قاطع شقيقه المدمن 7 سنوات تفادياً لتأثيره.. وأعاده صديق سابق

ابتزاز عاطفي يؤدي إلى انتكاسة مدمن بعد 9 سنوات من التعافي

صورة

بعد نحو تسع سنوات من التعافي، أثبت خلالها صلابة وإرادة قوية ضد كل المغريات والمحفزات التي يمكن أن تسبب له انتكاسة، لدرجة أنه قاطع شقيقه المدمن سبع سنوات، حتى لا يؤثر عليه، فكان يزور أمه في أوقات لا يتواجد خلالها أخوه، حتى حضر إحدى الجلسات والتقى مع صديق سابق من المدمنين، وبعد خروجهما، طلب منه صديقه الجلوس معه دقيقتين في السيارة.

قاوم الفكرة قدر استطاعته لكن صديقه ابتزه عاطفياً، حتى وافق، ثم وسوس له مجدداً، فرفض الخضوع، لكن الشيطان لم يستسلم وأعطى له حبة مخدرة وتركه يقرر، وبعد أن غادر إلى سيارته بكى ثم ضعف وعاد إلى التعاطي، لينتكس بعد فترة يعتبرها المختصون مثالية من التعافي.

والقصة يرويها استشاري العلاج النفسي في المستشفى القاسمي، الدكتور جاسم محمد المرزوقي، خلال جلسة حوارية أدارها مدير مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، العقيد عبدالله الخياط، ضمن المؤتمر الدولي لمكافحة المخدرات بالقمة الشرطية العالمية، موضحاً أن هناك خمسة مثيرات رئيسة يمكن أن تقود إلى الانتكاسة، تتمثل في الأماكن والأشخاص والأشياء والأوقات والمشاعر.

ويقول المرزوقي إن هذه المثيرات ترتبط دائماً بالقناعات الشخصية أو المبررات التي يخلقها مريض الإدمان لنفسه حتى يعود إلى التعاطي مجدداً، وهنا يأتي دور العلاج النفسي في تصحيح هذه المفاهيم، وإضعاف هذه المبررات ضمن برنامج التعافي.

وأوضح أن المثير الأول يتعلق بالأماكن إذ إن هناك ارتباطاً بين المدمن وأماكن بعينها يشعر خلالها بالرغبة في التعاطي، مثل الحانات والأندية الليلية أو منزل جار أو صديق مدمن، أو أوكار المروجين، أو بؤرة معينة كان يتجمع فيها مع أصدقائه، ومن ثم يجب العمل على إضعاف هذه الرابطة العاطفية بين المدمن الذي يخضع للعلاج وهذه الأماكن.

أمّا الأشخاص فتتمثل في صديق سوء، أو مروج، أو يكون السبب في الإدمان أو الانتكاسة فقدان شخص مؤثر في حياته أو غيابه، مثل الأم أو الأب أو أي إنسان تربطه به علاقة وطيدة.

وأشار المرزوقي إلى أن من الحالات البارزة التي تعكس خطورة الأشخاص على مريض الإدمان بعد تعافيه، حالة شاب تمكن من الإقلاع عن التعاطي واستمر نحو تسع سنوات بعيداً عن هذه السموم، متحلياً بقدر كبير من القوة والعزيمة، لدرجة أنه ابتعد عن الأشخاص الذين قد يضعفون إرادته، ومن بينهم شقيقه المدمن، إذ تجنب لقاءه قرابة سبع سنوات، حتى إنه كان يختار الأوقات التي يزور فيها أمه حتى لا يقابله في منزلها.

ويتابع أن الوضع استمر على هذه النحو إلى أن حضر جلسة علاجية قابل خلالها صديقاً سابقاً له، كانا يتعاطيان معاً، وهنا تظهر خطورة الأشخاص، إذ وقف معه قليلاً بعد انتهاء الجلسة، ثم طلب منه الجلوس معه بعض الوقت في سيارته، فحاول الاعتذار متخوفاً من تبعات قضاء فترة أطول مع ذاك الشخص، لكن صديقه ابتزه عاطفياً، حتى خضع ووافق على مرافقته.

وأوضح المرزوقي أن هذا الشاب حكى ما حدث معه مصدوماً مما حدث، مبيناً أن صديق السوء أخرج له حبة مخدرة، وطلب منه تعاطيها لكنه رفض، فلم ييأس وقال له «احتفظ بها، وإذا لم تتعاطها يمكنك رميها»، وأخذ الشاب الحبة، وبكى لمدة ساعة كاملة، بسبب الصراع الداخلي حول ما إذا كان يجب أن يرمي الحبة أم يتعاطاها، وخضع في النهاية، لتكون نقطة عودة إلى طريق مدمر.

