«تنظيم الإعلام» طالب بإجراءات ضد أصحاب المحتوى المبلغ عنهم

شكاوى من مخاطـر لـ «تيك توك» على الأطفال.. ومطالب بـ «برامج مراقبة أبوية»

صورة

شكا أولياء أمور، مخاطر تطبيق «تيك توك» على الأطفال، مؤكدين أن أطفالهم أصبحوا يقلدون حركات ومقاطع تُعرض على التطبيق، وتنتشر على نطاق واسع، قد تسبب لهم أضراراً. فيما أكد مسؤولون وخبراء لـ«الإمارات اليوم»، أن تطبيقاً مثل «تيك توك» يتساهل بشكل أكبر من بقية التطبيقات في تقديم محتوى سلبي، داعين الشركات المالكة لمثل تلك التطبيقات وشركات الاتصالات لإتاحة برمجيات رقابة والدية على الأبناء. ومع تصاعد الشكاوى من المحتوى السلبي لـ«تيك توك» عقد مكتب تنظيم الإعلام، اجتماعاً مع مسؤولين في شركة «تيك توك»، لمناقشة تشجيع نشر المحتوى الإيجابي على المنصة، وانتهى إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق أصحاب المحتوى الذين يتم الإبلاغ عنهم، والتي تصل إلى إغلاق الحساب نهائياً. وتفصيلاً، قالت ولية أمر، نهى ناهض، إن تلك السلوكيات الدخيلة والمرفوضة اجتماعياً تسهم في خلق جيل لا يدرك معاني احترام الخصوصية، كما يسرق تلقائية الأطفال وعفويتهم، ويحولهم إلى شخصيات مصطنعة تجيد التمثيل في المواقف، وتتحول حياتهم لمجرد لقطات تمثيلية لحصد الإعجابات وزيادة عدد المتابعين، لذلك ينبغي وضع قوانين تحاكم الآباء الذين يستغلون براءة أطفالهم لتحقيق الربح المادي على تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة.

وأكدت أن ما ينشر على تطبيق مثل «تيك توك» وغيره من التطبيقات الرقمية تؤذي الطفل وتدفعه إلى اتباع سلوكيات مرفوضة، نتيجة «التقليد» المستمر لمشاهد وتصرفات وسلوكيات تتاح للأطفال عبر تلك البرامج من دون رقابة.

واستنكرت ولية أمر، موزة عبدالله المزروعي، ميل الأطفال لتقليد حركات ومقاطع تُعرض ويتم تصويرها في «إنستغرام» أو «تيك توك»، وللأسف تنتشر على نطاق واسع، ما يمكن أن يكون فيه ضرر على الأطفال، وحتى أولياء أمورهم، مطالبة بضرورة تحكم أولياء الأمور في هذه البرامج، ويمكن أن يكون الاستغناء عنها أفضل، لأن مصلحة الأبناء تكون في المقام الأول.

وأضافت: «كلنا نعلم أن التكنولوجيا مهمة جداً في عصرنا، ومن الصعب أن نبعد أطفالنا عنها، لأنهم يدرسون عن طريقها، لكن لابد لولي الأمر من أن يكون لديه وعي كاف عن البرامج المتاحة التي يمكن استخدامها، وعن طريقة استخدامها، وعن البرامج غير المناسبة للأطفال».

وقال ولي أمر، محمد السيد، إنه يفاجأ بشكل مستمر بعبارات وتصرفات يقوم بها أطفاله، وحينما يسأل عن مصدرها، تكون الإجابة: من «تيك توك»، مشيراً إلى أن الأطفال لا يدرون ماذا يتلقون، ولكن هنا لابد أن يكون للآباء دور رئيس في متابعة أطفالهم وتوجيههم بالشكل السليم، وهو ما بدأ يقوم به بالفعل بالتعاون مع والدتهم، مطالباً شركات التطبيقات بتوفير برامج تتيح للوالدين تكثيف الرقابة على الأبناء ومتابعتهم بشكل أكبر.

من جانبها، قالت المستشارة التربوية والمرشدة النفسية والسلوكية، الدكتورة بدرية الظنحاني، إن استخدام أي شبكة اجتماعية بالطبع محفوف بالمخاطر، ولكن من الممكن للأطفال استخدام التطبيق بأمان تحت إشراف الكبار.

