آراء

أزمة كورونا والشائعات في التشريعات الإماراتية

التزم المشرّع الإماراتي بمنهاج الشريعة الإسلامية التي نبهت إلى خطورة ترويج الأكاذيب، واعتبر الشائعات من الجرائم التي يجب محاربتها والقضاء عليها ومعاقبة مروجيها، فنصت المادة 198 مكرر من قانون العقوبات الاتحادي على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة، إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.وتكون العقوبة السجن المؤقت إذا كان الجاني من القوات المسلحة أو وزارة الداخلية أو الأجهزة الأمنية، أو إذا تحققت الأفعال المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين داخل دور العبادة أو في الأماكن الخاصة بالقوات المسلحة أو وزارة الداخلية أو الأجهزة الأمنية.

وسعى المشرع من خلال هذه النصوص إلى حماية الاستقرار الاجتماعي والحفاظ على الأمن العام للمجتمع وأفراده باعتبارها المصلحة المستهدفة من التجريم والعقاب.

واتجه المشرع الاتحادي إلى تجريم كافة صور نشر الأخبار أو البيانات أو الشائعات الكاذبة إذا كان من شأنها تكدير الأمن العام في المجتمع أو إلقاء الرعب بين الناس، أو إلحاق أي ضرر بالمصلحة العامة، ويبدو أن المشرع في هذا النص قد ساوى بين نشر الأخبار الصحيحة والشائعات الكاذبة في التجريم، لأن العبرة هنا بالأثر المترتب على نشر هذه الأخبار أو الشائعات المتمثل في الإضرار بالأمن العام للمجتمع أو أمن الأفراد أو الإضرار بأي شكل من الأشكال بالمصلحة أو الصالح العام.

كما حرص المشرع على تشديد العقوبة في بعض الحالات خصوصاً إذا وقعت الجريمة من منتسبي القوات المسلحة أو وزارة الداخلية أو الأجهزة الأمنية، أو إذا تحققت الأفعال المنصوص عليها في داخل دور العبادة أو في الأماكن الخاصة بالقوات المسلحة أو وزارة الداخلية أو الأجهزة الأمنية، إذ افترض في هؤلاء أنهم مؤتمنون على المصلحة العامة للمجتمع وأفراده وأن ما يصدر عنهم من أقوال أو أفعال له صدى وأثر كبير لدى الناس، وبمقتضى صفاتهم فإن ما يصدر عنهم يكون له من التأثير ما قد يؤدي إلى إحداث بلبلة اجتماعية أو رعب عام، وهو ما لا يقره المشرع أو يجيزه بل يعاقب عليه.

ولا يخفى على فطنة قارئ ولا على بديهة أي من المواطنين أو شركائنا في الوطن من إخواننا المقيمين أن ما تمر به البلاد والإنسانية جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها، إنما يفرض على الجميع الالتزام الأخلاقي قبل الالتزام القانوني، بأن يتوخى الحذر والدقة وألا يسعى في ظل هذه الظروف التي تمر بها الدولة وغيرها من الدول إلى أن يكون مصدراً أو حتى ناقلاً لأي خبر كاذب أو شائعة سواء على سبيل التهويل أو حتى التطمين، وأن يترك الأمر برمته للجهات المختصة القائمة على إدارة الأزمة الناشئة عن التفشي العالمي لوباء كورونا (كوفيد 19)، فهي الأقدر على تقدير عواقب الأمور والنظر في أثرها.

عميد دكتور مدير أكاديمية شرطة دبي

تويتر