وتابع المرزوقي أن من المثيرات التي تكون سبباً في التعاطي أو الانتكاسة كذلك، الأشياء مثل الأموال، وماكينة الصراف الآلي، والهاتف، وبعض أنواع الموسيقى التي تزيد الشغف لدى المدمن إلى تعاطي المخدرات، أما الأوقات فتتمثل في في فترات الفراغ، والعطلات، التي يعاني فيها المدمن حالة وحدة فيبحث عن مصدر للإلهاء.

وأخيراً تظل المشاعر من المثيرات الرئيسة لمريض الإدمان، فتزيد فرص انتكاسته عند حالات الاضطراب، والاكتئاب والقلق، لذا من الضروري أن يحظى بدعم كافٍ في هذه الظروف، مؤكداً أن نمط الحياة له علاقة رئيسة بأسباب الانتكاسة، لذا من الضروري العمل على تغيير قناعات مريض الإدمان، وفهمه فسيولوجياً ونفسياً، والعمل على عدم النظر إليه باعتباره مجرماً، مثلما يفعل كثيرون من المحيطين.

وشرح أن علاج مريض الإدمان لا ينتهي باستخراج السموم من جسمه، فهذه أسهل مرحلة في رحلة العلاج، وتستغرق عادة من ثلاثة إلى أربعة أسابيع، لكن المرحلة الأهم تتمثل في إكسابه المهارات المعرفية والنفسية في كيفية التعامل مع المثيرات، ورفض أي مغريات تواجهه والتعامل معها بقوة وذكاء.

وقال المرزوقي إن هناك جوانب معرفية بالغة الأهمية يجب أن يدركها مريض الإدمان، أهمها أنه يتولّد لديه شعور قوي بعد التعافي بأنه تجاوز الأزمة وصار بطلاً، فيتطوّع للمساعدة في إنقاذ الآخرين، وهذا كفيل بانتكاسته لأنه يلتقي أشخاصاً يمثلون خطورة عليه، موضحاً أن التعافي الحقيقي يستغرق سنوات طويلة، لذا لا يجب أن يدعي البطولة، بل يتحتم عليه التحلي بالحذر، وتجنب مساعدة أي مدمن آخر.

ويوضح أن علاج الإدمان يفرض ضرورة فهم نفسية المدمن، والعودة إلى العوامل التي أدت إلى سقوطه في فخ التعاطي، لأن هذه العوامل تدفعه إلى تغيير نمط حياته من واقع إيجابي سليم، لحياة بائسة يقع خلالها أسيراً لنمط سلبي.

السقوط في فخ الإدمان

أفاد استشاري العلاج النفسي في المستشفى القاسمي، الدكتور جاسم محمد المرزوقي، بأنه من الناحية الطبية هناك أسباب أو عوامل تدفع إلى الإدمان مثل المعاناة من حالة نفسية سيئة بسبب فقدان عزيز، أو خسارة وظيفة أو مشروع تجاري، وهنا يتولّد المبرر الذي يؤدي إلى الخلل الفكري، ويجعل التعاطي وسيلة للهروب.

وتابع أنه بعد مرحلة السقوط في فخ الإدمان، يتطوّر الأمر إلى الأسوأ، فتزداد كمية المخدرات التي يتعاطاها ثم تؤثر في خلايا المخ، والكيمياء التي تتحكم في وظائفه، فيفقد المريض قدرته على التحكم في ذاته، ويصبح المخدر وسيلة لتحقيق التوازن المفقود، ومعوضاً للهرمونات التي يتوقف الجسم عن إنتاجها بشكل طبيعي.

وأشار إلى أن التعاطي يمنح المريض شعوراً زائفاً بالنشوة، وبعد فترة تصبح المخدرات جزءاً من الجهاز العصبي، وبدلاً من أن تكون وجبة لذيذة أو رحلة، أو جلوساً آمناً في المنزل من أسباب السعادة، وبمثابة مكافأة على ما يبذله الإنسان من جهد يومي، يطرأ خلل على نظام المكافأة ويلجأ مريض الإدمان إلى زيادة الجرعة لتعويض ذلك، وقد يدفعه ذلك إلى ارتكاب جرائم خطرة حتى يمكن أن يوفّر المخدرات لأنه مدفوع برغبة قهرية لتلبية متطلبات التوازن الداخلي.

جاسم المرزوقي:

«5 مثيرات رئيسة تؤدي إلى انتكاسة المتعافين من المخدرات».

تويتر