أي عمل من شأنه أن يثير شبهة وجود تضارب المصالح خلال أداء الموظف لواجباته الوظيفية.

وحرص المشرع على التطرق تفصيلياً في هذه المادة إلى حالات إرشادية لتشابك المصالح، منها الاشتراك في أية عملية أو قرار رسمي يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على نجاح متعهد أو مورد يكون من أقارب الموظف حتى الدرجة الرابعة، أو الاشتراك في أي قرار قد يؤدي إلى منح أي منافع أو أراضٍ أو تراخيص لأي من أقاربه حتى الدرجة الرابعة، أو الاشتراك في أية عملية أو قرار رسمي يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في نجاح مورد أو متعهد أو مشروع يكون الموظف شريكاً فيه بأي شكل كان، ويؤدي إلى حصوله على نسبة أو حصة أو منفعة مادية مباشرة أو غير مباشرة، أو استغلال المنصب الوظيفي، أو تسريب أي معلومات حصل عليها بحكم عمله لتحقيق أهداف معينة، أو الحصول على خدمة أو معاملة خاصة من أي جهة كانت.

وفي المقابل، وفي ظل إيمانه بأهمية الاستثمار في طاقات المجتمع وموارده البشرية، لم يجعل المشرع الوظيفة العامة قيداً يغل الموظف، إذ منح للأفراد حق العمل لدى الغير وتملك الحصص في الشركات المختلفة، مع اشتراط الموافقة الخطية المسبقة من الجهة الاتحادية بخصوص الموظف غير المواطن باستثناء الشركات المساهمة العامة، وفق اشتراطات معينة، منها أن يكون العمل خارج ساعات الدوام الرسمي، وعدم تأثير العمل الخاص سلباً على الواجبات الوظيفية أو وضع الجهة الاتحادية، وأن لا يرتبط عمله الخاص بأي شكل من الأشكال بوظيفته الرسمية ولا يؤثر أو يتأثر بها وفق المادة 72 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 11 لسنة 2008 بشأن الموارد البشرية.

وتهدف هذه المرونة المقيدة باشتراطات موضوعية إلى أمرين أساسيين، الأول، عدم اللجوء إلى العقود الصورية لممارسة الأنشطة الاقتصادية المختلفة، والثاني تحصين الوظيفة العامة وحمايتها من الاستغلال لتحقيق المصالح الخاصة، وهكذا يحمي المشرع الحق العام ومصالح الأفراد بنص قانوني بديع. 

محكم ومستشار قانوني 

تويتر