وضع حذاءه أسفل دواسة المركبة واستلقى أمامها

«نقض أبوظبي» ترفض تعويض ورثة سائق «منتحر»

«نقض أبوظبي» أيدت حكم «الاستئناف». ■ أرشيفية

أيدت محكمة نقض أبوظبي حكماً لمحكمة الاستئناف، قضى برفض دعوى مدنية، أقامها ورثة سائق متوفى، وطالبوا بإلزام الشركة التي كان يعمل فيها بأداء الدية، وتعويضهم عن وفاته، وأكدت المحكمة أن التحقيق أثبت عدم وجود شبهة جنائية في وفاة السائق، وأنه تم ترجيح إقدامه على الانتحار.

تعود تفاصيل القضية إلى أن ورثة السائق المتوفى أقاموا دعوى قضائية على شركة للنقل والمقاولات، طالبوا فيها بإلزامها بأداء الدية، وتعويضهم عن الأضرار المادية والأدبية، والكسب الفائت مع الفائدة القانونية، مشيرين إلى أن السائق تعرض لحادث أودى بحياته، خلال عمله، نتيجة خطأ وإهمال الشركة، لعدم توفير وسائل الأمن والسلامة، وعدم منح العمال ساعات راحة في أوقات الذروة، ما أدى إلى تعرضه لنوبة من الإرهاق الشديد، ووقوعه مغشياً عليه، ثم وفاته، وأنهم أصيبوا بأضرار مادية ومعنوية، إذ فقدوا عائلهم ومورد رزقهم، ولايزال أولاد المتوفي صغاراً.

فيما أثبت تقرير البحث الجنائي عدم وجود شبهة جنائية في الوفاة، مرجحاً أن السائق أقدم على الانتحار بوضع حذائه أسفل الدواسة الخاصة بالمعدة التي كان يعمل عليها وشغلها، واستلقى أمامها بشكل طولي على مسافة قريبة، فدهسته أثناء راحة زملائه، وقضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، تأسيساً على عدم وجود خطأ من قبل الشركة، فاستأنف الورثة الحكم، وطالبوا القضاء، مجدداً، بجبر أضرارهم وتعويضهم عن كل الأضرار المادية والمعنوية، مؤكدين خطأ الشركة لعدم وجود إشراف أو رقابة أو أماكن آدمية للراحة، ما اضطر السائق لأخذ الراحة داخل المعدة، لأنها مكيفة فسقط منها حيث كان نائماً فدهسته.

وأكدوا توافر عنصر الخطأ من جهة الشركة في الإهمال، وغياب الإشراف والرقابة على العمال، وإخضاع السائق لمدة عمل طويلة ومرهقة دون راحة، وعدم إخضاعه لدورات تدريبية خاصة بقواعد الأمان والسلامة، حتى يكون في حالة إدراك كامل للخطورة المحيطة به، لافتين إلى أنه بموت مورثهم أصبحوا بلا معين وبلا عمل، وأن مورثهم وافته المنية في مكان عمله، ما يوجب التعويض.

ورفضت المحكمة الاستئناف، مؤكدة أن ترجيح إقدام السائق على الانتحار لا يوجب التعويض، وفقاً للمادة 153 من قانون العمل، والتي تنص على أن السائق لا يستحق تعويضاً عن الإصابة أو العجز، إذا ثبت من تحقيق السلطة المختصة أنه تعمد إصابة نفسه، بقصد الانتحار، أو الحصول على تعويض، أو إجازة مرضية، أو لأي سبب آخر.

وطعن الورثة على الحكم، مؤكدين أن مورثهم اضطر لأخذ راحة داخل المعدّة، فسقط منها أثناء نومه فدهسته، وأنه لا دليل يقينياً على قيامه بالانتحار، كما أكدوا استحقاق مورثهم تعويضاً، وفقاً لنص المادة 149 من قانون العمل، دون الحاجة لإثبات الخطأ بمجرد تحقق الخطر، فيما أكدت محكمة النقض أن النزاع المطروح أمامها لا يتعلق بحقوق السائق المتوفى، واقتصر أمام محكمة أول درجة على مطالبة الشركة المدعى عليها بالتعويض، استناداً إلى المسؤولية التقصيرية، دون الاستناد إلى القواعد الواردة بقانون العمل، والتي تختص بنظر المنازعات المتعلقة بها المحاكم العمالية، دون غيرها.

وأشارت إلى أن تقرير إدارة التحقيق والبحث الجنائي، الذي اطمأنت إليه المحكمة، أثبت عدم وجود شبهة جنائية، ورجح أن السائق أقدم على الانتحار، لافتة إلى أن استخلاص توافر الخطأ الموجب للمسؤولية أو نفيه، هو من الأمور الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع، بغير معقب عليه، مادام استخلاصه سائغاً، وله أصله الثابت بالأوراق، وقضت بعدم قبول الطعن، وألزمت الطاعنين بالرسم والمصروفات.

تويتر