بروتوكول متطوّر لإفادات الأطفال تطبّقه شرطة دبي

خبراء مواطنون يحسمون قضايا جنائية معقدة بأساليب مبتكرة

صورة

طوّرت إدارة علم الجريمة، بالإدارة العامة للأدلة الجنائية بشرطة دبي، أساليب مبتكرة لتحديد المتهمين وحصر دائرة الاشتباه في الأشخاص ذوي الصلة بالجرائم، وإجراء المقابلات مع الضحايا، خصوصاً الفئات الضعيفة من النساء والأطفال، والشهود، بالإضافة إلى المتهمين، للتأكد من درجة الوعي والإدراك وقدرة الذاكرة على استعادة الأحداث بدقة حين وقعت الجريمة.

وقال مدير إدارة علم النفس الجنائي بالوكالة رئيس قسم علم النفس الجنائي، النقيب خبير مساعد محمد سليمان، لـ«الإمارات اليوم»، إن هذه الأساليب تشمل بصمة الذاكرة التي تصل درجة دقتها إلى 99%، وأسهمت في كشف غموض جريمة قتل، بالإضافة إلى اختبارات نفسية واختبارات ذاكرة متطورة تساعد على تحقيق دقة الإفادة والحالة العقلية للمتهمين.

وكشف أن هذه الاختبارات أسهمت في حلّ كثير من القضايا، منها وفاة طفلة في الخامسة متأثرة باعتداءات زوجة أبيها عليها، وقيام خادمة بخنق وليدها بعد الولادة مباشرة، وكثير من القضايا الأخرى.

وتفصيلاً، قال النقيب محمد سليمان إن إدارة علم الجريمة تتكون من ثلاثة أقسام، أولها قسم تحليل السلوك والشخصية، الذي يتولى مهام متنوعة ومهمة، منها الإعداد المسبق للمقابلات مع أطراف القضية، وذلك من خلال التحليل غير المباشر لسلوك الشخص، من خلال معلومات يجمعها عبر النظام الجنائي الموحد أو نشاطه على شبكات التواصل، ومصادر أخرى، ثم يضع فرضيات معينة ويضع أسئلة المقابلة، لضمان الحصول على نسبة عالية من الدقة.

وأفاد بأن القسم يستخدم تقنية متطورة للتأكد من تورط المتهمين في الجرائم المختلفة، وهي «بصمة الذاكرة» عبر استخدام جهاز تحليل ذكي مُتخصص يقيس نسبة ارتفاع الموجات الدماغية عند مشاهدة المشتبه فيه للأدوات المستخدمة في ارتكاب الجريمة أو مكان وقوعها، ويقدم تحليلاً دقيقاً حول مدى وجود هذه الأدوات في ذاكرته.

ولفت إلى أن تطبيق هذا النوع من البصمات يعتمد بشكل مباشر على علم النفس، موضحاً أن ذاكرة الشخص تُخزن الأحداث والتفاصيل الحياتية والتجارب فيها، وعند ظهورها أمامه مرة أخرى يتحفز الدماغ ويصدر موجات نتيجة استعادته لهذه الأحداث، وبالتالي يمكن قياس مدى معرفة الشخص للأحدث من خلال قياس هذه الموجات التي تعُرف باسم «P300».

وأضاف أن شرطة دبي قامت، أخيراً، بتحديث جهاز قراءة بصمة الذاكرة بالتعاون مع الشركة المصنّعة، ليصبح أكثر مرونة وسهولة في الاستخدام.

وقال سليمان إن قسم تحليل السلوك والشخصية يمارس كذلك ما يعرف باسم «التشريح النفسي» للأشخاص الذين اقدموا على الانتحار، وذلك لتحديد الأسباب وإعادة بناء الحالة النفسية التي أدت إلى قيام الشخص بذلك.

