امتنع عن رعايتهم ولم يوفر لهم المسكن الملائم والبيئة الصحية الآمنة

أب يجر أبناءه إلى تعاطي المخدرات ويعتدي بالضرب على ابنته الصغيرة

دخلت المخدرات حياة الأب، وأصبح مغيَّباً طوال الوقت، فتداعى استقرار الأسرة وسعادتها، وكان السقوط مدوياً وشاملاً، ولم يقتصر على رب الأسرة وحده، فطلّق زوجته بعد زيادة الخلافات بينهما، وجر أبناءه الشباب إلى الانحراف والتعاطي، بعد أن توقفوا عن الذهاب إلى مدارسهم، ولم يكتف بذلك، بل أهمل الصغار، واعتدى على سلامتهم الجسدية والنفسية.

التفاصيل السابقة كشفتها قضية نظرتها محكمة استئناف أبوظبي، أخيراً، إثر اتهام الأب، وهو خليجي، وثلاثة من أبنائه، بتعاطي أنواع مختلفة من المخدرات، إضافة إلى حيازة الأب وأحد أبنائه مواد مخدرة، والاعتداء على ابنته الطفلة (شقيقة الثاني)، وتعريض السلامة البدنية والنفسية والأخلاقية للأطفال المجني عليهم للخطر، بسبب إهماله لهم، وتقصيره نحوهم، بالامتناع عن القيام بشؤونهم، وتركهم دون رعاية، إذ لم يوفر لهم السكن الملائم، والبيئة الصحية الآمنة، بعد أخذ حضانتهم من والدتهم.

وقد قررت المحكمة تأجيل القضية إلى جلسة الأربعاء المقبل.

وكانت النيابة العامة أسندت إلى المتهم الأول (الأب) تهمة تعريض حياة أبنائه الثاني والثالث والرابع للخطر، بأن اعتاد تناول المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أمامهم في المنزل، ما جعلهم يسلكون طريق التعاطي، أسوة به، وقد سهل لهم ذلك.

كما اتهمته بتعريض السلامة البدنية والنفسية والأخلاقية لأبنائه الأطفال المجني عليهم (أربع سنوات، وست سنوات، و12 سنة، و14 سنة) للخطر، بسبب إهماله وتقصيره، بأن امتنع عن القيام بشؤونهم ومتابعتهم، وتركهم دون رقابة ورعاية، ولم يوفر لهم المسكن الملائم، والبيئة الصحية الآمنة، إضافة إلى تهمة حيازة مخدر الحشيش بقصد التعاطي.

ووجهت النيابة العامة إلى المتهم الثاني (الابن) تهمة حيازة مؤثرين عقليين بقصد التعاطي في غير الأحوال المرخص بها قانوناً.

كما وجهت إلى المتهمين الأول والثاني معاً (الأب والابن)، تهمة الاعتداء على السلامة البدنية للطفلة المجني عليها، وتهمة حيازة المؤثر العقلي (ميثامفيتامين) بقصد التعاطي في غير الأحوال المرخص بها قانوناً.

وحكمت محكمة أول درجة حضورياً بإدانة المتهمين بتهمة تعاطي المؤثر العقلي والحشيش، والمتهمين الأول والثاني بالحيازة، وإدانة المتهم الرابع بتهمة تعاطي المخدرات، مع وقف النطق بالحكم لمدة سنة، يوضع خلالها المتهم تحت الإشراف والقيود والمراقبة الإلكترونية، وإدانة المتهم الأول (الأب) بتهمة تعريض حياة أبنائه للخطر، والحكم عليه بالغرامة 10 آلاف درهم، وإدانته بتهمة تعريض السلامة البدنية والنفسية والأخلاقية لأطفاله، والحكم عليه بغرامة قدرها 5000 درهم، وإدانة المتهمين الأول والثاني بتهمة الاعتداء على طفلة (ابنة الأول وشقيقة الثاني)، والحكم عليهما بالغرامة 50 ألف درهم لكل منهما.

وخلال الاستئناف، أكد الدفاع عن الابن (المتهم الثاني)، المحامية هدية حماد، أن الابن، في حقيقة الأمر، مجني عليه، وقع ضحية لإهمال وعدم اهتمام والده، الذي جره جراً إلى الاتهام المنسوب إليه، مطالبة باستعمال الرأفة مع المتهم، طبقاً للمادة 42 من المرسوم بقانون 8 لسنة 2016 الخاص بتعديل قانون مكافحة المواد المخدرة، التي أجازت للمحكمة في غير حالة العودة، بدلاً من الحكم بالعقوبات، إيداع الجاني إحدى وحدات علاج الإدمان، أو أحد مراكز التأهيل، أو الغرامة التي لا تتجاوز 10 آلاف درهم.

