آراء

قراءة ذكية للمستقبل

بخطى استراتيجية سعت دولة الإمارات لبناء قطاع صناعي قائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا، ولما كان ذلك لن يتحقق من دون المحرك الرئيس المتمثل في إيراداتها العامة، لذا كان من الضروري البحث عن وسائل تمويلية جديدة، بهدف استمرار النمو بالمعدل المرغوب فيه.

وبالتنسيق خليجياً، استقر الأمر على ‏فرض ضريبتين: الضريبة على القيمة المضافة ــ ولنا فيها حديث ــ والضريبة الانتقائية المفروضة بالقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2017 (المعمول به من 1 أكتوبر 2017)، وهي مبلغ مالي يوَّرد ‏للهيئة الاتحادية للضرائب عند قيام الشخص بنشاط إنتاج أو استيراد أو تخزين أو الإفراج عن سلع انتقاها المشرع ‏الإماراتي، بهدف الحد من استهلاك السلع الآتية: التبغ ومنتجاته 100% من قيمة السلعة، المشروبات الغازية 50%، مشروبات الطاقة 100%.

ونظراً لحداثة الضريبة بدول المجلس، ولكونها ترتبط بدخل المستثمر والمنتج وأرباحهما، كان لابد من بيان دوافع الدولة لفرض تلك الضريبة، وبيان حقيقة آثارها ‏على الاقتصاد الإماراتي ومعدلات النمو، وهل هي أداه تمويلية أم تنحصر وظيفتها في المحافظة على الصحة العامة والبيئة، وهل تخدم فعلياً اتجاه ‏الدولة نحو تغيير هيكلها الاقتصادي من ريعي خدمي إلى صناعي، وهل ستؤثر سلباً في جذب رأس المال الأجنبي؟

الحقيقة: أثبتت التجارب عدم كفاية مصادر تمويل الموازنة العامة التقليدية لمستقبل التنمية المستدامة، وبالتالي ظهرت حاجة الدولة لآليات عصرية للتمويل، وقد كانت تلك الضريبة الآلية المناسبة للآتي:

1. ‏مصدر دخل جديد لإيرادات الدولة، وتنويع مصادر تمويل تلك الإيرادات، حيث فُرِضَت على عدد كبير تجاوز 13 ألفاً و500 سلعة، الأمر الذي يؤدي إلى ضخ موارد إضافية ومهمة إلى ‏الموازنة، ما يحقق نوعاً من التوازن بين الإيرادات والنفقات العامة.‏

2. أداة لتوجيه المستثمرين (أصحاب القرارات الإنتاجية) نحو تحقيق استراتيجية الدولة الصناعية لعام 2030، فارتفاع ‏أثمان تلك ‏السلع بمعدل الضريبة يقلل الطلب عليها، فيزيد المعروض منها، فينخفض إنتاجها ليقل ربح منتجيها، فيقل حافزهم الإنتاجي، ‏لتخرج بذلك ‏استثمارات من سوق إنتاج تلك السلع، وتمنع استثمارات أخرى من الدخول لانعدام الحافز الإنتاجي، ولتوجه تلك ‏الاستثمارات إلى ‏القطاع الصناعي، لدفع عجلة التنمية، ودعم عملية التحول إلى القطاع الصناعي كهدف استراتيجي للدولة.‏

3. ‏تعمل على الاستغلال الأمثل للموارد، فالمال الموجه لاستهلاك تلك السلع قوة شرائية زائدة غير مستغلة ومهدرة وغير ‏مستفاد منها، لذا ‏لابد من امتصاصها في السوق لاستغلالها الاستغلال الأمثل بإدخالها في النفقات العامة للدولة.‏

وللحديث بقية.

تويتر