وأضاف أن القسم الثاني بالإدارة هو قسم علم النفس الجنائي، الذي يتولى إعداد التقارير النفسية للمتهمين وبقية أطراف القضايا، للتأكد من درجة الوعي والإدراك عند ارتكاب الجريمة، لافتاً إلى أن خبراء علم النفس الجنائي يتميزون عن غيرهم بامتلاك الخبرة في تخصصين مختلفين، الأول علم النفس والثاني الجانب الجنائي.

وأشار إلى أن هناك تعاوناً وثيقاً بين القسم والجهات القضائية، خصوصاً النيابة العامة التي تطلب عادة التأكد من دقة إفادة الشخص، لذا نتولى من جانبنا تقييم الإدراك والقدرات العقلية، وحسم مسألة ادعاء الجنون.

وأوضح أن القسم يولي اهتماماً خاصاً بالأطفال، فيطبق بروتوكولاً علمياً متطوراً في تدوين إفاداتهم، لافتاً إلى أن من القضايا المهمة ذات الصلة التي حسمها القسم، قضية اعتداء على طفلة في الخامسة أفضى إلى موتها.

وشرح أن هذه القضية خلت من الآثار المادية، وكان لدينا فقط شهود هم شقيقتا الطفلة المتوفاة، وهما طفلتان في التاسعة والسابعة، بالإضافة إلى خادمة إفريقية، والأب، مشيراً إلى أن النيابة العامة طلبت التأكد من دقة إفادات الأطفال.

وتابع أن خبراء علم النفس الجنائي طبقوا بروتوكول مقابلة الأطفال على أسس علمية تراعي نفسية الطفلتين، وتضمن عدم طرح أي أسئلة إيحائية توجههما إلى إجابة بعينها، وأجريت لهما اختبارات نفسية تقيس قدراتهما العقلية، ومدى تمتعهما بذاكرة جيدة، فضلاً عن قدرتهما على التعبير لفظياً عما حدث.

وأكد أن الطفلتين كانتا دقيقتين في إفادتيهما، وشرحتا كيف كانت زوجة الأب، وهي مقيمة بالدولة، تستخدم عقاباً مبالغاً فيه حين يخطئ أحد الأطفال، فتضربه ضرباً مبرحاً وتخفي آثاره بالملابس، أو تستخدم الشطة الحارة وتغلق باب الحمام عليه لفترة طويلة، وعززت الخادمة هذه الإفادات، واعترف الأب بأنه كان على علم ببعض هذه الممارسات لكنه لم يكن يتدخل.

وأشار إلى إجراء مقابلة مع زوجة الأب المتهمة، وتأكد من خلال الاختبارات النفسية أن لديها ميولاً عدوانية وسريعة الانفعال والغضب، وتم تقديم التقرير النهائي للقضاء الذي وقع عليها عقوبة مشددة شملت السجن والإبعاد.

وتابع أن القسم تعاون كذلك مع النيابة العامة في إمارة رأس الخيمة بقضية خادمة كانت حاملاً، وأخفت ذلك عن صاحب المنزل، حتى جاءها المخاض في الحمام فولدت وخنقت الطفل بقطعة قماش ورمته في القمامة، لافتاً إلى إجراء مقابلة معها لتحديد درجة وعيها عند تنفيذ الجريمة، وما إذا كانت تعاني مرضاً نفسياً أو عقلياً أو كانت متأثرة بظروف الولادة، وتأكد من خلال الاختبارات النفسية أنها كانت واعية لكل ما تفعله ومسؤولة عن الجريمة، وتمت إدانتها.

• حلّ قضية وفاة طفلة متأثرة باعتداءات زوجة أبيها، وواقعة خنق خادمة لوليدها.


إنجازات لافتة

أفاد النقيب محمد سليمان بأن إدارة علم الجريمة تضمّ بشكل عام 10 خبراء، بواقع تسعة مواطنين وخبيرة مقيمة، ويمثل العنصر النسائي 50% من الكادر البشري، ولديه خبرة كبيرة في التعامل مع النساء والأطفال، كما يتم تأهيل ثلاثة خبراء إضافيين.

تويتر