وأشارت المحامية إلى أن المتهم هو من يقوم على مصالح إخوته الصغار، وأن ظروفه المالية لا تمكنه من سداد المبلغ المحكوم به. والتمست إلغاء الحكم المستأنف، واستعمال أقصى درجات الرأفة والرحمة معه، وإلغاء الحكم المستأنف الخاص بالاعتداء على الطفلة، لخلو الأوراق من دليل يؤكد اقتراف المتهم الفعل المنسوب إليه، إذ جاءت الأوراق خالية من تقرير طبي يؤكد واقعة الاعتداء، إضافة إلى استناد المحكمة إلى أقوال طفلة تبلغ 11 عاماً، ولا يمكن الاعتداد بشهادتها، لصغر سنها، فضلاً عن تناقض أقوالها.

ودفعت بعدم معقولية الواقعة، وتناقضها مع المنطق (بحسب وصفها)، حيث لا يتصور أن يقوم موكلها ووالده بضرب طفلة صغيرة، ولا يترك الضرب أي أثر في جسدها، مشيرة إلى أن موكلها اعتصم بالإنكار منذ بداية القضية في ما يتعلق بواقعة الاعتداء المنسوبة إليه، في حين اعترف بتعاطيه وحيازته مواد مخدرة ومؤثرات عقلية. وطالبت المحكمة بتبرئة المتهم مما أسند إليه في واقعة الاعتداء على طفلة بالضرب.

وأفاد تقرير الشرطة، في واقعة الاعتداء على الطفلة (ابنة المتهم الأول)، بضبط المتهمين الأب والابن. وبحسب ما ورد فيه، فالمتهم الثاني هو طالب في المرحلة الثانوية، ووالده هو من يجلب المواد المخدرة، ويدخنها مع أصدقائه في المنزل. كما أنه يطلب منه تدخينها، ويجبره وشقيقيه على تدخين المواد المخدرة معه. وأضاف أن والده يضربهم على أبسط الأمور.

وقال: «لا أريد أن أقطن مع والدي، أريد السكن مع والدتي، لكي نبتعد عن المواد المخدرة، إضافة إلى عدم وجود أحد في المنزل يعتني بأخواتي الصغار».

وأنكر الأب في محضر التحريات الاتهامات كافة.

واعترف المتهم الثالث بتعاطي المواد المخدرة، كما أثبت تقرير الفحص، مشيراً إلى أنه تعاطى مادة «الكريستال» التي حصل عليها من والده، وأيد أقوال شقيقه بأن والده هو من يسهل دخول المواد المخدرة إلى المنزل، وأنه لا يوفر سبل المعيشة المنزلية، مشيراً إلى وجود خلافات معه، بسبب عدم إنفاقه على المنزل أو تخصيص مصروف لهم، وعدم توفير خدم لإخوته الصغار.

وذكر المتهم الرابع أنه ضُبط متعاطياً مواد مخدرة، حصل عليها من حقيبة والده قبل ثلاثة أيام، مؤكداً أن والده هو من يسهل دخول المواد المخدرة إلى المنزل.

وكرر الأبناء الثلاثة المتهمون أقوالهم في تحقيقات النيابة، مشيرين إلى أن المواد المخدرة التي ضبطت في المنزل تعود ملكيتها إلى والدهم، الذي لا يعمل ولا ينفق على المنزل.

وأشار الأبناء إلى أن والدتهم تعطيهم ما تستطيع من أموال، عندما يشاهدونها بين فترة وأخرى. كما أن أعمامهم يحضرون إليهم احتياجات المنزل في بعض الأحيان، فيما تقوم شقيقتهم (14 عاماً) برعاية بقية أشقائهم الصغار، ويلهو شقيقهم الصغير (أربع سنوات) مع القطط، ويشاهد تعاطي والدهم المخدرات مع أصدقائه، خلال وجودها بالمدرسة، بعد أن سافرت الخادمة التي كانت تهتم به.

فيما أكدت ابنة المتهم الأول (14 سنة) أنها وشقيقتها الأصغر (12 سنة) تتحملان مسؤولية المنزل، والاعتناء بإخوانهما الصغار، ورعايتهم، وتنظيف المنزل، وغسل الملابس، وكيها، وطهو الطعام، مشيرة إلى أن والدها يشرب الخمر، ويتعاطى المخدرات. وفي حال نسيانهما عمل شيء، أو عدم وجود مستلزمات تنظيف، أو تأخر إعداد الطعام بسبب عدم إنفاقه على المنزل، يصرخ هو وشقيقها الأكبر، ويعتديان بالضرب على شقيقتها الصغرى.

محكمة أول درجة أدانت الأب وأبناءه المتهمين بتعاطي المؤثر العقلي والحشيش والحيازة


المحكمة أدانت المتهم الرابع بتهمة تعاطي المخدرات وأوقفت النطق بالحكم لسنة يوضع خلالها تحت الإشراف والقيود والمراقبة الإلكترونية.

تويتر