آراء

الأمان الوظيفي

العدل مبدأ شامل يطال جميع مناحي الحياة، ومن عظمته سمى الله به نفسه، وجعله صفة من صفاته، وأمر به في كتابه الكريم، وحذّر من الظلم وعواقبه الوخيمة، لأن فقدان العدل يعني إهدار الحقوق، وخراب الأمة، وتحطيم طموحاتها وآمالها.

ومن مبادئ العدل أن يشعر الإنسان بالأمان في وظيفته التي يؤمّن من خلالها احتياجاته الأساسية، خصوصاً لو كان مواطناً إماراتياً يجتهد في عمله، ويحاول إثبات نفسه.

لقد تشرفت بأن أكون وكيلاً لأربعة مواطنين فصلوا أخيراً من شركة خاصة بشكل جماعي ومفاجئ، من بينهم حاصلة على ماجستير مع مرتبة الشرف، وأخرى لم تتعرض مرة واحدة خلال مسيرتها المهنية للنقد أو اللوم على مدار خمس سنوات، بل إنها كانت تحرص على تأكيد جدارة المواطن بالعمل دون شكوى أو ملل، ولم تشكُ أو تتذمر، رغم أن راتبها كان أدنى كثيراً من راتب زملائها الآخرين الذين في مستواها الدراسي والمهني أو من هم أدنى منها، مقتنعة بأن تحسن أوضاع زملائها وزيادة رواتبهم يعزز الثقة بمستقبل الشركة، وأن نصيبها من الترقية آتٍ دون شك، لكن بدلاً من ذلك أنهت الشركة خدماتها مع أربعة آخرين، بشكل تعسفي مهين لا يتوافق كلياً مع القوانين.

إن ولي الأمر حرص على تأكيد حق المواطن بالدستور والقوانين والضوابط في معاملة كريمة وأولوية في العمل، طالما كان جديراً بذلك، لكن للأسف يلتف البعض على ذلك، ويضربون عرض الحائط بضوابط إنهاء خدمة المواطنين، ويتخذون هذه الخطوات في غيبة عن الشرعية، وبطريقة مستفزة، تكرس الشعور بالإحباط لدى الموظف، وتفقده ثقته بنفسه وإحساسه بمكانته وقيمه الإنسانية والمهنية والعلمية.

نحن كرجال قانون ومحامين نثني وننوه بدور القضاء في إيقاف التعدي الصارخ من قبل البعض في هذه القضية وغيرها، وعدم مبالاتهم بقانون العمل، أو العقد المبرم مع الموظفين، وتحديداً في ما يتعلق بانتهاك القرار الوزاري رقم 176 لسنة 2009 فيما يتعلق بضوابط إنهاء خدمة المواطنين العاملين في القطاع الخاص.

ويجب الإشارة هنا إلى أن دستور البلاد يؤكد في مادته رقم 26 من الباب الثالث «الحريات والحقوق والواجبات العامة»، على أن الحرية الشخصية مكفولة لجميع المواطنين، ولا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه إلا وفق أحكام القانون، ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو المعاملة الخاصة بالكرامة، وهذا هو العدل في أبهى صوره، لأن كرامة الإنسان ترتبط بشكل مباشر بكيفية معاملته في مكان عمله، وتمتد إلى طريقة إنهاء خدماته التي يجب أن تتم بصورة إنسانية، تعزز السمعة الجيدة التي تحافظ عليها الدولة في هذا الجانب في ما يتعلق بجميع العاملين من جميع الجنسيات، وفي مقدمتهم مواطنو الدولة بالطبع.

القانون أنصف المواطنين الأربعة في هذه القضية، لأنهم أصحاب حق، تظلهم العدالة بظلالها، لكن هناك حاجة لإجراءات أكثر صرامة ضد كل من يتصرف حيالهم بهذا التعسف.


كرامة الإنسان ترتبط بشكل مباشر بكيفية  معاملته في مكان عمله.

تويتر