آراء

اقرأ جيداً قبل أن تتكلم

الكلمة سلاح ذو حدين، إما أن تستخدم في الخير فتؤلف بين القلوب وتنزل السكينة على المتلقي، وتحل مشكلة أو تنهي خصومة، وإما أن تكون أداة شر فتفرق بين القلوب وتروع النفوس، وتثير العداوة والخصومة، خصوصاً إذا كانت في مجتمع يعتبر أنها ميثاقاً وشرفاً وعهداً.

ولاحظنا في الآونة الأخيرة أن أشخاصاً لهم حيثيات اجتماعية في محيطهم الأسري والمهني أحيلوا إلى القضاء بسبب كلمة صدرت منهم لحظة غضب، فالكلمة التي ربما كانت بسيطة في الأمس القريب حين كانت شفوية، صارت أكثر تعقيداً اليوم حين انتقلت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً عبر تطبيقات الدردشة مثل «واتس أب» لأن قارئها يحكم عليها بشكل مجرد دون أن ينظر إلى صاحبها حتى يدرك ما إذا كان يمزح أو ينطقها بشكل عفوي دون أن يتعمد الإساءة، أو دون أن يسمعها مباشرة من قائلها، حتى يحكم على ظروف النطق بها.

لكنها كما أشرنا صارت مجردة، وتأثيرها ممتد في ظل إمكانية إعادة قراءتها مرة ومرتين وعشرة، لتثير الضغينة أكثر وأكثر، لدرجة أن هناك قضايا طرفاها أشقاء أو أقارب تربطهم صلة دم، أو أصدقاء كانت تجمعهم العشرة الطيبة والمودة والألفة.

ومن أحدث القضايا في هذا السياق دعوى أقامها شخص ضد صديقه بسبب نقاش حول مباراة كرة قدم في الدوري المحلي، وتصاعد الموقف بينهما إلى حد السب والتهديد بالقتل، وكان من الممكن أن يمر الأمر مرور الكرام، لو أن المتهم وجهها للمجني عليه شفوياً، فغضب الأخير قليلاً ثم عاتب وسامح لاحقاً لكنه وثّق الإساءة وفتح بلاغاً وجر الآخر إلى القضاء، ليحاكم يجناية التهديد بارتكاب جناية باستخدام شبكة معلوماتية، وجنحة السب باستخدام شبكة معلوماتية والمعاقب عليها بالمادة 1 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 1 لسنة 1987، وتعديلاته لعام 2018 ومواد أخرى من مرسوم القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

إن كثيراً من الأشخاص لا يدركون خطورة ما يتداولونه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً تطبيقات الدردشة، لأنهم يكتبون ما يقولونه عادة، غير مدركين أنهم يوثقون أدلة إدانتهم بأنفسهم، وكما يحدث ذلك في نوبات الغضب نراه كذلك في حالات المزاح.

وفي السابق كنا نلتمس العذر للذين يقعون في هذه الأخطاء بسبب حداثة العهد بشبكات التواصل الاجتماعي لكن لم يعد ذلك ممكناً الآن في ظل دراية الجميع بهذه الشبكات، ومدى ما تمثله الكلمة غير المحسوبة من خطورة عليها، خصوصاً أن مرسوم القانون 5 لسنة 2012، بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات كان جلياً ومفصلاً بحق هذا النوع من السلوكيات وتحديداً في مادته رقم 20 التي تنص على أنه يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين، وذلك باستخدام شبكة معلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات.

تويتر