وأضافت: «تطبيق (تيك توك) أصبح حقاً وباء اجتماعياً وتلوثاً سمعياً وبصرياً مملوءاً بمزيج من التمثيل والاصطناع يجذب الأطفال والمراهقين والكبار على حد سواء»، مؤكدة أن الخطأ ليس من البرنامج، ولكن من الأشخاص الذين يستخدمونه بدرجة تدعو للاشمئزاز والحزن على أولادنا على نطاق واسع.

ورأت أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو استخدامها بشكل خطأ يتسبب في كثير من الأضرار منها النفسية والاجتماعية والصحية، إذ تأتي المخاطر العديدة خاصة للذين لا يشعرون بدفء أسري أو رقابة، وبالتالي يجري إسقاط فراغهم النفسي والعاطفي بالتطبيق ومن ثم المحاكاة والتقليد.

وأوضحت أن الحل الأمثل والمنطقي يكمن في تأسيس سليم لأبنائنا، من الناحية الدينية والأخلاقية، لافتة إلى أن التوعية لها دور فعّال لعملية التقويم للحد من أضرار «تيك توك»، الذي يمكن لأي من مؤسسات الدولة القيام بها كالمدارس أو الجامعات، حيث تعتبر هاتان المؤسستان سلاحاً قوياً لتعديل سلوكيات الشباب والأطفال وسيرهم على نهج جيد.

بدوره، قال عضو المجلس الوطني الاتحادي، ضرار بالهول الفلاسي، إن ما نراه من تطور التكنولوجيا فرصة جيدة للتواصل البشري، ونقل المعلومات وتبادل الخبرات والنجاح الاقتصادي المبني على السرعة والتواصل والإنجاز، لذلك من الضروري أن نضع في الحسبان أن تلك التكنولوجيا إنما هي ‏سلاح ذو حدين، ويمكننا الاستفادة منها بشكل كبير أو الانجرار وراء ما هو غير مفيد.

وأكد أنه من الضروري للكبار قبل الصغار أن ‏يفهموا آلية عمل تلك الوسائل واستخداماتها والآداب العامة وطرق التواصل، أما فيما يخص الأطفال، فلابد أن تكون لدينا رقابة عليهم في استخدام تلك الوسائل بلا تحديد، لأن التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال المختلفة، قد تحوي ملايين الفيديوهات، منها النافع والضار، ‏والرقابة الذاتية مهمة جداً ‏للفرد والمجتمع، كونها تحمي الفرد، وتبعده عن الشبهات.

وعن المطالبات التي تصاعدت أخيراً بإغلاق «تيك توك»، قال الفلاسي: ‏«من وجهة نظري، لا أتفق مع المطالبة بإغلاق أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، كونها في الأصل وسيلة لتسهيل التواصل واختصار المسافات والوصول إلى المحتوى من كل أنحاء العالم، لذلك لا يمكننا حصر المشكلة في الوسيلة نفسها، بل الرقابة الذاتية في مستخدمي تلك الوسائل، وتعزيز المسؤولية الوطنية لديهم، وحسّ المسؤولية النابع من الإيمان الخالص بأن كل فرد في هذا المجتمع هو جزء من هذا الوطن، وعليه واجبات وله الحقوق، والوطن له حق كبير عليه في حفظه وتمثيله أفضل تمثيل».

من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية الطفل، المستشار فيصل الشمري، أن ضوابط استخدام الإنترنت يمكن مقارنتها مقارنة معيارية مع ترخيص قيادة المركبات، فالقانون حدّد سنّاً معينة للقيادة، والأمر نفسه يجب أن يتم بالنسبة لاستخدام الإنترنت، مثلما يتم في الولايات المتحدة، حيث تم تحديد سن 13 عاماً لاستخدام «فيس بوك»، وهو ما لا يحدث في الدول العربية.

وقال الشمري: «يجب أن تكون هناك رقابة لولي الأمر أو موافقة منه، لكن ذلك غير موجود لأسباب عدة، منها: غياب التواصل بين أولياء الأمور وأبنائهم، أو الرقابة الوالدية التقليدية عليهم، وكذلك عدم مطالبة الجهات المعنية لشركات التواصل الاجتماعي في الدولة بوضع ضوابط في هذا الشأن، فالضوابط تُطلب بعد ظهور السلبيات وانتشارها لا بشكل استباقي، وعدم تمكين شركات الاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت أولياء الأمور بأدوات وتطبيقات الرقابة أو تنظيم استخدام أبنائهم الإنترنت، وأيضاً غياب الوعي المجتمعي ومحدودية برامج ومواد التوعية التقنية المتخصصة».

وأكد الشمري أن الحل ليس في المنع، مثلما نادى كثيرون ضد تطبيقات معينة، لأن إجراءات السلامة مُركّبة، ومن ثم فعلى كل شخص أن يتحمل مسؤوليته، مطالباً بألا تكون الإجراءات مبنية على ردود أفعال، ولكن بشكل استباقي مثلما حدث مع تطبيق التواصل (BBM) من إجراءات شملت إلزام الشركة تسليم مفاتيح التشفير، وآليات طلب بيانات المسيئين أو المشبوهين.

وتابع: «فهذه الشركات لن تتعاون دون وجود لوائح وغرامات وعقوبات واضحة، وإلزامها وضع برامج توعية نوعية أسوة بما أطلقته في دول أخرى، وحجب المحتوى المسيء وتصنيفه تحت طائلة القانون، وبغير ذلك لن تكلف نفسها عناء الرقابة أو الفلترة أو حتى التوعية».

من جانبه، قال مستشار في أمن المعلومات والتواصل الاجتماعي، الدكتور معتز كوكش: «للأسف الشديد هناك فارق بين الحريات و(الوقاحة).. فاستخدام تطبيقات مثل (تيك توك) من قِبل بعض المؤثرين ارتقى إلى حد (الوقاحة المطلقة)، إذ تحول هؤلاء من مؤثرين إلى هدّامين، تحت قناع حرية التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي».

وأضاف كوكش: «علينا اليوم أن نقف ونتصدى إلى هذه السموم التي يطلقها البعض في هذه المنصات، والتي تتنافى تماماً مع قيمنا المجتمعية والنسيج العائلي»، لافتاً إلى أنه من الناحية التقنية نجد أن تطبيق «تيك توك» يتساهل بشكل أكبر من التطبيقات الأخرى في تمرير محتوى لا أخلاقي، ما ساعد على انتشار ظواهر سلبية عند البعض، والضحية الأكبر هنا هم الأطفال والمراهقون الذين يشكّلون الجزء الأكبر من جمهور التطبيق.

يذكر أن المدير التنفيذي لمكتب تنظيم الإعلام، الدكتور راشد النعيمي، عقد اجتماعاً مع رئيس الفريق الدولي لسياسة المنتجات في شركة «تيك توك»، جولي دي بيليينكورت، لمناقشة تشجيع نشر المحتوى الإيجابي على المنصة، وتعزيز آليات تطبيق معايير المحتوى الإعلامي المعمول بها في الدولة، على جميع ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي.

وأكد الجانبان ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق أصحاب المحتوى الذين يتم الإبلاغ عنهم، والتي تصل إلى إغلاق الحساب نهائياً، وهو الأمر الذي سيسهم في الحد من التجاوزات، والوصول إلى المخالفين، وإحالتهم إلى الجهات المختصة بالدولة.


أولياء أمور:

• «الأطفال يميلون إلى تقليد حركات ومقاطع تعرض عبر التطبيق، ما يضرهم وأسرهم».

خبراء:

• «الحل ليس في المنع، بل في وضع عقوبات، وبرامج توعية، وحجب المحتوى المسيء».


تأثير سلبي في النسيج المجتمعي

رأى مؤسس مبادرة «جدارا المجتمعية» وسفير النوايا الحسنة فرج العمري، أن تطبيق «تيك توك» تجاوز المستخدمين وتساهل معهم، من حيث جودة المحتوى، على عكس بقية التطبيقات مثل «فيس بوك» و«إنستغرام»، فاختلط الحابل بالنابل، وانتشر محتوى كبير لا أخلاقي، ومخالف لقيمنا المجتمعية. وأوضح أن مثل هذا المحتوى يؤثر سلباً في النسيج المجتمعي وفي الأطفال الذين حاز استخدامهم هذا التطبيق نصيب الأسد، داعياً أولياء الأمور إلى مراقبة أطفالهم، وقضاء أوقات أكبر معهم، وشرح ما يحتويه هذا التطبيق من محتوى غير ملائم، كما طالب هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الدولة باتخاذ إجراء فوري للسيطرة على هذه الظاهرة السلبية.

تويتر